بيانات.. تصريحات.. مؤتمرات صحفية.. رسائل.. أولا أكيد هذا أحسن من أيام قح بم التي أكلت فيها دولتا ثورتينا العظيمتين (سبتمبر وأكتوبر)، أكبر قدر من رؤوس أكابرها في صراعات هي أكبر مسئول عما وصلنا إليه الان.. وكل واحد منكم يصفها بعد كذه حسب مايرى الحال الان، من يرى حالنا بألف خير فليعتذر من الصراعات السياسية التي يدينها أحيانا.. ومن يرى الأحوال طينة، يبطل نفخ في رماد العنف ويعتذر عن جذور الصراعات الكامنة في خطابه ومسلكه وإلا فالقادم أسوأ. لكن ثانيا، موبيننا معاشر اليمنيين؟ على مو نتضارب.. ياخلق الله دلا دلا.. مافيش معانا مايستاهل.. لا بل ليس معنا سوى الخراب، عين الخراب وأساسه.. إوبهوا حد يتذكر لي أغاني أيوب، وقصائد عبدالله عبدالوهاب نعمان "قلب أرضي لم يزل جم العطاءِ"، لأنه لولا الأردن أو ألمانيا، كان أيوب الان مجرد بيان نعي لم يوفر لعياله إيجار البيت.. لك طول العمر يا أستاذ. تصوروا أيوب الذي يباع صوته كل يوم في كل منطقة يمنية، يبيع كاسيتات أغاني أكثر من كل شيوخ الدين ومشائخ الدنيا، طفران يدور حق العلاج.. مثل أيوب، في العالم -حتى جنبنا هنا في نفس البلاد التي تأتينا منها كاسيتات تحريم الأغاني، من كبار الأثرياء.. يعني لو كان عبدالرب إدريس أو أبوبكر سالم، بقوا في اليمن كاز زمانهم برضه يدوروا حق القات. هل تتذكرون كرامه مرسال، هو من غنى "وكل ما أنّت.. أنا أنيت"، يقولوا إنه يسوق دباب في الشحر.. بالله عليكم لو كان حد مسكه من أذنه زمان وقال له: بطل أنين فاليمن هي من تأن لأنينك، قم اتحرك، مش كان اليوم واحد من ألمع النجوم.. حين عينت كونداليزا رايس وزيرة خارجية أميركا، قالوا إنها تخرجت من ذات الجامعة التي تخرج منها أساتذة جامعة يمنيين، قال الأستاذ علي سيف حسن يومها، لو كانت هي اليمنية كان زمانها اليوم (خادمة تشحت في أى جولة). حين فاز أوباما وقالوا إنه مسلم وله جذور من حضرموت (أوباما بن عم أسامة، وباراك حضرمية مية في المية)، قال نفس الرجل أيضا: أهله جالسين يرعوا غنم في كينيا.. علي ناصر محمد، يرأس مؤسسة نشاط معرفي مرموقة عربيا، خليكم من شق نشاطه السياسي الان، لو بقي في اليمن كان الان كل يوم من مقيل لامقيل.. لايجدد عقله معلومة.. ولاحتى في السنة. عبدالمجيد الزنداني، لم يصنع له إسما إلا في الفترة التي غادر فيها اليمن السعيد، هو إسم كبير بمشرعه عن الإعجاز العلمي،، الان كل نشاطاته ترهات تأكل من رصيده.. ولولا مايأتيه من "أهل الخير" برضه من خارج اليمن كان من حوله انفضوا عنه من زمان. أتخيل لو أن بقشان الأب، أو بن لادن، أو العمودي جلسوا في اليمن.. لن أزيد عن القول، بالله عليكم شوفوا أقرانهم الباقين هنا إيش يسوو.. هل يمكن للحاج عبدالرحمن هائل، الرئيس الجديد لمجموعة هائل سعيد، يقول لنا: ها كيف تشوف الفرق بين الحياة في اليمن، والحياة في غيرها.. ومن هنا سأقول، أنا لا أدين البلاد، ولا أقول أن اليمن جهنم، ولا أقول أن ليس فيها نجاح، ولا أنها خراب.. لا الذي أريد التنبيه له، اليمن مش ناقصة صراعات حول السلطة.. اليمن مش ناقصة تجارب انفراد حاكم يافندم علي عبدالله صالح.. اليمن مش ناقصة هبة حاشد ياشيخ حميد.. اليمن مش ناقصة مهرجانات لا في ملعب الثورة ولا في ساحات المحافظات يا مؤتمر ويامشترك.. اليمن مش بخير، لأنها بلاد تعاني من الكذب، الغش، الذمة المالية المنهوبة، النزاهة المعدومة.. التوحش السلوكي.. الدم المراق، الظلم العابث ببسطاء يرفعون أيديهم كل صباح ومساء ضد ظلمة من كل حزب وقبيلة ومنطقة.. اليمن تعاني من كل مايخطر على بال من موبقات ومهلكات ومصايب.. وهذه لاتضمنتها وثيقة الحوار الوطني ولا تخدمها السلطة.. لا.. الأكثر لافرق في التعامل معها بين الشيخ محمد المنصور أو الأستاذ هشام باشراحيل، أو الصديق جمال عامر، ولا كاتب هذه السطور.. كل واحد يدعس فوق اللي يقدر عليه. لو سمعنا مثلا لعبدالسميع محمد، ونعمان قائد سيف، وعلي سالم المعبقي لماقرأنا للدكتور محمد المتوكل مقال ولا سمعنا له رأي.. الأمر ذاته من وهيبة فارع، من منصور الزنداني، من حسين الأحمر، وحتى محمد عبدالله القاضي وشكاوى العمال في البر والبحر. هذا العام، الى جانب الحراك السياسي، اعتصم الاف الناس، اصلاحيون ضد حزبهم، موظفوا الاتصالات، اساتذة الجامعات، سائقي باصات النقل في أمانة العاصمة، أنتم شوفوا كيف كانت ردود المسئولين.. كلهم رودا على طريقة الشيخ محمد المنصور.. عبدالرحمن الاكوع، كمال الجبري، محمد اليدومي، وطبعا عبدالكريم شايف ورشاد العليمي وعلي مجور... هل تتذكروا شكوى فلسطيني من جامعة الإيمان، طردوه من البيت والمتهم شقيق الشيخ اللي مش في الجامعة.. حسن عبده جيد، عبدالجليل ثابت، شاهر عبد الحق.. الأول تحكى عنه حكايات لن تمر على أي من ملفاتها هيئة مكافحة الفساد بقدرة قادر، والثاني يجوب شواطئ اليمن من الطرف للطرف في سباق مع العيسي لايتوقف.. والثالث في لحظة يهد الاقتصاد بقرار واحد من بنك اليمن الدولي، وفي أخرى يعجز عن مغادرة اليمن لأنه بلا جواز.. الكبير حجزه. طيب هم بيوت المال.. المفترض انهم قادة نهضة.. ايوه المال هو اب حضارة اليوم.. بس هم يشتكوا اكثر واكثر.. لو جمعنا المطالبات، سيصدمك حين تجد شكاوى مرة من أكل حقوق. شكوى من يحيى محمد عبدالله صالح، من حسين الأحمر، من شركات الكبوس، من طيران السعيدة، (أنا أتكلم عن ملفات هي الان بيدي، وليس الهدف التوسط ولا التشهير، بل الشكوى من بلاد ليس فيها نزيه ولا عادل ولا وقاف عند حقوق الناس... (. مش كلنا كذه، صح، بس من يفعل ذلك أغلبية تفوق كثيرا أغلبية المؤتمر الشعبي العام).. وإذا الخراب أكبر من كرسي الرئاسة.. الخراب يسكننا بتوحش.. والله عادل، شعب لايقف عند سبب كل هذا لن يتغير حاله.. لو جمعنا الشكاوى بس من الإعلام، لن نجد فرقا بين شكوى المشترك من علي عبدالله صالح، وشكوى الاصلاحيين من فتحي العزب، ولا الاشتراكيين من علي منصر.. لا أقصد هنا أى مقارنات والله العظيم، وأنا آسف وأعتذر من كل المذكورين.. فاللي يهمني، انه يعني هذه البلاد ليست بخير ولن تكون.. التداول السلمي للسلطة هدف نضالات الأحرار، كان ولايزال، توريث الوظيفة العامة حرام.. للمشترك الحق في النشاط السلمي ليل نهار.. للرئيس علي عبدالله صالح الحق في أن يهدد ويشجب ويستنكر بالتلفون أو بالتلفزيون، طالما إنه بس قال كلام ولم يرسل حد يقتل حد.. ولنا التنديد به ونقده.. كل هذا تمام.. بس يشتي أولا اليمن ترجع بلاد لله.. بدل من كونها أرض للشياطين.. أتحدث عن القيم.. عن التربية.. عن المسئولية الشخصية.. أعرف آن هناك من سيقول لي: مكانك لم تتعظ، تشتي تشغلنا عن النضال السلمي ضد الطاغوت.. (كأن علي بن أبي طالب حين نبه الناس أنهم ومن يحكمهم، في الحقيقة مرايا لبعض، كان يشتغل مع المؤتمر الشعبي العام).. خلاصة القول، لن يتغير حالنا، لا في عهد علي عبدالله صالح ولا في عهد من يأتي بعده، كما لم يصلح في عهد من قبله.. مالم نعالج خرائبنا الفردية.. مالم ندعم بعضنا بعضا ليتحول الواحد منا الى إنسان تردعه القيم التي يطالبها من الاخرين.. مالم تكن مطالبنا من الناس هي نفسها مطالبنا من أنفسنا.. عمق كارثتنا أن كل واحد منا -معاشر الشعب، كل واحد عادي يسير في الشارع مامعوش حق الدباب، أول مايتاح له، يفعل تماما كما يفعل من كان ينتقده.. يفعل تماما ماكان يشكو من تصرفات. نفصل.. لايسع مقال كهذا، ولست أدري إن وعدت هل سأفي، لكن ربما سنقف بالتفصيل في مقالات تتبع، ومن الله العون.