من يتابع الأحداث في تونس ومصر، سرعان ما يجد نفسه أمام ذات المشاهد تتكرّر مع بعض التباين الذي تفرضه طبيعة الاختلاف الاجتماعي والثقافي، فمنذ وصول حزب الحرية والعدالة المصري (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) في مصر وحركة النهضة في تونس إلى سدة إلى الحكم، برزت للعلن في البلدين خطة «المشروع الإخواني»، مستخدمة الأدوات والأساليب ذاتها، ومعتمدة على نفس التحالفات الإقليمية والدولية، ورافعة لنفس الشعارات، وساعية لذات الأهداف ومنها الهيمنة على مفاصل الدولة والتغلغل فيها، والتحالف مع الجماعات السلفية المتطرفة، وتحويل المساجد إلى منابر للخطاب الحزبي والسياسي، والدخول في مواجهات مفتوحة مع القوميين والليبيراليين والعلمانيين والمرأة والإعلام والنقابات والمثقفين والفنانين، والسعي دون جدوى إلى اختراق منظمات المجتمع المدني، والترويج لفكرة مكافحة الفلول، واتهام الخصوم السياسيين بمعادة المشروع الإسلامي. ومع سقوط حكم الإخوان في مصر، سقط السند الكبير الذي كانت تعتمد عليه حركة النهضة، غير أن التنظيم العالمي للجماعة لا يزال يقود برنامج العمل، وقاد ائتلاف الترويكا عملية تشويه متعمدة لثورة الشعب المصري التصحيحية، لتكون تونس الدولة العربية الأكثر دفاعا عن حكم الإخوان ونظام الرئيس المصري المعزول محمد مرسي. الشعانبي وسيناء وفي تأكيد على التشابه بين الوضعين، شهد جبل الشعانبي من ولاية القصرين عملية إرهابية استهدفت تسعة من كتيبة عسكرية تابعة لفرقة «الكومندوس» الليلة قبل الماضية في ما يراها المراقبون إنذارا للجيش بعدم الانجرار لدعم الشارع أو التحالف مع المعارضة لتطبيق السيناريو المصري في البلاد، ومحاولة لضرب معنويات القوات المسلحة. ورأى التونسيون في حادثة الشعانبي نسخا لما يتعرض له الجيش المصري من هجومات إرهابية في سيناء، قال عنها القيادي في حركة الإخوان محمد البلتاجي إنها يمكن أن تنتهي في دقائق لو أعيد مرسي إلى الحكم. وفي نقطة أخرى مشتركة تحرك أنصار حركة النهضة للهجوم على المعتصمين في ساحة باردو كما حدث سابقا من قبل جماعة الإخوان في ميداني التحرير والاتحادية والقاهرة وكما تسعى اللجان الشعبية لحماية الإخوان في مصر، تقوم رابطات حماية الثورة بالمهمة ذاتها في تونس، حيث لا اختلاف بين الفريقين إلا في الاسم، وكما تحدثت المعارضة المصرية عن أمن مواز في وزارة الداخلية أيام حكم الإخوان، تتحدث المعارضة التونسية عن جهاز أمن مواز تابع لحركة النهضة نجح في اختراق وزارة الداخلية. وبينما يتعرض الأزهر إلى حملة من قبل الإخوان يتعرّض جامع الزيتونة في تونس الذي كان على امتداد قرون مرجعية للفقه المالكي في المغرب العربي إلى حملة تشكيك في دوره، وفي حين لا يكف إخوان مصر عن الحديث عن الدولة العميقة في بلادهم يتحدث إخوان تونس عن الدولة العميقة في بلادهم بذات المفردات تقريبا. إشاعات وتشويه لا يختلف إخوان تونس عن نظرائهم في مصر في وعيهم بقلة المناصرين، لذلك يعتمدون على تمويلات ضخمة لاستقطاب الفقراء والمهمشين والمحرومين للمشاركة في مسيراتهم وتحركاتهم واعتصاماتهم المناهضة للمعارضة، كما يعتمدون على شبكة التواصل الاجتماعي لنشر الإشاعات وفبركة الأخبار والصور والفيديوهات ضدهم وأحيانا إلى تكفير كل من يختلف مع توجهات حركة النهضة. _________________ المصدر:( البيان الإماراتية )