يحتبس اليمن الأنفاس بعيد نجاح الثورة المصرية على خطى تونس ، في انتظار القادم المحاط بسيناريوهات كثيرة محتملة ،ابرزها محاكات تنبئ حساباته في واقع مجتمعي معقد، بأنه سيكون أكثر كلفة حال تجاوز الشارع اليمني سيطرة الحاكم ومعارضيه على حد سواء. وفيما بدا الموقف الرسمي حتى صبيحة السبت ملتزما الصمت، رحبت أحزاب في المعارضة اليمنية بنجاح الثورة التي قادها الشباب المصري وأطاحت أمس بالرئيس محمد حسني مبارك ،مهنئية الشعب المصري بنجاح ثورته التي استمرت 18 يوما ، بينما ابتهج العشرات من اليمنيين وأبناء الجالية المصرية في العاصمة وعدد من المدن مساء أمس في مسيرات تعبيرا عن الفرحة بهذه المناسبة . وعقد رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح - القائد الأعلى للقوات المسلحة اجتماعا موسعا مساء الجمعة ضم مجلس الدفاع الوطني والقيادات السياسية واللجنة الأمنية العليا. وقالت وكالة الأنباء الرسمية أن الاجتماع ناقش العديد من القضايا المتصلة بالجوانب الاقتصادية وجهود البناء والتحديث في قواتنا المسلحة والأمن بالإضافة إلى القضايا المتصلة بتحسين الأجور لموظفي الجهاز الإداري للدولة ومنتسبي القوات المسلحة والأمن وترشيد الإنفاق وتنمية الإيرادات وزيادة الموارد. وأقر الاجتماع إطلاق العلاوات الخاصة بموظفي الجهاز الحكومي ومنتسبي القوات المسلحة والأمن، عقب تطبيق المرحلة الثالثة من إستراتيجية الأجور والمرتبات ابتدأ من الشهر الجاري وبما يحسن الأوضاع المعيشية لموظفي الدولة في الجهاز المدني ومنتسبي القوات المسلحة والأمن. كما أقر الاجتماع اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لترشيد الإنفاق الحكومي وفي كافة المرافق ومنع شراء أي كماليات أو بناء أي مباني جديدة غير ضرورية، وأكد ضرورة تنمية الإيرادات وزيادة الموارد وتفعيل دور الجهات الإيرادية في هذا الجانب وفي مقدمتها عائدات الضرائب والجمارك والواجبات والاتصالات وتقنية المعلومات والنفط والمعادن والثروة السمكية والجهات الإيرادية الأخرى، بالإضافة إلى تطوير أساليب التحصيل للعائدات الضريبية وبما يحقق النتائج المنشودة. إلى ذلك بارك الحزب الاشتراكي اليمني المعارض الثورة المصرية الشعبية التي تكللت مساء الجمعة بتنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم بعد 18 يوماً من تسيير مظاهرات حاشدة. وهنأ مصدر في الأمانة العامة للاشتراكي الشعب المصري بنجاح الثورة السلمية التي وصفها بأنها "تحول تاريخي". وأضاف أن المصريين أظهروا مثالاً ناصعاً لعظمة الشعوب المتطلعة إلى الحرية والعدالة الاجتماعية حين واجهوا قمع الأجهزة الأمنية ونيرانها بصدور عارية وبمزيد من الإصرار على الاحتجاج السلمي. واعتبر الاشتراكي نجاح الثورة المصرية بشارة ديمقراطية أخرى للمنطقة العربية بعد نجاح الثورة التونسية معرباً عن أمله في أن تمثل دافعاً لعهد ديمقراطي جديد في العالم العربي ونهضة حضارية لشعوبها. وتابع أن التغيير الشعبي في مصر ينبغي أن يظل درساً تتمثله الأنظمة الحاكمة والشعوب. من جانبه هنأ حزب الإصلاح المعارض "الإخوان المسلمين في اليمن"، الشعب المصري بنجاح ثورته السلمية والتي قال أنها "أسقوطت الديكتاتورية العتيقة المتمثلة في نظام مبارك المستبد والذي رحل إلى غير رجعة بعد عهود من الظلم والقمع والتسلط والاستبداد" . واعتبر "الإصلاح" ان الشعب المصري مثل روح الأمة وصانع التغيير لفجر جديد ولأبواب مشرقة للحرية والديمقراطية لمصر وللأمة العربية والإسلامية التواقة للتغيير السلمي الحضاري من أجل غدً أفضل. كما حيا الإصلاح في بيانه ،جيش مصر "الذي حمى الثورة الشعبية السلمية وساند الثوار الأحرار ورفض الانحياز للديكتاتور وأثبت للعالم أجمع أنه من أبناء الشعب وليس أداة من أدوات الدكتاتورية الهوجاء، داعياً في هذا السياق جيش مصر إلى أن يكون ضامناً لمطالب الشعب وأن لا يسمح لأحد بالالتفاف على ثورته المباركة" . وقال "إن الأمة اليوم وبنجاح ثورتي مصر وتونس تضع أقدامها على أعتاب مرحلة التمكين للشعوب والسقوط المريع للديكتاتوريات المتحجرة والتي يستوجب على من تبقى منها أن تستوعب الدرس جيداً وأن تصغي لكلمة الشعوب وإرادتها التي لا تقهر". وعبر حزب الإصلاح المعارض عن أمله في أن يبادر من وصفهم ب" المنتمين إلى مدرسة مبارك من الزعماء والقادة " إلى "انتهاز فرص الإصلاح والتغيير وسرعة التصالح مع شعوبهم والاستجابة لمطالبهم العادلة والانتقال بأوطانهم نحو تحول ديمقراطي حقيقي قبل أن تقول الشعوب كلمتها كما قالها الشعب المصري لنظام مبارك المندحر". حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) من جانبه وصف ما حدث ب"الملحمة العظيمة التي صنعها شباب مصر العظيم"، وحيا جيشها الباسل الذي كان مع أهله أبناء الشعب، ورفض أن يكون أداة ضد الشعب فبادله الشعب الحب بالحب واكتسب احترام الدنيا. وقال الحزب في بيان أصدره تحية لثورة التغيير في مصر بأن ما أنجزه الشباب كان معجزة بكل المقاييس، سواء في إدارتهم للعملية التغييرية، أو في صمودهم الأسطوري، أو في نجاحهم في أن تكون ثورة سلمية رغم ماقام به الحاقدون من دمار ومحاولات لجرهم إلى أن تكون ثورة حمراء. وفيما عزى البيان الشعب المصري في شهداء الثورة، أكد أن الحزب يقدر عالياً اختيارات أبناء الشعب المصري العظيم، الذين وضعوا اليوم أقدامهم على بوابة مرحلة جديدة يرجو الحزب أن تكون مرحلة ازدهار حضاري وتنمية شاملة، توازي المكانة العظيمة لمصر وشعبها في خارطة المنطقة والعالم. واختتم بيان حزب الرابطة المعارض بالأمل أن يعي اليمنيون شعباً وسلطة وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني ومستقلين الدرس القادم من أرض الكنانة بكل دلالاته، مع الأخذ في الاعتبار معطى الزمن الذي لم يعد فيه متسع، ولم يعد يحتمل المزيد من إهدار الفرص لوضع أقدام الوطن اليمني على بوابة الخروج من أتون أزماته المركبة. وكانت عدد من المدن اليمنية شهدت مساء أمس خروج العشرات في مسيرات ابتهاجية بعد نجاح الثورة المصرية وإعلان تنحي محمد حسني مبارك عن الحكم ، وتسلم الجيش السلطة لإدارة شئون البلاد. وجاب أعداد من المواطنين اليمنيين وأبناء الجالية المصرية شوارع العاصمة ترافقهم دقات الطبول والبرع تعبيرا عن الفرحة ورفعت المسيرة أعلام الجمهورية اليمنية، وأعلام دولة مصر وعبارات كتب عليها "الحرية لمصر وسقط النظام". وتحولت مسيرات في العاصمة صنعاء ، ومدينة وتعز إلى هتافات بإسقاط النظام باليمن ورحيل الرئيس صالح ، بينما تحولت مسيرات في عدن والمكلا بحضرموت لهتافات الشعب يريد تحرير الجنوب. وقابل مسيرة العاصمة المنادية بأسقاط النظام ، مظاهرة شارك فيها المئات مؤيدين للرئيس صالح واكتظ بهم ميدان التحرير تقدمها قيادات بالحزب الحاكم .