تصاعدت حدة التوتر في العاصمة اليمنية صنعاء بعد قرار تفويض الرئيس اليمني علي عبد الله صالح صلاحيات دستورية لنائبه عبدربه منصور هادي للحوار مع الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية لحل الأزمة السياسية، وسط اتهامات متبادلة بين السلطة والمعارضة بالمسؤولية عن التصعيد. فقد شهدت مناطق عدة في العاصمة اليمنية تواجدا مكثفا لآليات قوات الجيش والأمن الموالية للرئيس صالح، كما شهدت مناطق أخرى مقابلة لها تواجدا مكثفا للقوات المناوئه للنظام الحاكم، الموالية لقائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الذى أعلن قبل أشهر عدة تأييده السلمي لمطالب ثورة الشباب السلمية في اليمن. وافاد شهود عيان أن الوحدات الموالية للرئيس صالح حاولت التوسع في محيط منطقة الحصبة (شمال شرق العاصمة)، وهي المنطقة التي شهدت مواجهات عنيفة خلال شهر أيار (مايو) الماضي بين القوات الحكومية (الجيش والأمن)، وبين عناصر مسلحة موالية للشيخ صادق الأحمر (شيخ قبائل حاشد أكبر القبائل اليمنية). ويرى المراقبون أن هذا التصعيد في منطقة الحصبة ينذر باحتمال عودة المواجهات المسلحة بين الجانبين، خصوصاً في ضوء جمود الموقف السياسي وعدم تحقيق أي تقدم يتعلق باستئناف الحوار بين السلطة والمعارضة على الرغم من قرار تفويض الرئيس صالح نائبه بإجراء حوار مع المعارضة، ورفض قيادات معارضة لهذا الطرح. وتتهم السلطات اليمنية العناصر المسلحة الموالية لشيخ قبائل حاشد بتصعيد الموقف في منطقة الحصبة، وذلك من خلال إقامة العديد من المتاريس وحفر الخنادق وإنشاء نقاط أمنية في العديد من شوارع المنطقة، ما يعني أن هذه العناصر تسعى لتأجيج الأوضاع مرة أخرى، بحسب السلطات اليمنية. وفي المقابل، تتهم قيادات المعارضة اليمنية القوات الحكومية بتصعيد الأوضاع شمال شرق العاصمة من خلال نشر عدد كبير من الدبابات والعربات المصفحة والأطقم العسكرية المزودة بالرشاشات الثقيلة في كل النقاط الأمنية وحواجز التفتيش القديمة والمستحدثة الممتدة من محيط مطار صنعاء الدولي، ومختلف مناطق شمال العاصمة. في هذا الصدد، يعرب العديد من سكان العاصمة صنعاء عن تخوفهم وقلقهم من احتمال انفجار الأوضاع في العاصمة، خصوصاً بعدما وقعت اشتباكات متقطعة شمال العاصمة بين العناصر المسلحة الموالية للشيخ صادق الأحمر وبين القوات الحكومية خصوصاً قوات الحرس الجمهوري، أسفرت عن مقتل مواطن وإصابة اثنين آخرين، بحسب مصادر المعارضة اليمنية. فى السياق نفسه، يشير بعض المراقبين إلى أن الأوضاع فى العاصمة تسير باتجاه المواجهة المسلحة بين المسلحين التابعين للشيخ صادق الأحمر من جهة وبين القوات الموالية للرئيس صالح من جهة أخرى، وكذلك بين القوات المنشقة عن الجيش اليمني التي يقودها اللواء علي محسن، المؤيدة ل"ثورة الشباب السلمية" وبين قوات الحرس الجمهوري. ولم تقتصر حدة التصعيد الأمني على منطقة الحصبة، بل امتدت إلى منطقة أرحب (أقصى شمال العاصمة) وهي المنطقة القريبة من مطار صنعاء الدولي، والتي شهدت مواجهات مسلحة عنيفة خلال اليومين الماضيين بين القوات الحكومية وعناصر مسلحة تابعة للتجمع اليمنى للإصلاح (الإخوان المسلمون)، أكبر أحزاب المعارضة وعضو تحالف اللقاء المشترك. وذكرت مصادر قبلية أمس ان تسعة اشخاص قتلوا في هذه المعارك بين قبلية "بكيل" وبين وحدات من الحرس الجمهوري الموالية للرئيس صالح في مدينة أرحب التي تعتبر البوابة الشمالية لصنعاء ولطريق المطار. فقد تمكنت وحدات عسكرية مرابطة في مديرية أرحب أول من أمس من السيطرة على عدة مناطق استراتيجية، وأخلت هذه المناطق من ميليشيات مسلحة تابعة للإصلاح كانت تشن هجمات متكررة في الأيام الماضية على معسكرات للجيش اليمني بهدف الاستيلاء عليها، بحسب المصادر الرسمية اليمنية. وكانت السلطات اليمنية قد ذكرت أن العناصر الإرهابية فرت أمام هذه المواجهات، وخلفت وراءها أسلحة متوسطة وثقيلة يعتقد أن قيادة الفرقة الأولى مدرع، والذي أعلن قائدها اللواء علي محسن "المنشق عن الجيش" تأييده لثورة الشباب السلمية قد وفرتها لها. وفى سياق متصل، بالتصعيد في العاصمة صنعاء، ذكر شهود عيان وسكان يقيمون في مديرية معين، وسط العاصمة، أن اللواء علي محسن قائد الفرقة الأول مدرع وجه بنشر مجندين مسلحين على أسطح عمارات محاذية لشارع الستين، أحد أكبر شوارع العاصمة والذي يشهد يوم الجمعة من كل أسبوع تظاهرات احتجاجية للمناهضين للنظام الحاكم، غير أن مصادر الفرقة نفت صحة هذه الأنباء. في غضون ذلك، وجه وزير شؤون مجلسي النواب والشورى احمد محمد الكحلاني نداء لتقديم المساعدات لاكثر من مئة الف شخص نزحوا من مناطقهم جراء المواجهات بين "القاعدة" وقوات الامن في محافظة ابين، واستقر بعضهم في المدارس في محافظتي لحج وعدن المجاورتين، ما قد يعوق بدء العام الدراسي. ودعا الكحلاني دول مجلس التعاون الخليجي الى تقديم المساعدات لهؤلاء للنازحين، وقال في تصريح لوكالة "فرانس برس"، "اوجه الدعوة لاخواننا في دول الخليج وغيرها لدعم النازحين القادمين من محافظة ابين كونهم يعيشون ظروفا صعبة للغاية"، موضحاً ان "حصيلة النازحين من ابين تبلغ 108 الاف معظمهم، موزعين على أكثر من 66 مدرسة في عدن، في حين يستأجر الاخرون منازل شعبية او يقيمون لدى اقاربهم.