الماجستير للباحث النعماني من كلية التجارة بجامعة المستقبل    الدكتور بشير بادة ل " 26 سبتمبر ": الاستخدام الخاطئ للمضاد الحيوي يُضعف المناعة ويسبب مقاومة بكتيرية    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    الكاتب والباحث والصحفي القدير الأستاذ علي سالم اليزيدي    قراءة تحليلية لنص "محاولة انتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    ايران: لا يوجد تخصيب لليورانيوم في الوقت الحالي    هزتان أرضيتان جنوب وغرب محافظة تعز    المؤامرات السعودية ووعي اليمنيين    فعالية لمستشفى القدس العسكري بذكرى سنوية الشهيد    بعد فشل المواجهات العسكرية أمام صمود اليمنيين.. الأجهزة الأمنية تطيح بأخطر المخططات التجسسية الأمريكية الإسرائيلية السعودية    مدير فرع هيئة المواصفات وضبط الجودة في محافظة ذمار ل 26 سبتمبر : نخوض معركة حقيقية ضد السلع المهربة والبضائع المقلدة والمغشوشة    "الصراري" شموخ تنهشه الذئاب..!    وللقبائل اليمنية طوفانها الساحق لأعدائها    خلال وقفات شعبية وجماهيرية .. أبناء اليمن يؤكدون: مساعي العدوان للنيل من الجبهة الداخلية باتت مكشوفة ومصيرها الفشل    النرويج تتأهل إلى المونديال    مرض الفشل الكلوي (28)    أمن مأرب يعرض اعترافات خلايا حوثية ويكشف عملية نوعية جلبت مطلوبًا من قلب صنعاء    صلاح ينافس حكيمي وأوسيمين على جائزة الأفضل في افريقيا    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    البحسني يهدد باتخاذ قرارات أحادية لتطبيع الأوضاع في حضرموت ويتهم العليمي باستهداف المحافظة    طائرة البرق بتريم تتجاوز تاربة ينعش آماله في المنافسة في البطولة التنشيطية لكرة الطائرة بوادي حضرموت    الشعيب وحالمين تطلقان حملة مجتمعية لتمويل طريق الشهيد الأنعمي    تنامي التحذيرات من محاولات الإخوان جر حضرموت إلى دائرة التوتر    البرتغال إلى نهائيات «المونديال» للمرة السابعة توالياً باكتساحها أرمينيا    حكومة بريك تسجل 140 مشاركًا في مؤتمر البرازيل بينما الموظفون بلا رواتب    ضبط شحنة أدوية مهربة في نقطة مصنع الحديد غرب العاصمة عدن    سياسيون يحذرون مجلس الأمن من تداعيات تجاوز قضية شعب الجنوب ويطلقون وسم #السلام_والاستقرار_بعوده_الجنوب    رئيس تنفيذية انتقالي لحج يطلع على جهود مكتب الزراعة والري بالمحافظة    بلا رونالدو.. البرتغال "مبهرة" تنتصر 9-1 وتصل للمونديال    رئيس لجنة المسابقات: لائحة جديدة ودوري بنظام الذهاب والإياب    العدو الإسرائيلي يسرق 17000 قطعة أثرية من متحف قصر الباشا في غزة    حضرموت.. حكم قضائي يمنح المعلمين زيادة في الحوافز ويحميهم من الفصل التعسفي    افتتاح معرض صور الآثار والمعالم التاريخية اليمنية في إب    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    بعثة المنتخب الوطني تصل الكويت لمواجهة بوتان    رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    الجوف.. تسيير قافلة من البرتقال دعماً للمرابطين في الجبهات    ولد علي يعلن قائمة المنتخب اليمني النهائية لتحدي آسيا وكأس العرب في نوفمبر الناري    "العسل المجنون" في تركيا..هل لديه القدرة فعلًا على إسقاط جيش كامل؟    الدكتور بن حبتور يعزّي عبدالعزيز البكير في وفاة عمه    رئيس النمسا المحترم وسفهاء سلطة اليمن في مؤتمر المناخ    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    "وثيقة".. الرئاسي يعتمد قرارات الزبيدي ويوجه الحكومة بتنفيذها    بدء صرف راتب أغسطس لموظفي التربية والتعليم بتعز عبر بنك الكريمي    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    أفاعي الجمهورية    سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    مريم وفطوم.. تسيطران على الطريق البحري في عدن (صور)    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب الحقد السعودي على اليمن.. حقائق تاريخية
نشر في لحج نيوز يوم 08 - 08 - 2015

لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الحقد والكراهية والنزعة الانتقامية البشعة والمتوحشة التي تمارسها السعودية ضد الشعب اليمني في عدوانها الهمجي.. نعود في صحيفة »الميثاق« ونقلب بعض صفحات التاريخ، لأن ما ترتكبه السعودية من جرائم ضد الشعب اليمني وتدميرها مكتسباته يكشف عن خفايا كثيرة، ومؤامرة قديمة عمرها مئات السنين.. ولكن مشكلة اليمنيين أنهم ينسون أو يتناسون جرائم آل سعود، والتي من أبشعها مذبحة وادي تنومة في عام 1920م أقدم فيها قطيع من الوهابيين على ذبح ثلاثة آلاف حاج يمني بدم بارد.
لهذا نجد أن جرائم العدوان السعودي اليوم ضد اليمن -أرضاً وانساناً- وبهذه الوحشية ليست وليدة اللحظة وانما لها امتدادات تاريخية، فعندما نجدهم يقصفون الاحياء السكنية في صنعاء أو عدن أو المخا أو صعدة أو إب.. أو عمران ويبيدون المواطنين العزل في الاسواق وفي المساجد وفي الطرقات أو المدارس أو داخل منازلهم، فقد سبق أن اقترف آل سعود »في الدولة السعودية الأولى« مثل تلك الجرائم ودمروا المساجد اليمنية وذبحوا اليمنيين العزل، وجيشوا الجيوش الوهابية لاحتلال اليمن وادخالهم في هذا الدين المتوحش..
لقد وجد آل سعود -اليوم- في الفار هادي مبرراً كما وجدوا ذلك في الدور الذي أداه المدعو احمد الفلقي -آنذاك- والذي عبره احرقوا زبيد والعديد من مدن تهامة الأولى فثار عليهم اليمنيون وطردوهم من أراضيهم.
واذا عدنا لتلك الأحداث التاريخية في العلاقات اليمنية- السعودية سنكتشف بلا ريب لماذا يرتكب آل سعود كل هذه الجرائم ضد الشعب اليمني.. كما سنعرف لماذا يُذبح اليمنيون بوحشية، ولماذا تدمر البنى التحتية.. ولماذا يحاول آل سعود طمس الهوية اليمنية بتدمير الآثار والمعالم التاريخية والسدود والقلاع القديمة.. فعند العودة الى بعض احداث التاريخ سنجد الاجابات الشافية للكثير من مثل هذه التساؤلات عن دوافع هذا الحقد السعودي الذي يحرق بنيرانه فلذات أكباد اليمن.. ويطفئ أمل وفرحة وسعادة اطفالها.. ويزهق أرواح أهلنا بوحشيته وهمجية لا مثيل لها في التاريخ.
إن الجرائم التي تقترفها السعودية اليوم ليست من أجل عودة ما تسميه الشرعية لحكم اليمن، وإنما تعد محاولة لطمس اليمن من خارطة التاريخ السياسي وابتلاعها بطريقة الابادة واحراق الاخضر واليابس فيها واخضاع شعب الايمان الذي مايزال يقف حجر عثرة أمام احلام آل سعود الذين يسعون لابتلاع جزيرة العرب منذ اكثر من مائتي عام- الدولة الوهابية الأولى في القرن السابع عشر.
تذكر كتب التاريخ أن محمد بن عبدالوهاب وجد في محمد بن سعود، أمير الدرعية، القوة والناصر لنشر دعوته، فاتفقا في عام 1745م على أن يكون الحكم من حق محمد بن سعود وذريته، وتكون السلطة المدنية من حق آل الشيخ وذريته، فوجد محمد بن سعود في الدعوة الوهابية التي تكفر وتجيز قتل من لا يلتزم بها ضالته لتحقيق اطماعه في حكم نجد وإخضاع القبائل بالقوة.. ونظراً لذلك أباحت الوهابية أعمال السلب والنهب والقتل لأتباعها، لذا التف الناس حولها خوفاً وطمعاً.. وكانت هذه المفاهيم والنصوص المنسوبة للدين وراء انتصارات آل سعود في خارج الدرعية.
لقد حكم محمد بن عبدالوهاب على المسلمين من غير الوهابيين أنهم كفار واستباح أموالهم وأعراضهم ودماءهم، وحكم على من لم يكفرهم بالكفر.. كما ركز بن عبدالوهاب على الجهاد واعتبره الركيزة الثانية للدعوة، وهو جهاد المشركين »المسلمين« ومن خلال هذا المفهوم مارس أتباعه أعمال السلب والنهب والقتل واشبعوا رغباتهم مما سلبوه من أموال المسلمين، اضافة الى أن الوهابية قسمت اعمال الناس وافعالهم الى بدعة وسنة..
كانت الدولة السعودية الأولى التي حددت طبيعة أهدافها الدعوة الوهابية ترى في اليمن واليمنيين بنفس المنظار الذي نظرت به الى المسلمين في العالم الاسلامي -أي افترضت فيهم نقص دينهم ما داموا لم يدخلوا في طاعة إمامهم- أي أنهم كانوا ينظرون لليمنيين بالشرك والكفر خصوصاً بعد أن أدخلوا المسلمين الشيعة في الاحساء بدعوة التوحيد!!
منذ بدء الدعوة الوهابية أفشلت القبائل اليمنية أحلام عبدالعزيز بن محمد بن سعود الأول الذي كان يحلم في دولة واسعة الارجاء تكون اليمن جزءاً منها، إلاّ أن القبائل اليمنية قاومته وجعلته يبعدها من حسابه نهائياً.. بعد أن تصدت له بشراسة ومن ذلك ما يذكره أمين أبو زيد مؤلف كتيب »الوهابية وخطرها على مستقبل اليمن السياسي« الذي قال: لقد حفظ لنا المؤرخون الممارسات التي كان البدو وجيش محمد بن عبدالوهاب يمارسونها اثناء دخولهم الى المدن »زبيد والطائف ومكة والمدينة في الحجاز وكربلاء في العراق« والتي تعكس العقائد الراسخة في عقول الوهابيين تجاه إخوانهم من المسلمين في تلك البلدان والتي كان من أهم معالمها قتل مئات وآلاف الناس واستباحة اموالهم واعراضهم ودعوتهم للإيمان من جديد وتخريب أماكن عبادتهم ونهبها وتخريب كل ما يمت بصلة للعلماء والصالحين والأولياء.
لهذا عندما نشاهد ما تقترفه الطائرات السعودية من جرائم وقتل جماعي لليمنيين وتدمير للمساجد والقلاع والحصون وتدمير للآثار فذلك ليس بغريب على نظام قام منذ البداية بتكفير المسلمين واعتبارهم مشركين واستباح اموالهم ودماءهم اذا لم يؤمنوا بالوهابية.
واذا كان البعض يتساءلون باستغراب منذ بداية العدوان السعودي على اليمن عن سر قيام طائرات العدوان بقصف اليمنيين خلال أوقات الصلوات الخمس وفي وقت صلاة الجمعة، فإن الرد على تلك التساؤلات يحتاج الى بحث وعناء، حيث أن آل سعود اضفوا على عدوانهم على اليمن منذ البداية قدسية دينية تتمثل بالحرب ضد الروافض ومقاتلة المجوس -كما يدَّعون- وقد سارع علماء الوهابية الى إصدار فتاوى أباحوا فيها دماء اليمنيين واعتبار كل من يقاتل ضد اليمن شهداء ومدافعين عن الاسلام والحرمين الشريفين، وتزامن ذلك مع شن حملة تحريض وكراهية واستعداء ضد اليمنيين على المستوى العربي والاسلامي والعالمي عبر مختلف وسائل الاعلام ومنابر المساجد بدعوى تبعية اليمن لايران..
الى درجة أن معظم الشعوب العربية والاسلامية تخلت عن الشعب اليمني، وهذا يعكس حقد آل سعود المتراكم وكراهيتهم لليمن واليمنيين منذ بداية ظهور هذه الدولة التي قامت على الفكر الوهابي التكفيري والذي يؤمن بأن الشهادتين اذا نطق بها المسلم وصلى وصام وزكّى وظن أنه مسلم ثم قام بأعمال قد يفهم من ظاهرها شرك بالله كأن يقول يا محمد فإنه قد سقط اسلامه وخرج من دائرة الاسلام الى دائرة الكفر واصبح واجباً على محمد بن عبدالوهاب ومن آمن بدعوته جهاده وقتاله وادخاله في الاسلام من جديد، وبذلك حكم على المسلمين من غير الوهابيين أنهم كفار واستباح أموالهم واعراضهم ودماءهم وحكم على من لم يكفّرهم بالكفر حسب أمين أبو زيد.
لذا لا عجب أن يذبح آل سعود الشعب اليمني اليوم بهذه الوحشية في ظل هذا الصمت العربي والاسلامي المريب، على الرغم من أن اليمنيين أكثر التزاماً وتمسكاً بالاسلام وتطبيقاً لتعاليمه كما أنهم مدافعون أشداء عن تعاليم الدين الحنيف ويترجمونها في حياتهم منذ ظهور الاسلام.
لكن المشكلة تكمن في الفكر الوهابي والذي قسم اعمال الناس وافعالهم الى بدعة وسنة وهذا التقسيم اتاح لهم اتهام الناس بالشرك في عباداتهم وعقائدهم ومن ثم سهّل لهم محاربتهم.
اليمنيون أفشلوا مؤامرة آل سعود
منذ بدأ ظهور الدولة السعودية الأولى في القرن السابع عشر الميلادي اصطدمت أطماعهم وفشلت مخططاتهم واحلامهم امام جبال اليمن الشامخة، فقد تصدى لهم علماء وقبائل اليمن بقلب رجل واحد في مختلف المراحل التاريخية سواءً أكان ذلك في قوة اليمنيين أو ضعفهم وتقاتلهم الداخلي، إلاّ أن العدو السعودي ظل هو الخطر الذي يوحد اليمنيين في الوطن بشماله أو جنوبه شوافعه أو زيوده، فمنذ عهد عبدالعزيز محمد بن سعود »الأول« الذي قاد الدولة السعودية، أفشل اليمنيون أحلامه وطموحاته في انشاء دولة واسعة الأرجاء تكون اليمن جزءاً منها، فتصدوا له وهزموا مشروعه وأجبروه على ألاَّ يفكر مرة ثانية في محاولة ابتلاع اليمن فاستسلم للأمر الواقع.. لكن عندما حانت له الفرصة عاد عبدالعزيز آل سعود لاعلان حربه على اليمن، حيث استغل تعاطف احمد الفلقي من أهالي صبيا مع الدعوة الوهابية فاتصل به وعزز علاقته به وذاع صيت الفلقي بين القبائل التي بايعته ومعها أبرز رجال قبائل يام.. عندها مدّه الملك السعودي بجيش يقوده احد رجال القبائل المشهور ب»أبو نقطة«.
وبتعاون الفلقي وابو نقطة وطامي بن شعيب استولى الجيش الوهابي على عسير وسهل له مهمته الشريف حمود بن محمد أحد عمال الدولة القاسمية ومكنهم من الاستيلاء على الحديدة وبيت الفقيه واللحية وزبيد.
ويذكر مؤلف كتيب »الوهابية وخطرها على اليمن« أن الوهابيين عاثوا فساداً في هذه المدن وقتلوا سكانها ونهبواً أموالها وخربوا مساجدها ومزقوا الكتب والمصاحف وطالبوا من الناس أن يدخلوا في دين الله، ويتركوا ما كان يعبد آباؤهم، وقد خربوا جامع زبيد ونهبوا ما فيه!! وعاملوا الناس كمشركين.. وبعد اتساع دعوتهم المتطرفة سارع الشريف حمود بن محمد الذي كان سبباً في إنتصارهم، فاختلف معهم وقاتلهم وقتل قائدهم أبو نقطة وأخرجهم من تهامة وكان ذلك عام 1224ه.
وفي هذه الفترة أرسلت الدولة العثمانية جيوشها للقضاء على الدولة الوهابية فاستعانت بوالي مصر محمد علي باشا الذي ارسل جيشاً بقيادة ابنه ابراهيم، ولم يأتِ عام 1235ه إلاّ وعاصمة الخلافة العثمانية تحتفل بالقضاء على فتنة الدولة الوهابية وبذلك طُويت صفحة الدولة السعودية الأولى من الوجود ودُفن معها تاريخها الاجرامي.. ومن يومها ظل اليمنيون ينظرون بحذر الى قبائل نجد.
بريطانيا وآل سعود
في عام 1904م عاد عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود من الكويت الى نجد بعد أن جمع أربعين من رجال أسرته ليعملوا على استرداد عرش أجداده وفق خطة قائمة على احياء الفكر الوهابي بين القبائل التي ناصرت الدولة السعودية الأولى، كما أن بريطانيا وجدت في الملك السعودي ضالتها لتنفيذ اجندتها في المنطقة مقابل دعمها ومساندتها له، وهكذا بدأ التحالف السعودي- البريطاني مبكراً ومرتبطاً بنشأة النظام السعودي وعلى حساب مصالح وعقيدة الأمة، وسخروا الدين لتحقيق مصالحهم كان عبدالعزيز يطمح في دولة تشمل كل شبه الجزيرة العربية بما في ذلك اليمن، لذا فبعد استيلائه على مكة والمدينة والطائف والحجاز والاحساء عمل على الاستيلاء على عسير التي كانت خاضعة لحكم الأدارسة تمهيداً لغزو اليمن، وكان آل سعود والوهابيون يرون في اليمنيين مجموعة من غلاة الشيعة المشركين..
وعلى هذا الاساس واصل آل سعود تآمرهم على اليمن مستخدمين كل الأساليب..
بيد أن التاريخ يسجل أول مواجهة بين عبدالعزيز أل سعود مع الشعب اليمني والتي كانت في عام 1340ه 1920م عندما أقدمت مجاميع وهابية مسلحة على قتل 3000 حاج يمني بصورة وحشية في وادي تنومة وهم عزل من السلاح ذاهبون لأداء فريضة الحج، حيث أبادوا في ذلك الوادي جميع اليمنيين العزل ولم ينجُ منهم سوى خمسة أشخاص عادوا الى اليمن ليقصوا عليهم بشاعة تلك المذبحة.. ولعل وحشية مذبحة وادي تنومة لا تختلف عن المذابح الوحشية التي يقترفها آل سعود ضد الشعب اليمني اليوم لاسيما وأن طائراتهم وبوارجهم تقصف الاحياء السكنية والتجمعات السكانية والمنازل والاسواق والمدارس والمستشفيات بنفس تلك الهمجية التي ارتكبها آل سعود في وادي تنومة.. لكنهم أقدموا على ارتكاب تلك المذبحة الرهيبة اعتقاداً منهم أنهم بدماء اليمنيين يتقربون الى الله.
وبدم بارد نهب الوهابيون كل ما كان لدى أولئك الحجاج وهم يرددون التكبيرات معتقدين أنهم قتلوا مشركين!!
ومثلت هذه المذبحة نقطة تحول في العلاقات اليمنية- السعودية- بل إنها كانت أحد الأسباب وراء تفجر الحرب اليمنية السعودية في ثلاثينيات القرن الماضي والتي فاقمت من الحقد السعودي على اليمنيين الذين شعروا بفقدان ملكهم على أيدي اليمنيين بعد أن أخضعوا كل قبائل نجد والحجاز..
غير أن تواطؤ الإمام يحيى حميد الدين حال دون تحقيق انتصار يمني، بعد أن كان نجله أحمد قد استعاد نجران وتواصلت انتصاراته نحو الطائف، إلا أن الإمام يحيى رفض وفضّل الصلح مع آل سعود.. وعلى ضوء ذلك وقعت اتفاقية الطائف عام 1934م التي قضت بتسليم منطقتي نجران وعسير للإدارة السعودية لمدة عشرين عاماً.
وقد أثارت هذه الاتفاقية غضب علماءومشائخ اليمن وشكّلت بداية الخروج على الإمام يحيى والذي بلغ ذروته في ثورة 1948 التي قادها العلماء وكبار مشائخ اليمن وهي الثورة التي أطاحت بحكم الإمام يحيى، بعد أن وقف عبدالعزيز آل سعود أمام تلك الثورة بتأخيره وفد الجامعة العربية ثم طرده لوفد الثورة الدستورية وأخيراً مساندته للإمام أحمد بالمال والسلاح لاسترجاع ملكه.
وقد ظل آل سعود يقفون ضد أية ثورة في اليمن حتى انتصرت ثورة ال26 من سبتمبر المجيدة عام 1962م، رغم أن آل سعود سخّروا كل إمكاناتهم للقضاء على الثورة السبتمبرية المجيدة وأعلنوا عليها الحرب حتى عام 1970م بعد أن توالت هزائمهم، فقرروا احتواء الثورة اليمنية بمصالحة عام 1970، والتي اتخذت عدة أشكال ومنها إدخال العناصر التي قاتلت مع الملكيين ضمن تشكيل الحكومة بستة مقاعد وزارية و18 عضواً في مجلس الشورى، وبذلك أشعرت الجمهوريين أنها تمتلك أوراق ضغط داخل النظام وعبرها سوف تشارك في رسم الاتجاه الجديد للدولة، وبهذا شاركت أسرة آل سعود في القرار السياسي اليمني.
ولم تكتفِ السعودية بذلك التدخل السافر بل ظلت تواصل تآمرها على اليمن، حيث بدأت تستقطب المشايخ والوجهاء الذين كانوا يناصرون الثورة وأوهمتهم أنها لم تكن تحارب الجمهورية وإنما تحارب الاتجاه المضاد للدين، وبلغ ذروة تآمرها بتقديم المساعدات المالية وارتهان الوضع الاقتصادي اليمني لقرار الحكومة السعودية.. خلافاً عن ربط مرتبات الجيش بالرياض.
وإزاء التطورات التي شهدتها الساحة اليمنية في سبعينيات القرن الماضي على مستوى الشطرين انتقلت السعودية لتوسيع نشاطها عبر التيار المتأسلم.. غير أن الضربات التي تعرضت لها بفعل تزايد الرفض اليمني للأنشطة السعودية المشبوهة واستخدامها سياسة البراميل المتحركة لابتلاع الأراضي اليمنية، فاقمت الخلافات بين الجانبين، ما دفع الرياض الى تصفية قيادات يمنية ورهن القرار اليمني بيدها حتى استطاع الزعيم علي عبدالله صالح أن يحرر اليمن من التبعية السعودية ويفتح نافذة للعلاقات مع العالم دون طلب الإذن من الرياض، كما حقق المنجز الأهم الذي كان يتعارض مع رغبة السعودية ألا وهو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990م.
لذا لا غرابة أن نجد السعودية تستميت وتسخّر آلتها الحربية لاستهداف حياة الزعيم ثأراً منه لتحقيقه ذلك المنجز الوطني العظيم.. كما تكشف عن حقدها الدفين في استمرار عدوانها الغاشم الذي تقوده اليوم، وتستهدف فيه اليمن أرضاً وإنساناً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.