إن كان هناك من يعرقل التسوية والعملية السياسية ويسعى للزج بهذا اليمن في اتون الحرب فهو الولاياتالمتحدة والمعبوث الأممي جمال بن عمر ووكلائهما في الداخل. الإنذار الذي وجهه السفير الاميركي بصنعاء للرئيس السابق بمغادرة اليمن قبل الساعة الخامسة من يوم الجمعة المقبل، لم يكن تدخلا سافرا في الشأن اليمني كما وصفه صالح وحسب، بل دليلا شديد الوضوح عن المستوى الذي بلغته الوصاية الخارجية التي تعصف بهذا البلد ولا تريد له الاستقرار. في وقت الذي مضى فيه اليمنيون إلى خيار السلام والتوافق على تنفيذ استحقاقات اتفاق السلم والشراكة الذي تعاطى مع الأزمة اليمنية من نهايتها وصحح المسار وعبد الطريق لبناء الدولة بعيدا عن أيدي الوصاية ، اتجهت واشنطن إلى فتح جبهة جديدة مع الرئيس السابق بزعمهم دعمه جماعة انصار الله بالمال والسلاح والمقاتلين للاستيلاء على المحافظات. لا دليل ملموس على هذا الدعم سوى ما ينعق به عملاء مخابرات يظهرون بين الحين والآخر في قناتي "الجزيرة" ، " العربية " واخواتهن، وإعلام الاخوان في الداخل والذي لم يستوعب بعد أن الزمن السياسي لتنظيم الإخوان انتهي إلى غير رجعة. قبل انهيار دولة الاخوان في ثورة 21 سبتمبر الماضي، كانت والمخابرات الاميركية تركن على مراكز نفوذ التنظيم ، للنعيق في كل مناسبة باتهامات للنظام السابق بعرقلة تنفيذ استحقاقات التسوية وفشلوا في تقديم دليل واحد يدين صالح أو أيا من رموز النظام السابق الذين ظلوا شوكة في خاصرة التنظيم الدولي للاخوان اجهضت كثير من مخططاته في هذا البلد، ما اضطرهم إلى استخدام اكثر اسلحتهم الفتاكه بدعم قرار وضع اليمن تحت طائلة الفصل السابع. بعد الانهيار الكبير للنفوذ السياسي والعسكري والأمني للإخوان تغيرت قواعد اللعبة فتصدت واشنطن جهارا نهارا للمهمة، وسبقت تقرير لجنة العقوبات الدولية واستخدمت نفوذها في المنظمة الدولية لاعتماد تفسيرات محللها السياسيين، حيثيات سياسية لإصدار قرار اممي بوضع صالح وإثنين من قادة جماعة انصار الله تحت طائلة العقوبات الدولية ! تنتهك الولاياتالمتحدة المواثيق الدولية وتنتهك سيادة الدول تحت شعارات خرقاء في حين أنها ووكلاها المتسبب الرئيسي في تهديد أمن واستقرار ومصالح البلدان. انهارت دولة الإخوان وانحسر نفوذهم الاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني الذي أرهق هذا البلد في حروب وأزمات لا تحصى، فكشرت واشنطن ولندن مخالبهما للدفاع عن مصالحهما التي كان الاخوان يتعهدون حمايتها لقاء دعمهم سياسيا وعسكريا وامنيا. عصا العقوبات التي وجهتها واشنطن للرئيس السابق وقياديين حوثيين، بالتزامن مع صفقات سرية ادارها السفير الاميركي بطلبه من صالح مغادرة اليمن لتفادي العقوبات كشف المستور. فالهدف ليس صالح ولا انقاذ التسوية التي تمضي قدما بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة بل اجهاض اتفاق السلم والشراكة الذي اخرج اليمن من نفق الوصاية الخارجية. تخطط واشنطن من طريق عصا العقوبات فتح الطريق لوكلائها لإدارة صراع استنزاف طويلة مع الحوثيين لكن هيهات، فقواعد اللعبة تغيرت وقضي الأمر. دمتم بخير _________ *نقلا عن صفحة الكاتب بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك