في منتصف الساحة المقابلة لمجسم "الحكمة اليمانية" الذي تحول إلى رمزية للثورة الشبابية وساحة التغيير بصنعاء، يصطف شهداء "جمعة الكرامة" باعتداد في هيئة شريط من الصور الشخصية المجسمة يتوسط لوحه إعلانية مثبتة على علو مرتفع، حيث يبرز هؤلاء كمَعْلَمٍ إنساني ووطني مؤثر يؤرخ لبداية انهيار النظام السياسي القائم وانتصار الإرادة الثورية الشبابية . واعتبر الناشط السياسي في ساحة التغيير بصنعاء عزالدين أحمد الصوفي في تصريح ل"الخليج"، أن تثبيت العديد من الشواهد التذكارية في معظم أرجاء ساحة التغيير، والتي تبرز فيها صور وأسماء 52 شاباً هم ضحايا مجزرة "جمعة الكرامة"، يمثل تجسيداً لحالة من الاعتراف الجماعي من قبل مكونات الثورة الشبابية والشعبية كافة بقيمة التضحيات الجسيمة التي قدمها هؤلاء الشهداء الذين يمثلون الطليعة في تغيير معادلة الصراع بين النظام السياسي القائم، وبين الإرادة الشبابية الثورية الهادفة إلى تحقيق التغيير المنشود لمصلحة الأخيرة عبر فرض الحسم الثوري بإسقاط هرم النظام وإجباره على التنحي القسري عن السلطة . وقال: "لولا الدماء التي نزفها شهداء كخالد الحربي وجمال الشرعبي ورفاقهما من النخبة الثورية الشبابية الذين سقطوا يوم 18 مارس/آذار من العام المنصرم، لما تمكنت الثورة الشبابية والشعبية من فرض التغيير في هرم النظام السياسي وإجبار الرئيس السابق علي صالح على التنحي عن السلطة" . وأضاف قائلاً: "لقد مر عام كامل منذ رحلوا بأجسادهم التي شيعت إلى مقبرة "سواد حنش" لكنهم لايزالون ماثلين بيننا رموزاً لثورة شعب، هم وبشكل منفرد من قادوا الثورة إلى النصر بتضحياتهم الجسيمة، وأتمنى ألا ينحصر تكريمهم وتقديرهم في مجرد وضع صورهم في مجسمات وتثبيتها في أرجاء ساحة التغيير، وأن تجد أسرهم وعائلاتهم وأطفالهم الرعاية اللازمة كحد أدنى من التعويض المفترض" . قنص عين الحقيقة جمال الشرعبي، صحافي كان يحمل أدواته وكاميرا فيديو لتوثيق أحداث ثورة الشباب، وفي 18 مارس/آذار كان حاضراً يرصد ما شهده ذلك اليوم المعروف ب"جمعة الكرامة"، وحين بدأ قناصة بإطلاق الرصاص الحي على المعتصمين ، كانت كاميرا جمال الشرعبي تتعرف إلى المتهمين وتنقل مشاهد سقوط الضحايا بالعشرات . لم يكن الشرعبي يفكر أنه سيكون أحد ضحايا القناصة الذين كانت كاميرته تترصدهم وهم يقتلون زملاءه بدم بارد ورصاص حارق، وانه سيكون مادة في الأخبار، إذ تم استهدافه بشكل مباشر من قناص بعدما اخترقت رصاصة عينه اليمنى، فسقطت الكاميرا وسقط هو مضرجاً بدمائه، التي سالت غزيرة، وعندما وصل إلى المستشفى الميداني كان قد فارق الحياة، وهو في الخامسة والثلاثين من العمر تاركاً ارملة وثلاثة أطفال أيتام، لا شيء يعوضهم فقدانه . المصدر : صحيفة الخليج الاماراتية