عودة(المقاتل) السياسي الوطني الى الكويت تؤذن لافتتاح معركة جديدة سياسية بامتياز و لكنها معركة تلي في التراتبية المعركة الحربية التي ينفذها بواسل الجيش و اللجان في الجبهات المتصدية لتحالف العدوان السعودي و مرتزقته. ( كويت 1) حقق فيه المفاوض اليمني مكاسب سياسية مهمة أبرزها كسر الحظر السياسي الدولي الذي فُرض مع انطلاق العدوان و استمر عاماً كاملاً بدون انفتاح سياسي حقيقي و استماع الوجه للوجه للطرف الوطني ممثل مجابهي العدوان و حصاره اللا إنساني . نعم كان هناك جنيف 1 و جنيف 2 لكن الجنيفين لم يمثلا أي قيمة ترجيحية للمسار السياسي بسبب تعنت و صلف الرياض و وفدها ، و بسبب إنغلاق الأفق الدولي على عكس ما جرى في الكويت و ما سيجري فيها . أخذت الجولة السابقة لمشاورات الكويت وقتاً احتسب طويلًا- سبعون يوماً- لكنه في حدث كالحدث الذي تمر به اليمن ليس كثيرًا.. و مع استمرار التلاعب السعودي ليس هينًا ، و إذا كان طويلاً فقد ساهم طوله في عقد لقاءات مكثفة عربية و اقليمية و دولية مع الوفد الوطني تضمنت مشاورات لا يمكن إلا أن تكون مجدية بجيدها و سيّئها ، و كان السمع و البصر و الفؤاد حاضرين حضور المواجهة و الاستماع و النقاش الذي لا تتيحه رسائل البريد الالكتروني و الفاكس . استطاع الوفد الوطني أن يقدم صورًا واضحة عن حقيقة الرؤية السياسية الوطنية لمجابهي العدوان و أن العدوان كما لا يمكن أن يكسرنا فلا يمكن أن يجعل البارود خيارًا أوحدًا لنا . فالطرح السياسي موجود و بشكل وطني امتيازي يتحدث عن وطن للجميع ليس فيه غالب ذِئبوي و لا مغلوب دونوي رغم الجرح العميق الذي صنعه العدوان و مرتزقته . التقى الوفد الوطني في جولة الكويت الأولى سفراء الدول ال 18 و غيرهم و التقى ممثلين دوليين أممين على طاولة كراسيها أكثر من ولد الشيخ .. و هذا إنجاز لم يتحقق في الجنيفين و لا في اتصالات ما قبلها و ما بعدها سواء في مسقط أو موسكو أو القاهرة أو بيروت . و قيمة هذا الإنجاز ليست في ظاهره البروتوكولي أو الوجاهي بل في ما تم في حواراته و بعرض الرؤية الوطنية التي نالت استحسان الكثير من الدبلوماسيين العرب و الأجانب و وجدوا فيها عقلانية و واقعية ، بخلاف طرح وفد الرياض الذي تنوعت ميوعته التفاوضية بين تعليق لحضور بعض الجلسات و امتناع عن بعضها و تلكؤ ثم عجز عن تقديم رؤية جامعة أو صورة واضحة لبعض القضايا مثل قضية الأسرى عندما عجز عن تقديم حصر دقيق ، بالإضافة الى تشتت وفده في طرح قضايا جزئية للنقاش و هروب من القضايا الرئيسة . في كويت 1 جرى تداول واسع للوضع الاقتصادي و حصل اجتماع للبنك الدولي بحضور محافظ البنك المركزي و وزير مالية هادي .. و الأهم ان الاجتماع تم بحس و سمع و بصر الوفد الوطني .. و هذا له مدلوله الايجابي على نقيض لو تم الاجتماع في عمّان أو غيرها و في غياب الصوت الذي يمثل الواقع و الضرر المباشر . و من كويت 1 خرج وزير الخارجية البريطاني ليقول في لقاء متلفز أن يد هادي تمسك بحكومة مهترئة لا تحظى بقبول الجميع و لا تمثل الجميع .. تغير سياسي لا يمكن تجاهله . و في كويت 1 عرف المجتمع الدولي الطرف المتهرب من الحلول الحقيقية و الخائف الوجل على خسارة المناصب و امتيازاتها السحرية التي اختلط فيها العطاء السعودي مع الاماراتي مع غيرهما . ذلك و غيره ما كان ليتحقق لولا صلابة المفاوض الوطني السياسي و عدم رضوخه للضغوط و نفضه للوهن و الضعف الذي ضخته ماكينة العدوان الإعلامية و السياسية و الإشاعاتية . و بالطبع و من خلفهم و أمامهم رجال في الميدان يرسمون معالم الطريق الثابت . و من يظن أنه قادر على العيش خارج منظومة الإدارة الدولية فلا يعدو أكثر من ناثر للرماد فوق الأشواك و في يوم ريح و بلا حذاء أراد جمع رماده ، مع الاعتذار للشاعر . و الذهاب في خط الحالة العدمية بتجاهل الكرة الدولية و تأثيرها لا ينتج شيئًا .. كما أن الاستسلام و الارتهان حالٌ عدمي نقيض لا ينتج شيئًا . حرب مواجهة العدوان و أدواته ليست غاية و هدفًا و لهذا تحتاج المواجهة إلى ذراع سياسية تفاوضية تبذل ما في وسعها ، على الأقل لإقامة الحجة على الآخر أمام رب الناس و الناس . و خلفنا تاريخ حافل بتجارب و ظواهر بشرية كثيرة ينبغي التعلم منها لم تقطع طريق التفاوض السياسي و تكتفي بالحربي العسكري و إن لم يتعلم الإنسان منها فانطبقت عليه المقولة الفلسفية الشهيرة القائلة بأن الدرس الوحيد من التاريخ أن الإنسان لم يتعلم من التاريخ . قبل 2500 عام قال حكيم عسكري من الصين القديمة أن التنظيم المتقن للدولة هو الحليف الأقوى للجندي ، و كما هذه الحكمة الخالدة .. فالمفاوض السياسي في جبهة الكويت هو الحليف الأقوى للجندي المقاتل في الميدان .. و العكس صحيح . __ *نقلا عن صفحة الكاتب الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك