يطلق على الدولة التي أسسها عبدالعزيز آل سعود الدولة السعودية الثالثة لأن الدولة السعودية الأولى والثانية والتي نشأت في منتصف القرن الثامن عشر في شبه الجزيرة العربية بتحالف ديني وسياسي على أساس من المذهب الوهابي بين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود والمذهب هذا هو المذهب المنغلق على نفسه والذي يرفض كل ما سواه من المذاهب الأخرى ويدعو إلى جهاد وتكفير من يخالفه وكان هذا المنهج والدعوة والفكر هي المنطلق الذي تحرك به عبدالعزيز آل سعود في إنشاء الدولة الثالثة لآل سعود وفي هذه السلسلة سوف نستعرض خطوات نشأت هذه الدولة وتطورها ودورها التخريبي والتفكيكي للأمة العربية والإسلامية. - في أواخر القرن التاسع عشر أشتد الصراع بين الدولة الأوروبية العظمى لاقتسام تركة الدولة العثمانية وفي هذا النسق نجحت بريطانيا في دفع الشيخ مبارك الصباح لقتل اشقائه والاستيلاء على الحكم في الكويت وتم توقيع اتفاقية أصبحت بموجبها الكويت محمية بريطانية عام 1899م ، في هذا الوقت ظهر على مسرح الأحداث عبدالعزيز آل سعود حيث كان لاجئاً هو وأسرته في الكويت بعد هزيمة آل سعود على يد آل الرشيد وطردهم من نجد عام 1891م والتحق عبدالعزيز بخدمة مبارك الصباح ومن خلاله تقرب من بريطانيا العظمى ورجال مخابراتها وعبر هذه العلاقة استطاع عبدالعزيز الاستيلاء على مدينة الرياض عام 1902م وأصبح أميراً عليها وهو بعد في الثانية والعشرين من العمر وخلال عشر سنوات (1902م-1912م) أستغل عبدالعزيز آل سعود ضعف الدولة العثمانية ودعم الانجليزية وأستولى على القصيم والأحساء والقطيف وهضبة نجد عبر حروب قبائلية وعشائرية وأصبح منذ ذلك الحين قوة في المنطقة وأصبح له طموحات لا تنتهي . - كان عبدالعزيز آل سعود طموحاً في الاستيلاء على كل شيء تراه عيناه وتوسيع سلطته عليه بأي طريقة مرتكزاً في تحقيق تلك الطموحات على الآتي : 1- الاستناد على قوة الدولية الكبرى آنذاك ودعمها اللامحدود وهي بريطانيا العظمى. 2- إنشاء مليشيات عقائدية تكون أداته العسكرية لتحقيق طموحاته السياسية ومنذ العام 1904م توثقت عرى العلاقة بين بريطانيا وعبدالعزيز حيث تلقى منذ الحين دعماً مادياً وسياسياً وعسكرياً ساعده على بسط نفوذه والسيطرة على مناطق جديدة وبعد الحرب العالمية الأولى عام 1914م زاد الدعم البريطاني لأبن سعود حيث أصبح (الكابتن شكسبير) ممثلاً لبريطانيا العظمى في بلاط الأمير السعودي. وعندما قتل (الكابتن) عام 1915م قامت بريطانيا بتعيين رجل مخابرات انجليزي هو (جون فيلبي) الذي أشرف على تنظيم القوة السعودية وتسليحها وكسب أنصار جدد لها وعمل بكل قوته على أحياء العقيدة الوهابية وتوظيفها سياسياً لخدمة الأغراض البريطانية السعودية المشتركة وفي العام 1915م عقد عبدالعزيز مع بريطانيا العظمى معاهدة (دارين) والتي كان هدفها كما جاء في ديباجتها توطيد العلاقات التي مضى عليها وقت طويل بين الطرفين وقد نصت المعاهدة على ما يلي : 1- الاعتراف ب(عبدالعزيز آل سعود) حاكماً على نجد والأحساء والقطيف وجبيل وتوابعها . 2- مد عبدالعزيز آل سعود بالمساعدات المالية والعسكرية وزيادة راتبه من خمسمائة جنية إسترليني إلى خمسة آلاف جنية إسترليني . 3- خضوع بن سعود للنفوذ البريطاني وقبوله بالحماية البريطانية والتزامه بعلاقات حسن الجوار مع الكويت والبحرين وقطر وسواحل عمان الخاضعة للنفوذ البريطاني. وقد عمل المندوب البريطاني السامي (برسي كوكس) على مداعبة طموحات عبدالعزيز آل سعود في حكم حائل بدلاً من آل الرشيد والحجاز بدلاً من الهاشميين وعسير بدلاً من الادارسة كما مناه المندوب بأن يكون خليفة المسلمين بعد رحيل الاتراك ورداً على ذلك أعلن عبدالعزيز (أننا لن ننسى فضل بريطانيا العظمى مدى الحياة وسأبقى خادماً مطيعاً ومنفذاً لكل ما تريده بريطانيا العظمى). وهنا يكتمل الجزء الأول من خيانات هذه الدولة السرطانية في المنطقة ودور بريطانيا في دعمها وتأسيسها وسنكمل في الجزء الثاني دور المليشيات العقائدية والفكر الوهابي في تأسيس ودعم إنشاء دولة آل سعود والدور البريطاني في إحياء العقيدة الوهابية. المرجع: كتاب (السعودية والاخوان المسلمين) للدكتور/ محمد أبو الإسعاد