وكالة: الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    البرلماني بشر: اتفاق مسقط لم ينتصر لغزة ولم يجنب اليمن الدمار    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السعودية تقر عقوبات مالية ضد من يطلب إصدار تأشيرة لشخص يحج دون تصريح    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    ضمن تصاعد العنف الأسري في مناطق سيطرة الحوثي.. شاب في ريمة يقتل والده وزوجته    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    في واقعة غير مسبوقة .. وحدة أمنية تحتجز حيوانات تستخدم في حراثة الأرض    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    *- شبوة برس – متابعات خاصة    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب الحقد السعودي على اليمن.. حقائق تاريخية
نشر في لحج نيوز يوم 08 - 08 - 2015

لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الحقد والكراهية والنزعة الانتقامية البشعة والمتوحشة التي تمارسها السعودية ضد الشعب اليمني في عدوانها الهمجي.. نعود في صحيفة »الميثاق« ونقلب بعض صفحات التاريخ، لأن ما ترتكبه السعودية من جرائم ضد الشعب اليمني وتدميرها مكتسباته يكشف عن خفايا كثيرة، ومؤامرة قديمة عمرها مئات السنين.. ولكن مشكلة اليمنيين أنهم ينسون أو يتناسون جرائم آل سعود، والتي من أبشعها مذبحة وادي تنومة في عام 1920م أقدم فيها قطيع من الوهابيين على ذبح ثلاثة آلاف حاج يمني بدم بارد.
لهذا نجد أن جرائم العدوان السعودي اليوم ضد اليمن -أرضاً وانساناً- وبهذه الوحشية ليست وليدة اللحظة وانما لها امتدادات تاريخية، فعندما نجدهم يقصفون الاحياء السكنية في صنعاء أو عدن أو المخا أو صعدة أو إب.. أو عمران ويبيدون المواطنين العزل في الاسواق وفي المساجد وفي الطرقات أو المدارس أو داخل منازلهم، فقد سبق أن اقترف آل سعود »في الدولة السعودية الأولى« مثل تلك الجرائم ودمروا المساجد اليمنية وذبحوا اليمنيين العزل، وجيشوا الجيوش الوهابية لاحتلال اليمن وادخالهم في هذا الدين المتوحش..
لقد وجد آل سعود -اليوم- في الفار هادي مبرراً كما وجدوا ذلك في الدور الذي أداه المدعو احمد الفلقي -آنذاك- والذي عبره احرقوا زبيد والعديد من مدن تهامة الأولى فثار عليهم اليمنيون وطردوهم من أراضيهم.
واذا عدنا لتلك الأحداث التاريخية في العلاقات اليمنية- السعودية سنكتشف بلا ريب لماذا يرتكب آل سعود كل هذه الجرائم ضد الشعب اليمني.. كما سنعرف لماذا يُذبح اليمنيون بوحشية، ولماذا تدمر البنى التحتية.. ولماذا يحاول آل سعود طمس الهوية اليمنية بتدمير الآثار والمعالم التاريخية والسدود والقلاع القديمة.. فعند العودة الى بعض احداث التاريخ سنجد الاجابات الشافية للكثير من مثل هذه التساؤلات عن دوافع هذا الحقد السعودي الذي يحرق بنيرانه فلذات أكباد اليمن.. ويطفئ أمل وفرحة وسعادة اطفالها.. ويزهق أرواح أهلنا بوحشيته وهمجية لا مثيل لها في التاريخ.
إن الجرائم التي تقترفها السعودية اليوم ليست من أجل عودة ما تسميه الشرعية لحكم اليمن، وإنما تعد محاولة لطمس اليمن من خارطة التاريخ السياسي وابتلاعها بطريقة الابادة واحراق الاخضر واليابس فيها واخضاع شعب الايمان الذي مايزال يقف حجر عثرة أمام احلام آل سعود الذين يسعون لابتلاع جزيرة العرب منذ اكثر من مائتي عام- الدولة الوهابية الأولى في القرن السابع عشر.
تذكر كتب التاريخ أن محمد بن عبدالوهاب وجد في محمد بن سعود، أمير الدرعية، القوة والناصر لنشر دعوته، فاتفقا في عام 1745م على أن يكون الحكم من حق محمد بن سعود وذريته، وتكون السلطة المدنية من حق آل الشيخ وذريته، فوجد محمد بن سعود في الدعوة الوهابية التي تكفر وتجيز قتل من لا يلتزم بها ضالته لتحقيق اطماعه في حكم نجد وإخضاع القبائل بالقوة.. ونظراً لذلك أباحت الوهابية أعمال السلب والنهب والقتل لأتباعها، لذا التف الناس حولها خوفاً وطمعاً.. وكانت هذه المفاهيم والنصوص المنسوبة للدين وراء انتصارات آل سعود في خارج الدرعية.
لقد حكم محمد بن عبدالوهاب على المسلمين من غير الوهابيين أنهم كفار واستباح أموالهم وأعراضهم ودماءهم، وحكم على من لم يكفرهم بالكفر.. كما ركز بن عبدالوهاب على الجهاد واعتبره الركيزة الثانية للدعوة، وهو جهاد المشركين »المسلمين« ومن خلال هذا المفهوم مارس أتباعه أعمال السلب والنهب والقتل واشبعوا رغباتهم مما سلبوه من أموال المسلمين، اضافة الى أن الوهابية قسمت اعمال الناس وافعالهم الى بدعة وسنة..
كانت الدولة السعودية الأولى التي حددت طبيعة أهدافها الدعوة الوهابية ترى في اليمن واليمنيين بنفس المنظار الذي نظرت به الى المسلمين في العالم الاسلامي -أي افترضت فيهم نقص دينهم ما داموا لم يدخلوا في طاعة إمامهم- أي أنهم كانوا ينظرون لليمنيين بالشرك والكفر خصوصاً بعد أن أدخلوا المسلمين الشيعة في الاحساء بدعوة التوحيد!!
منذ بدء الدعوة الوهابية أفشلت القبائل اليمنية أحلام عبدالعزيز بن محمد بن سعود الأول الذي كان يحلم في دولة واسعة الارجاء تكون اليمن جزءاً منها، إلاّ أن القبائل اليمنية قاومته وجعلته يبعدها من حسابه نهائياً.. بعد أن تصدت له بشراسة ومن ذلك ما يذكره أمين أبو زيد مؤلف كتيب »الوهابية وخطرها على مستقبل اليمن السياسي« الذي قال: لقد حفظ لنا المؤرخون الممارسات التي كان البدو وجيش محمد بن عبدالوهاب يمارسونها اثناء دخولهم الى المدن »زبيد والطائف ومكة والمدينة في الحجاز وكربلاء في العراق« والتي تعكس العقائد الراسخة في عقول الوهابيين تجاه إخوانهم من المسلمين في تلك البلدان والتي كان من أهم معالمها قتل مئات وآلاف الناس واستباحة اموالهم واعراضهم ودعوتهم للإيمان من جديد وتخريب أماكن عبادتهم ونهبها وتخريب كل ما يمت بصلة للعلماء والصالحين والأولياء.
لهذا عندما نشاهد ما تقترفه الطائرات السعودية من جرائم وقتل جماعي لليمنيين وتدمير للمساجد والقلاع والحصون وتدمير للآثار فذلك ليس بغريب على نظام قام منذ البداية بتكفير المسلمين واعتبارهم مشركين واستباح اموالهم ودماءهم اذا لم يؤمنوا بالوهابية.
واذا كان البعض يتساءلون باستغراب منذ بداية العدوان السعودي على اليمن عن سر قيام طائرات العدوان بقصف اليمنيين خلال أوقات الصلوات الخمس وفي وقت صلاة الجمعة، فإن الرد على تلك التساؤلات يحتاج الى بحث وعناء، حيث أن آل سعود اضفوا على عدوانهم على اليمن منذ البداية قدسية دينية تتمثل بالحرب ضد الروافض ومقاتلة المجوس -كما يدَّعون- وقد سارع علماء الوهابية الى إصدار فتاوى أباحوا فيها دماء اليمنيين واعتبار كل من يقاتل ضد اليمن شهداء ومدافعين عن الاسلام والحرمين الشريفين، وتزامن ذلك مع شن حملة تحريض وكراهية واستعداء ضد اليمنيين على المستوى العربي والاسلامي والعالمي عبر مختلف وسائل الاعلام ومنابر المساجد بدعوى تبعية اليمن لايران..
الى درجة أن معظم الشعوب العربية والاسلامية تخلت عن الشعب اليمني، وهذا يعكس حقد آل سعود المتراكم وكراهيتهم لليمن واليمنيين منذ بداية ظهور هذه الدولة التي قامت على الفكر الوهابي التكفيري والذي يؤمن بأن الشهادتين اذا نطق بها المسلم وصلى وصام وزكّى وظن أنه مسلم ثم قام بأعمال قد يفهم من ظاهرها شرك بالله كأن يقول يا محمد فإنه قد سقط اسلامه وخرج من دائرة الاسلام الى دائرة الكفر واصبح واجباً على محمد بن عبدالوهاب ومن آمن بدعوته جهاده وقتاله وادخاله في الاسلام من جديد، وبذلك حكم على المسلمين من غير الوهابيين أنهم كفار واستباح أموالهم واعراضهم ودماءهم وحكم على من لم يكفّرهم بالكفر حسب أمين أبو زيد.
لذا لا عجب أن يذبح آل سعود الشعب اليمني اليوم بهذه الوحشية في ظل هذا الصمت العربي والاسلامي المريب، على الرغم من أن اليمنيين أكثر التزاماً وتمسكاً بالاسلام وتطبيقاً لتعاليمه كما أنهم مدافعون أشداء عن تعاليم الدين الحنيف ويترجمونها في حياتهم منذ ظهور الاسلام.
لكن المشكلة تكمن في الفكر الوهابي والذي قسم اعمال الناس وافعالهم الى بدعة وسنة وهذا التقسيم اتاح لهم اتهام الناس بالشرك في عباداتهم وعقائدهم ومن ثم سهّل لهم محاربتهم.
اليمنيون أفشلوا مؤامرة آل سعود
منذ بدأ ظهور الدولة السعودية الأولى في القرن السابع عشر الميلادي اصطدمت أطماعهم وفشلت مخططاتهم واحلامهم امام جبال اليمن الشامخة، فقد تصدى لهم علماء وقبائل اليمن بقلب رجل واحد في مختلف المراحل التاريخية سواءً أكان ذلك في قوة اليمنيين أو ضعفهم وتقاتلهم الداخلي، إلاّ أن العدو السعودي ظل هو الخطر الذي يوحد اليمنيين في الوطن بشماله أو جنوبه شوافعه أو زيوده، فمنذ عهد عبدالعزيز محمد بن سعود »الأول« الذي قاد الدولة السعودية، أفشل اليمنيون أحلامه وطموحاته في انشاء دولة واسعة الأرجاء تكون اليمن جزءاً منها، فتصدوا له وهزموا مشروعه وأجبروه على ألاَّ يفكر مرة ثانية في محاولة ابتلاع اليمن فاستسلم للأمر الواقع.. لكن عندما حانت له الفرصة عاد عبدالعزيز آل سعود لاعلان حربه على اليمن، حيث استغل تعاطف احمد الفلقي من أهالي صبيا مع الدعوة الوهابية فاتصل به وعزز علاقته به وذاع صيت الفلقي بين القبائل التي بايعته ومعها أبرز رجال قبائل يام.. عندها مدّه الملك السعودي بجيش يقوده احد رجال القبائل المشهور ب»أبو نقطة«.
وبتعاون الفلقي وابو نقطة وطامي بن شعيب استولى الجيش الوهابي على عسير وسهل له مهمته الشريف حمود بن محمد أحد عمال الدولة القاسمية ومكنهم من الاستيلاء على الحديدة وبيت الفقيه واللحية وزبيد.
ويذكر مؤلف كتيب »الوهابية وخطرها على اليمن« أن الوهابيين عاثوا فساداً في هذه المدن وقتلوا سكانها ونهبواً أموالها وخربوا مساجدها ومزقوا الكتب والمصاحف وطالبوا من الناس أن يدخلوا في دين الله، ويتركوا ما كان يعبد آباؤهم، وقد خربوا جامع زبيد ونهبوا ما فيه!! وعاملوا الناس كمشركين.. وبعد اتساع دعوتهم المتطرفة سارع الشريف حمود بن محمد الذي كان سبباً في إنتصارهم، فاختلف معهم وقاتلهم وقتل قائدهم أبو نقطة وأخرجهم من تهامة وكان ذلك عام 1224ه.
وفي هذه الفترة أرسلت الدولة العثمانية جيوشها للقضاء على الدولة الوهابية فاستعانت بوالي مصر محمد علي باشا الذي ارسل جيشاً بقيادة ابنه ابراهيم، ولم يأتِ عام 1235ه إلاّ وعاصمة الخلافة العثمانية تحتفل بالقضاء على فتنة الدولة الوهابية وبذلك طُويت صفحة الدولة السعودية الأولى من الوجود ودُفن معها تاريخها الاجرامي.. ومن يومها ظل اليمنيون ينظرون بحذر الى قبائل نجد.
بريطانيا وآل سعود
في عام 1904م عاد عبدالعزيز عبدالرحمن آل سعود من الكويت الى نجد بعد أن جمع أربعين من رجال أسرته ليعملوا على استرداد عرش أجداده وفق خطة قائمة على احياء الفكر الوهابي بين القبائل التي ناصرت الدولة السعودية الأولى، كما أن بريطانيا وجدت في الملك السعودي ضالتها لتنفيذ اجندتها في المنطقة مقابل دعمها ومساندتها له، وهكذا بدأ التحالف السعودي- البريطاني مبكراً ومرتبطاً بنشأة النظام السعودي وعلى حساب مصالح وعقيدة الأمة، وسخروا الدين لتحقيق مصالحهم كان عبدالعزيز يطمح في دولة تشمل كل شبه الجزيرة العربية بما في ذلك اليمن، لذا فبعد استيلائه على مكة والمدينة والطائف والحجاز والاحساء عمل على الاستيلاء على عسير التي كانت خاضعة لحكم الأدارسة تمهيداً لغزو اليمن، وكان آل سعود والوهابيون يرون في اليمنيين مجموعة من غلاة الشيعة المشركين..
وعلى هذا الاساس واصل آل سعود تآمرهم على اليمن مستخدمين كل الأساليب..
بيد أن التاريخ يسجل أول مواجهة بين عبدالعزيز أل سعود مع الشعب اليمني والتي كانت في عام 1340ه 1920م عندما أقدمت مجاميع وهابية مسلحة على قتل 3000 حاج يمني بصورة وحشية في وادي تنومة وهم عزل من السلاح ذاهبون لأداء فريضة الحج، حيث أبادوا في ذلك الوادي جميع اليمنيين العزل ولم ينجُ منهم سوى خمسة أشخاص عادوا الى اليمن ليقصوا عليهم بشاعة تلك المذبحة.. ولعل وحشية مذبحة وادي تنومة لا تختلف عن المذابح الوحشية التي يقترفها آل سعود ضد الشعب اليمني اليوم لاسيما وأن طائراتهم وبوارجهم تقصف الاحياء السكنية والتجمعات السكانية والمنازل والاسواق والمدارس والمستشفيات بنفس تلك الهمجية التي ارتكبها آل سعود في وادي تنومة.. لكنهم أقدموا على ارتكاب تلك المذبحة الرهيبة اعتقاداً منهم أنهم بدماء اليمنيين يتقربون الى الله.
وبدم بارد نهب الوهابيون كل ما كان لدى أولئك الحجاج وهم يرددون التكبيرات معتقدين أنهم قتلوا مشركين!!
ومثلت هذه المذبحة نقطة تحول في العلاقات اليمنية- السعودية- بل إنها كانت أحد الأسباب وراء تفجر الحرب اليمنية السعودية في ثلاثينيات القرن الماضي والتي فاقمت من الحقد السعودي على اليمنيين الذين شعروا بفقدان ملكهم على أيدي اليمنيين بعد أن أخضعوا كل قبائل نجد والحجاز..
غير أن تواطؤ الإمام يحيى حميد الدين حال دون تحقيق انتصار يمني، بعد أن كان نجله أحمد قد استعاد نجران وتواصلت انتصاراته نحو الطائف، إلا أن الإمام يحيى رفض وفضّل الصلح مع آل سعود.. وعلى ضوء ذلك وقعت اتفاقية الطائف عام 1934م التي قضت بتسليم منطقتي نجران وعسير للإدارة السعودية لمدة عشرين عاماً.
وقد أثارت هذه الاتفاقية غضب علماءومشائخ اليمن وشكّلت بداية الخروج على الإمام يحيى والذي بلغ ذروته في ثورة 1948 التي قادها العلماء وكبار مشائخ اليمن وهي الثورة التي أطاحت بحكم الإمام يحيى، بعد أن وقف عبدالعزيز آل سعود أمام تلك الثورة بتأخيره وفد الجامعة العربية ثم طرده لوفد الثورة الدستورية وأخيراً مساندته للإمام أحمد بالمال والسلاح لاسترجاع ملكه.
وقد ظل آل سعود يقفون ضد أية ثورة في اليمن حتى انتصرت ثورة ال26 من سبتمبر المجيدة عام 1962م، رغم أن آل سعود سخّروا كل إمكاناتهم للقضاء على الثورة السبتمبرية المجيدة وأعلنوا عليها الحرب حتى عام 1970م بعد أن توالت هزائمهم، فقرروا احتواء الثورة اليمنية بمصالحة عام 1970، والتي اتخذت عدة أشكال ومنها إدخال العناصر التي قاتلت مع الملكيين ضمن تشكيل الحكومة بستة مقاعد وزارية و18 عضواً في مجلس الشورى، وبذلك أشعرت الجمهوريين أنها تمتلك أوراق ضغط داخل النظام وعبرها سوف تشارك في رسم الاتجاه الجديد للدولة، وبهذا شاركت أسرة آل سعود في القرار السياسي اليمني.
ولم تكتفِ السعودية بذلك التدخل السافر بل ظلت تواصل تآمرها على اليمن، حيث بدأت تستقطب المشايخ والوجهاء الذين كانوا يناصرون الثورة وأوهمتهم أنها لم تكن تحارب الجمهورية وإنما تحارب الاتجاه المضاد للدين، وبلغ ذروة تآمرها بتقديم المساعدات المالية وارتهان الوضع الاقتصادي اليمني لقرار الحكومة السعودية.. خلافاً عن ربط مرتبات الجيش بالرياض.
وإزاء التطورات التي شهدتها الساحة اليمنية في سبعينيات القرن الماضي على مستوى الشطرين انتقلت السعودية لتوسيع نشاطها عبر التيار المتأسلم.. غير أن الضربات التي تعرضت لها بفعل تزايد الرفض اليمني للأنشطة السعودية المشبوهة واستخدامها سياسة البراميل المتحركة لابتلاع الأراضي اليمنية، فاقمت الخلافات بين الجانبين، ما دفع الرياض الى تصفية قيادات يمنية ورهن القرار اليمني بيدها حتى استطاع الزعيم علي عبدالله صالح أن يحرر اليمن من التبعية السعودية ويفتح نافذة للعلاقات مع العالم دون طلب الإذن من الرياض، كما حقق المنجز الأهم الذي كان يتعارض مع رغبة السعودية ألا وهو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990م.
لذا لا غرابة أن نجد السعودية تستميت وتسخّر آلتها الحربية لاستهداف حياة الزعيم ثأراً منه لتحقيقه ذلك المنجز الوطني العظيم.. كما تكشف عن حقدها الدفين في استمرار عدوانها الغاشم الذي تقوده اليوم، وتستهدف فيه اليمن أرضاً وإنساناً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.