في المادة السابقة- الحلقة رقم 44- كتبتُ عن إيجابيات وسلبيات السلطات اليسارية التي تداولت حكم جنوب الوطن لكنني نسيتُ واحدة من السلبيات وهي: التطرف في تأميم مساكن وعقارات بسيطة لا يلزم تأميمها لكن التطرف الأعوج لا يعرف ما هو الصح أو الغلط حيث أمموا ابتداءً من أواخر نوفمبر من عام 1972م مبان وعقارات لم يكن هناك داعي لتأميمها.. وذاك الإجراء يُعد من أخطأ سلطة اليساريين البائن بينونة كبرى. ملاحظة: على ذكر المساكن والعقارات رفاقنا اليساريون في جنوب الوطن أمموا من الملك الخاص للملك العام والإخوة في مراكز القوى القبلية والدينية في شمال الوطن أمموا أو بالأصح نهبوا أراضي وعقارات الدولة.. وبعد الوحدة الدولة عوضت أصحاب الملك الخاص بأراضي جيدة من المحافظاتالجنوبية فمن يا ترى سيعوض الدولة؟؟! في المحافظات الشمالية – البعض لم يستوعب أن ملك الدولة هو ملك الشعب-. عودة إلى الموضوع: إن التطرف بمختلف أشكاله يميني أو يساري ممقوت ومكروه بل ومدان عند الله وخلق الله.. لكن ضرر التطرف اليميني أكثر من ضرر التطرف اليساري ولله في خلقه شؤون. تجربة الثورة والدولة في شمال الوطن- للفترة من عام 1962م إلى عام 1990م الحديث الوافي عن تجربة الثورة والدولة في ظل الجمهورية في شمال الوطن منذ قيام ثورة 26سبتمبر من عام 1962م إلى يوم إعلان الوحدة اليمنية في 22مايو عام 1990م يطول شرحه لا يكفيه هذا الحيز البسيط لذا سأكتب رؤوس أقلام عما أعرفه عن تلك التجربة التي تراوحت بين الإجادة والإخفاق وبين السلبيات والإيجابيات.. والسلبيات طبعاً لم تكن بسبب الثورة وأهدافها بل بسبب إخفاقات وسلبيات قادتها أو الذين حكموا في سنوات لاحقة.. وحصل تداول غير سلمي للسلطة. في بداية التقييم البسيط والمختصر: أقول أن ثورة 26سبتمبر عام 1962م لم يكن طريقها مفروشاً بالورود فقد واجهت كثيراً من الصعوبات والمعضلات وكوابح جمة في طريقها ورغم أنها حققت بعض الإنجازات الإيجابية ومن أهمها تهيئة الظروف الملائمة لقيام ثورة 14أكتوبر عام 1963م ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن.. كما أن إعلان الأهداف الستة للثورة السبتمبرية تعتبر من أكبر وأفضل الإيجابيات لكنها للأسف لم تحقق إلا أقل من الثلث.. والتداول السلمي للسلطة لم يحصل قط كل التداول للسلطة كان غير سلمي.. وقد كان التداول الغير سلمي للسلطة على النحو التالي: الرئيس المشير عبدالله السلال يميل إلى اليسار ترأس الجمهورية اليمنية خلال الفترة من سبتمبر 1962م إلى 5نوفمبر 1967م مدة رئاسته خمس سنوات وشهر وتسعة أيام.. حاول بناء دولة نظام وقانون لكن الحرب مع الملكيين وخداع ونصب بعض القبائل الذين كانوا جمهوريين نهاراً وملكيين ليلاً حالت دون ذلك وقد وجدت شبه دولة. الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني استمر في الحكم من تاريخ 5نوفمبر 1967م إلى 13يونيو 1974م مدة عهده ست سنوات وسبعة أشهر وثمانية أيام اتجاهه الفكري والسياسي وسطي وقد حاول بناء دولة نظام وقانون لكن مراكز القوى القبلية والدينية وقفت أمامه حجر عثرة واستمر الحال في عهده شبه دولة. الرئيس المقدم إبراهيم الحمدي اتجاهه الفكري والسياسي يساري استمر عهده من 13يونيو 1974م إلى 11اكتوبر من عام 1977م – أي مدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر و28يوماً وقد عمل خلال تلك الفترة ما لم يستطع عمله الرؤوساء الذين سبقوه والذين جاءوا بعده والتجربة خير برهان حيث استطاع طيب الذكر المقدم إبراهيم محمد الحمدي أن يبدأ ببناء مداميك دولة النظام والقانون دولة المؤسسات الدستورية والقانونية.. وحقيقة لا ينكرها أحد ولا يختلف حولها عاقلان أن عهد الرئيس إبراهيم الحمدي يعتبر العصر الذهبي للشطر الشمالي من الوطن حيث تحسنت معيشة الناس ووجد أمن صاغ سليم وتحسن الاقتصاد الوطني ووجدت هيبة لمؤسسات الدولة.. لكن للأسف الشديد أننا اليمنيون نقتل مبدعينا ونقتل العباقرة من قادتنا من أمثال إبراهيم الحمدي فقد تم اغتيال الحمدي بتخطيط سعودي وتنفيذ أيادي آثمة يمنية. الرئيس أحمد حسين الغشمي 2سبتمبر ثمانية أشهر واثني عشرة يوماً- اتجاهه الفكري كان قبلي وتأثر بعجرفة اليمين.. واليمين طبعاً عمره ما أوجد عدل والقبيلة عمرها ما أوجدت دولة نظام وقانون. الرئيس الخامس علي عبدالله صالح هو من نفس فصيلة الغشمي لكن بشكل مطور ومن نفس قبيلة الغشمي بشكل غير مطور سنكتب عنه التوصيف في العدد القادم إن شاء الله