تلوح بالأفق بوادر انفراج في أزمة المشتقات النفطية وانعدامها في الأسواق ، ما سيخفف من أعباء الصيف في اليمن المشحون بأزمة سياسية في صراع على السلطة والحكم،مفجرة بتبعاتها أزمات اقتصادية وأمنية واجتماعية لم يشهدها اليمنيون من قبل. الانفراج ينطلق من بدء عملية ضخ النفط الخام من القطاع 18 في مأرب منذ أسبوع بعد إصلاح أنبوب النفط الذي تعرض للتفجير في مارس الماضي اثر وساطة سفارتي أمريكا وبريطانيا بصنعاء للوصول لاتفاق مع المسلحين للسماح للحكومة بإصلاح الأنبوب وعودة الإنتاج بعد نحو 5 أشهر من التوقف، بالإضافة إلى ما تم استيراده من "ديزل وغاز منزلي" ، إلى جانب ما وصل من هبة النفط السعودي التي جاءت مكرمة من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز لدعم اقتصاد اليمن الذي يعاني اضطرابات وأعمال عنف متصاعدة منذ يناير الماضي ، حيث توشك مصافي عدن على الانتهاء من تكرير الدفعات الواصلة قبل البدء بتوزيعها هذا الأسبوع. أم الأزمات.. ويعتمد اليمن في نقل النفط الخام من القطاع 18 في مأرب والقطاعات النفطية الإنتاجية المجاورة على أنبوب النفط الممتد من مأرب "شمال شرق"، إلى ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة على البحر الاحمر "غربا" ، ومن ثم الى مصافي عدن جنوبا حيث يخصص تكرير الإنتاج لاحتياجات السوق المحلية. وكان خط الانابيب الذي ينقل النفط الخام الى ميناء عدن النفطي الرئيسي لتصديره وتكريره الى بنزين تعرض لهجوم في منتصف مارس/آذار ، وفي يونيو/حزيران على أيدي مسلحين تابعين لقوى المعارضة في مسعى لفرض عقوبات جماعية على النظام الساعية للإطاحة به ،والشعب اليمني الرافض لنهجها التخريبي والفوضوي-بعد رفض المجتمع الدولي مطالب للمعارضة بفرض عقوبات على اليمن لتبعات مثل هذا القرار على اليمنيين الذين يعصف بهم الفقر والبطالة- الأمر الذي أدى إلى حدوث أزمة طاقة ووقود حادة في اليمن انعكس أثارها على معيشة وحياة ملايين اليمنيين. وسجل الاقتصاد اليمني بفعل توقف إنتاج النفط من الأنبوب الرئيس بمأرب ،والاضطرار لاستيراد البنزين والديزل والغاز المنزلي خسائر -"تصحيح"-تجاوزت 6 مليار دولار تقريبا --حسب تقارير حكومية ومستقلة-تشمل خسائر توقف الانتاج بواقع 15 مليون دولار يوميا، وتكلفة استيراد شحنات لتغطية العجز خلال ذات الفترة وحتى الأن. وفي ظل الاضطرابات المستمرة منذ أكثر من 6 أشهر يواجه الاقتصاد اليمني الانهيار،ولان انعدام الوقود مثل ام الأزمات التي تعصف باليمنيين وبأكثر من نصف السكان الفقراء وتحت خط الفقر مع منسوب متزايد من البطالة، فقد القت بضلالها على مجمل الأوضاع الحياتية والمعيشية .. فأغلقت خطوط إنتاج مصانع عديدة وتوقفت حركة التشييد والبناء ، وشلت الزراعة المعتمدة على ضخ المياه من الآبار ، وتوقف ضخ مياه الشرب في المدن مع ارتفاع التجاري منه من 1500 ريال إلى 8000ريال .كما شلت حركة التنقلات بين المدن ، وارتفعت أجور نقل البضائع التي أضيفت كأعباء على أسعار المواد الغذائية وعلى نحو غير مسبوق من ارتفاع سعري فاق كل انعكاسات الأزمات العالمية وتأثيراتها على الغذاء، إلى جانب إغلاق المخابز المعتمدة على الديزل وارتفاع سعر رغيف العيش ، بجانب توقف محطات كهربائية ثانوية في عدد من المدن المعتمدة أيضا على الديزل نظر لانعدامه وللتقطاعات الحزبية بغلاف قبلي للقاطرات ،بالتوازي مع استمرار استهداف مليشيات مسلحة لخطوط نقل الكهرباء من محطة مأرب الغازية التي تسد 40 بالمائة من عجز الطاقة في البلاد، الأمر الذي فاقم العجز إلى نسبة 90 بالمائة ورفع نسبة الاطفاءات بعموم اليمن إلى 20 ساعة في اليوم لتتحول حياة اليمنيين إلى جحيم. هذا الأسبوع..او بعده ويستقبل ميناء الزيت بعدن الأسبوع القادم أول شحنة من النفط الخام المحلي من مأرب قادمة من ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة . وأفادت مصادر ملاحية ان ناقلات النفط اليمنية بدأت بالتزود بخامات النفط بعد إعادة إصلاح الخط الواصل من محافظة مأرب .. مشيرة إلى ان 400 ألف طن متري ستصل إلى ميناء الزيت تباعا بحيث تبلغ الكمية الأولى /80/ ألف طن متري. وتوقعت المصادر ان يسهم إعادة تشغيل الخط النفطي في تخفيف أزمة المشتقات النفطية التي تشهدها محافظات اليمن. ووصلت منتصف الأسبوع الماضي إلى ميناء الزيت بمصفاة عدن الشحنة الرابعة من النفط الخام المقدم من المملكة العربية السعودية لليمن. وتبلغ كمية النفط التي تحملها ناقلة النفط نوس توس القادمه من ميناء ينبع السعودي 500 الف برميل.ويتوقع ان تصل الدفعة الخامسة إلى ميناء الزيت في ال 24 من الشهر الجاري فيما تصل الدفعة السادسة والأخيرة في ال 4 من شهر أغسطس القادم. كما أفرغت أمس الأول في مراسي ميناء الزيت بمصفاة عدن شحنتين استوردتهما اليمن من مادة الديزل تبلغ 54 الف برميل واصلة من ميناء الفجيرة الإماراتي أفرغتها ناقلتي النفط فائز وواصل تحملان الجنسية الكويتية. وأوضحت بيانات صادرة من الميناء انه سيتم توزيع الشحنتين على محطات الوقود العاملة في امانة العاصمة ومحافظات الجمهورية وبنظام الحصص المتفق عليها مع شركة النفط اليمنية وفروعها لتأمين احتياجات المواطنيين ومتطلبات المصانع الإنتاجية والأفران. وأكد وزير الصناعة والتجارة اليمني هشام شرف أن أزمة المشتقات النفطية في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية ستنتهي هذا الأسبوع. وقال الوزير اليمني في تصريح لصحيفة "الثورة" الحكومية اليوم السبت "إن عملية تزويد مختلف محطات البنزين على مستوى العاصمة وبقية المحافظات اليمنية بالبنزين الخالي من الرصاص قد بدأت كخطوة أولى لإنهاء أزمة المشتقات النفطية الراهنة في اليمن". وأشار شرف إلى انهُ تم استيراد 90 ألف طن من النفط كدفعة أولى لتغطية العجز القائم في المشتقات النفطية، لافتاً إلى أن الاحتياج اليومي من مادة الديزل لجميع المحافظات اليمنية يصل إلى ثمانية آلاف طن فيما يصل الاحتياج اليومي من البنزين للجمهورية 5ر4 ألف طن. وأقرت حكومة تصريف الأعمال في اجتماعها الدوري الثلاثاء الماضي الإجراءات التنفيذية لخطة التوزيع المقترحة على مستوى المحافظات والمديريات وإشراك رؤساء السلطات المحلية في الإشراف والتنفيذ للخطة. آلية لمخابز صنعاء ومحطات عدن وكانت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك ، تحدثت في بيان أن الكثير من الأفران أغلقت أبوابها أمام المستهلكين بسبب عدم توفر الديزل والعامل منها رفع سعر الرغيف وخفف وزنه ، بحجة استخدام الفحم بدلاً من الديزل وارتفاع سعر الدقيق حيث سعر الكيس عبوة (50) كيلو جرام (7300 ) ريال . وأعربت الجمعية عن املها في أن تقوم وزارة التجارة والصناعة بتوفير مادة الديزل للأفران والدقيق بالسعر السابق، وإعادة وزن الرغيف وسعره إلى ماكان عليه قبل الأزمة ، إضافة إلى أسعار السلع الأخرى والتي زاد البعض منها بنسبة 50% تحقيقا للصالح العام وحماية المستهلك . من جانبه قال وزير التجارة والصناعة هشام شرف ،السبت، انه تم تخصيص محطة لأصحاب الأفران في منطقة نقم بالعاصمة لتزويدهم بمادة الديزل بموجب كروت يتم صرفها لهم من خلال مكتب التجارة والصناعة بالعاصمة ، لافتا الى ان الوزارة ومكاتبها ستنفذ حملات ميدانية مكثفة بعد حل مشكلة المشتقات النفطية على الأسواق والأفران في الأمانة وبقية المحافظات لمراقبة عدم التلاعب بالأسعار والأوزان. وفي عدن أعلن مكتب شركة النفط اليمنية ،يوم السبت،عن غرفة عمليات لاستلام شكاوى المواطنين الذين يتزودون بالوقود من مادتي الديزل والبترول . وافاد بيان صادر من الشركة انها حددت الرقم الهاتفي 241716 لتلقي شكاوى المواطنين على مدار الساعة من خلال فريق فني يتواصل مع كافة محطات الوقود الحكومية التي يبلغ عددها 21 محطة والخاصة 26 محطة عاملة في عدن . وأشار إلى أن المحطات الثلاث التي حددتها الشركة لسائقي سيارات الاجرة بمديريات عدن من خلال كروت تعمل بنظام المغنطة الالكترونية وبواقع 40 لتر من مادتي الديزل والبترول يوميا بحيث لايمكن للسائق التموين من اي محطة اخرى كون الكرت يعمل بنظام منظومة المرافقة الالكترونية المبرمجة . تجاهل أزمة إنسانية عاصفة باليمنيين ويتركز الاهتمام الدولي سياسيا واعلاميا على حركة احتجاجات مناهضة للنظام ومطالبة بإسقاطه والتي تقودها أحزاب معارضة ، وتجاهل تحول هذا الصراع لأعمال مسلحة وبتبعات باتت تعصف بغالبية اليمنيين العاديين من أعمال عنف واقتتال وتخريب ومفاقمة للازمة الحياتية والإنسانية والمعيشية. وحذرت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي، إميليا كاسيلا الاسبوع الماضي من أن واحدا من كل ثلاثة يمنيين يعاني من انعدام الامن الغذائي، بسبب ارتفاع اسعار السلع الاساسية كالخبز والحليب والسكر بشكل كبير، جراء انعدام الاستقرار السياسي في البلاد. واشارت الناطقة باسم البرنامج التابع للامم المتحدة الى ان 7.2 مليون شخص يعانون من نقص الاغذية في اليمن، التي تعد واحدة من افقر دول العالم. وقد ارتفعت اسعار الدقيق والسكر والحليب في المحافظات اليمنية الاكثر تضررا (ريمة وعمران وحجه وإب) بنسب تتراوح بين 40 و60%، ووصلت الزيادة في ثمن الخبز الى 50%. ويعني هذا ان كثيرا من العائلات تضطر لانفاق 35% من دخلها اليومي لشراء الخبز فقط، وفقا لكاسيلا. وتشهد اليمن منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في يناير/كانون ثان الماضي انقطاعات في امدادات النفط، وهو ما رفع سعره في السوق السوداء الى 500%. وأصبح الاقتصاد اليمني على شفا الانهيار إذ يواجه اليمنيون نقصا في الوقود والمياه والكهرباء. وقال مسؤول في صندوق النقد الدولي إن التضخم في اليمن قد يرتفع إلى 30 % هذا العام بسبب الاضطرابات الحالية التي تشل اقتصاد البلاد وأضرار في خط أنابيب نفطي تضغط على الإيرادات الحكومية الضعيفة أصلا. ووصف حسن الأطرش رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن الوضع ب"الخطير" وقال النشاط الاقتصادي أصيب بالشلل. وفي تقرير الصندوق لشهر إبريل توقع تسارع التضخم الى 13 بالمئة هذا العام من 12.1 % في 2010. وعدل الصندوق أيضا توقعه للنمو الحقيقي في الناتج المحلي الاجمالي الذي قال في ابريل انه سيتباطأ الى 3.4 % في 2011 من ثمانية % في العام الماضي. وقال الأطرش أن الأزمة السياسية نالت من الاقتصاد. الآن نعتقد أن النمو الاقتصادي سيكون رقما سالبا هذا العام.وذكر أن العجز في الميزانية اليمنية قد يرتفع الى نحو عشرة بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي هذا العام وهو أعلى بكثير من 6.4 % الرقم المتوقع في ابريل وأربعة بالمئة في العام الماضي. وقال محللون انه قد يقفز الى 17 % وهو مستوى لم يسجل منذ الحرب الاهلية مع الانفصاليين في 1994.