قال نشطاء اصلاحيون سوريون يقيمون في الخارج لرويترز ان قوات الامن السورية قتلت اثنين من المحتجين يوم السبت وأربعة يوم الجمعة في احتجاجات مناهضة للحكومة في مدينة اللاذقية الواقعة على البحر المتوسط. ويواجه الرئيس السوري بشار الاسد أسوأ أزمة خلال حكمه القائم منذ 11 عاما بعدما اطلقت قوات الامن النار على محتجين في بلدة درعا بجنوب البلاد يوم الجمعة وأفرجت عن 260 سجينا في محاولة لاسترضاء حركة احتجاجية اخذة في التزايد. لكن الانباء الواردة من ميناء اللاذقية في شمال البلاد أشارت الى أن الاضطرابات هناك لا تزال تتسع. ووردت تقارير تفيد بسقوط أكثر من 20 قتيلا يوم الجمعة ويقول مسؤولون طبيون ان العشرات قتلوا اجمالا خلال الاسبوع الماضي في أنحاء درعا وحدها. ولم يكن ممكنا التفكير في هذه المظاهرات قبل شهرين في سوريا التي تخضع لسيطرة هي الاشد بين البلدان العربية. وقالت بثينة شعبان المستشارة السياسية والاعلامية للرئيس السوري في تصريحات أذاعتها الوكالة العربية السورية للانباء "من الواضح أن هناك مشروع فتنة للنيل من سوريا عبر استهداف نموذج العيش المشترك الذي تتميز به." وأشارت الى أن "هذا الاستهداف ليس جديدا وأن الشعب السوري واع وسوف يتجاوز هذه المحاولات التخريبية وهذا الاستهداف." وقال الناشط الحقوقي السوري عمار قربي لرويترز في القاهرة ان محتجين على الاقل قتلا عندما فتحت قوات الامن النار على محتجين كانوا يحاولون احراق مقر حزب البعث الحاكم. ويقول قربي انه على اتصال مع أناس في سوريا منذ ليلة السبت مستخدما ثلاثة هواتف خلوية وانه على اتصال دائم من خلال شبكة الانترنت. وأضاف ان الاحداث تتطور بسرعة فائقة. وقال المعارض السوري مأمون الحمصي الذي يعيش في المنفى لرويترز في اتصال تليفوني من كندا ان لديه اسماء أربعة "شهداء" قتلوا في اللاذقية يوم الجمعة. ونقلت الوكالة العربية السورية للانباء عن مصدر حكومي قوله ان قوات الامن لم تطلق النار على أي من المحتجين ولكن مجموعة مسلحة "احتلت أسطح أبنية في بعض أحياء مدينة اللاذقية وقامت باطلاق النار على المارة والمواطنين وقوى الامن" فقتلت خمسة أشخاص منذ أمس الجمعة. ونظم الاف المؤيدين للرئيس السوري بشار الاسد مسيرات وتحركوا في دمشق ومدن سورية أخرى ملوحين بأعلام معلنين ولاءهم لحزب البعث الحاكم. وجاءت الاضطرابات في سوريا بعد أن اعتقلت السلطات أكثر من 12 تلميذا لكتابتهم على جدران مبان شعارات مستوحاة من مظاهرات مطالبة بالديمقراطية في العالم العربي. وتعهد الرئيس السوري يوم الخميس بدراسة توسيع الحريات وبالنظر في انهاء العمل بقانون الطواريء المطبق منذ 1963 لكنه فشل في اخماد الاحتجاجات. وقال محام يهتم بحقوق الانسان يوم السبت انه تم الافراج عن 260 سجينا معظمهم اسلاميون بعد ان أكملوا ثلاثة أرباع عقوبة السجن الصادرة ضدهم. وقدرت منظمة العفو الدولية عدد القتلى في درعا وحولها في الاسبوع الماضي بنحو 55 قتيلا على الاقل. وقال سكان ان جنازات العديد من المحتجين الذين قتلوا في درعا يوم الجمعة تمت في درعا وفي قرى قريبة يوم السبت. وأدى عدة الاف صلاة الجنازة يوم السبت على جثمان سيتا الاكرد (13 عاما) في مسجد العمري بدرعا الذي كان مسرحا لهجوم من قوات الامن في وقت سابق الاسبوع الماضي ثم ساروا الى جبانة قريبة في الحي القديم. ولم تشاهد قوات الامن في موكب الجنازة الذي ردد فيه المعزون هتاف "الشعب يريد اسقاط النظام" الذي تردد في الانتفاضات التي شهدها العالم العربي من تونس الى مصر وحتى اليمن. وردد المعزون الذين شجعهم غياب الامن عبارة "اضرب اضرب حتى يسقط النظام". وقال أبو جاسم من سكان درعا "الضغط علينا كان كثيرا. كنا تحت سلطة قمعية. الان تمر امام الامن ولا يقول لك الى اين انت ذاهب. لا يتجرأون التحدث مع الشعب.الشعب لم يعد لديه خوف." وتجمع مئات المحتجين في الساحة الرئيسية في درعا. وتسلق ثلاثة شبان أنقاض تمثال للرئيس الراحل حافظ الاسد أسقطه المحتجون يوم الجمعة في مشهد يذكر بالاطاحة بتمثال الزعيم العراقي الراحل صدام حسين في العراق في عام 2003 . وقال شاهد ان قوات الامن أطلقت في وقت لاحق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات يعتصمون في ساحة أخرى. وقال سكان في بلدة طفس القريبة ان معزين -- يشاركون في جنازة كمال باردان الذي قتل يوم الجمعة في درعا -- أشعلوا النار في مبنى حزب البعث ومركز شرطة. وجرت احتجاجات أيضا يوم الجمعة في دمشق وفي حماة وهي مدينة بشمال البلاد قامت قوات حافظ الاسد في عام 1982 بقتل الالاف وأحرقت معظم البلدة القديمة للقضاء على انتفاضة مسلحة قام بها الاخوان المسلمون. وفي الداخل حابى حكم الاسد الاقلية العلوية مما سبب احتقانا بين الاغلبية السنية. وغالبية سكان اللاذقية من المسلمين السنة ولكن يعيش عدد كبير نسبيا من أبناء الاقلية العلوية. وألقى أحمد بدر حسون المفتي السني الذي عينته الحكومة السورية باللوم في الاحداث على بعض "المندسين" و"المفسدين". وقال "ان ما حدث يجب ان يكون ما بعده هو صلح بين الناس وليس تحريض الناس على بعضهم البعض. فما يحدث في ليبيا هل تريدونه ان يحدث في سوريا؟ سوريا التي تصمد اليوم.. وقال ادوارد ووكر السفير الامريكي الاسبق في مصر ان هذا التوتر جعل كثيرين في المؤسسة الحاكمة يخشون من الرضوخ للمطالب الخاصة بالحريات السياسية والاصلاحات الاقتصادية. وقال "هم بشكل اساسي أقلية مكروهة...العلويون...واذا فقدوا السلطة واذا خضعوا للثورة الشعبية فسيعلقون على اعمدة الانارة." "ليس لديهم اي حافز على التراجع مطلقا." وعندما سئل فيصل ايتاني نائب رئيس ادارة تنبؤات الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مؤسسة (اكسكلوسيف اناليسيس) عما اذا كان يمكن ان يتكرر ما حدث في حماة قال ان حدوث مثل هذه الحملة الصارمة ممكن. وقال "يوجد خطر فعلي تماما لان يحدث مثل هذا الشيء. بالنسبة لنظام أقلية هذا صراع من أجل الوجود." وأضاف "اذا استمرت الاضطرابات بهذا الايقاع فان الجيش السوري لن يتمكن من الحفاظ على تماسكه." ويعتقد كثيرون انه تم بلوغ النقطة المرجحة في سوريا. وقال كريم اميل بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس "النظام السوري يحاول تقديم وعود مثل احتمال رفع حالة الطواريء السارية منذ عام 1963 وهي مدة قياسية في العالم العربي." وقال "لكن اذا حدث هذا فانها ستكون نهاية نظام بأكمله وسيتعين الافراج عن سجناء وستصبح الصحافة حرة ... عندما يفكر مثل هذا النظام في ان يرخي قبضته فانه يعلم أيضا ان كل شيء يمكن ان ينهار." وفي بلدة الصنمين التي تقع في نفس المنطقة الجنوبية لمدينة درعا قال سكان محليون ان 20 شخصا قتلوا عندما اطلق مسلحون النار على حشد خارج مبنى تستخدمه المخابرات العسكرية وهي جزء من جهاز امني ضخم يتولى حماية حكم حزب البعث منذ عام 1963. وترتبط سوريا بتحالف وثيق مع ايران ولها صلات بحركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني. ولم يعقب حلفاء سوريا في المنطقة حتى الان على الاحداث. وقال بيطار "سوريا هي الحليف الرئيسي لايران في العالم العربي. وسقوط النظام سيكون له عواقب على حزب الله وحماس ... ولست واثقا ان كانت القوى الكبرى في المنطقة ستسمح بمثل هذه الصدمة الكبيرة رويترز