مخربو القاعدة الذين نجحوا في الحصول على الجدول الزمني للسفير الأميركي في ليبيا أملوا في أن يصفوا عصفورين بضربة واحدة. أولا، سعوا الى ضعضعة العلاقات بين حكومة الثوار الليبية وبين الادارة في واشنطن التي حثت اسقاط القذافي. ثانيا، ارادوا ان يحدثوا في ليبيا ضررا لصورتها. عرضها كدولة غير مستقرة يجدر بالمستثمرين الأجانب أن يهربوا منها. وليس صدفة أن نفذت العملية في بنغازي بالذات، المدينة العلمانية في الدولة، التي تلوح بصفتها هدفا لأعمال تجارية يقظة. لكن من الخطأ الاعتقاد بان القاعدة فعلت ذلك كي تهز ليبيا وحدها. فالتوقيت الذي جاء فيه الفيلم الى الشبكات الاجتماعية باللغة العربية قبل لحظة من يوم الذكرى السنوية لمصيبة البرجين، منح المنظمة الارهابية العالمية فرصة ذهبية لخلق ربط بينها وبين اعضاء الحركات الاسلامية "المتطرفة" في العالم العربي. وبتشجيعها تحول الفيلم الى أمر يشعل غضب الناس المحبطين ضد واشنطن وضد قوات الأمن المحلية. فقد تعلق اعضاء حركة الجماعة الاسلامية في مصر مثلا به كي يصفوا الحساب مع مرسي، ينفسوا احباطهم عن ابعادهم عن المواقع الاساسية وتنفيس نقمتهم على سلسلة الحكم الجديدة لحركة الاخوان المسلمين، التي تبرز فكرا "معتدلا جدا". ويبدو ان الربط مصطنعا: فالقاعدة هي منظمة ارهابية، أما السلفيون فليسوا ناضجين للقتل. لكن هذا الربط ينتشر كالنار في الهشيم. الفكر الذي يجرف الجماهير هو أنه اذا كان الفيلم ضد النبي انتج في الولاياتالمتحدة فيجب معاقبة رموز التواجد الأميركي (المكروه) في أرجاء العالم العربي. واذا كان مرسي يعتزم السفر الى واشنطن، فسنعرقل له الزيارة. واذا كان الهادي، رئيس اليمن، يتصرف كالدمية الأميركية، فسنحرق له قيادته في صنعاء. هكذا الطلاب في ايران، الصوفيون في تونس، ومن يدري ماذا سيحصل اليوم في عمان. في خلايا الارهاب النائمة التي زرعت في ليبيا، في اليمن، في المغرب وفي امارات الخليج يمكن تفجير مواد تخريبية وسحب السلاح الثقيل من المخازن السرية. وسجلت تصفية السفير والدبلوماسيين الأميركيين الثلاثة في ليبيا كنجاح، ومحبطو الحركات الاسلامية المتطرفة سارعوا الى ربط أنفسهم بهذا النجاح. انتبهوا، نحن، الاسرائيليين، لا نذكر تقريبا في تظاهرات الغضب. فالأيادي الموجهة من القاعدة، مثلما من السلفيين، توجه المتظاهرين في اتجاه واحد فقط. مرسي ورئيس اليمن تلعثما جدا في الاعتذار للرئيس اوباما. من أجل استقرار الكراسي في القصر مهم لهما أكثر من الايضاح لجموع الغاضبين بأنه ممنوع التشهير بالنبي. وأنهم، على الأقل، لن يسمحوا بذلك. المصدر: ترجمات - صحيفة الحياة الجديدة