طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    الجيش الباكستاني يعلن تعرض البلاد لهجوم هندي بعدة صواريخ ويتعهد بالرد    أكثر من 80 شهيداً وجريحاً جراء العدوان على صنعاء وعمران والحديدة    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    الخارجية الإيرانية تدين الهجوم الصهيوني على مطار صنعاء    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    صنعاء .. وزارة الصحة تصدر احصائية أولية بضحايا الغارات على ثلاث محافظات    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    التحالف والشرعية يتحملون مسئولية تدمير طائرات اليمنية    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 52,615 شهيدا و 118,752 مصابا    البدر: استضافة الكويت لاجتماعات اللجان الخليجية وعمومية الآسيوي حدث رياضي مميز    المجلس الانتقالي وتكرار الفرص الضائعة    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    رئيس مؤسسة الإسمنت يتفقد جرحى جريمة استهداف مصنع باجل بالحديدة    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    سلسلة غارات على صنعاء وعمران    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الباري طاهر:«الزحف السلمي»كلمة ملعونة..أخطاء الساحة خدمت النظام..و المشترك«نرجسي»


(تنويه:
الحوار التالي مع الأستاذ عبدالباري طاهر, نشرته صحيفة اليمن في شهر مايو الماضي, أي قبل خمسة أشهر من الآن. ولعله لم يطرأ في الأحداث وتداعيات المشكلة اليمنية, خلال هذه الفترة الطويلة, ما يغير أو يناقض الآراء والمقاربات الأساسية العميقة التي ترد في سياق الحوار, وعلى العكس من ذلك نحسب أن الأيام والأحداث أثبتت صحة وعمق التحليلات والآراء الذي وضعها الأستاذ عبد الباري.
وإذ نعيد نشرها اليوم, لأن الشيء المهم والجوهري فيه لم يتغير موضوعه على الأرض, وتظل القضايا المثارة خلال الحوار عاملة وحاضرة كما كانت..... المحرر)
المفكر الصحفي عبدالباري طاهر ل"اليمن":
ثلاثة اتجاهات تتنازع "ثورة الشباب".. وثلاثة أخطار تتهددها
من يحافظ على النظام هي أخطاء الساحة.. وخطايا القوى التقليدية داخلها
كلمة "الزحف السلمي" يلعن بعضها بعضا, ولا تؤدي الى معنى
الخليجيون ليسوا حريصين على بقاء صالح وهم حريصون على بقاء "النظام" وزوال الرئيس
اللقاء المشترك يتعامل مع نفسه بنرجسية عجيبة ولا ينتقد أخطاءه ولا يواجه بعضه بعضا
هل يعقل في ساحة التغيير والحرية أن يصعد أحدهم الى المنصة ويطالب بقيام "دولة الخلافة الإسلامية"؟!
صنعاء- (اليمن- أخبار اليمن)- حاوره: أمين الوائلي
المفكر والباحث والصحفي الأستاذ عبدالباري طاهر يشرف على اللحظة اليمنية الفارقة, من منطقة محايدة.. ويشخص الواقع بعيني حكيم ومجهر خبير وعقلية ناقدة تتمرد على الجدران والتقليد ولا تهادن السائد مهما تلون. وهنا أفضل وأشمل قراءة نقدية تهدى للشباب وثورتهم حتى الآن
أين.. وصلنا ؟!
الأستاذ عبدالباري طاهر, كتبت وتحدثت ونقدت ونافحت كثيرا عن "ثورة الشباب", الآن وبعد أكثر من تسعين يوما-(في مايو)- على انطلاقتها إلى أين وصلت ثورة الشباب, وماذا بعد؟
- ربما كان مكوث الشباب كل هذه الفترة الزمنية في الساحات له جانب إيجابي, رغم كل المخاطر, أنه يحصل الاندماج ومزيد من الحوار والتفاهم ومزيد من التعلم من بعض ومن القبول بالآخر. لأنه للأسف الشديد خلال الفترة الماضية حكمت اليمن بالتجهيل.. بالتخويف.. بالصراعات, كانت سياسة ممنهجة لتغذية الانقسامات والصراعات والخلافات, هذه تكون موجودة لكن عندما يشتغل عليها الحكم في أعلى وتتحول إلى فتن وحروب هنا الكارثة.
الآن هؤلاء الشباب, لأول مرة في تاريخ اليمن يلتقي اليمنيون جميعا في الساحات وكلهم يطالبون برحيل النظام وكلهم يصرون على ثورة سلمية ديمقراطية برغم العنف والمجازر وهناك حرص شديد جدا من قبل كل الناس بما في ذلك أبناء القبائل على أن لا تنجر هذه الثورة الى العنف.
وإلى أين وصلت الأمور في اللحظة الراهنة مع ما عرضت له؟
- اللحظة الآن لحظة مفصلية, الآن يتنازع الثورة الشبابية التي شاركت فيها كل فئات وشرائح المجتمع اليمني.. يتنازعها أكثر من اتجاه.. وعلى علاقة مباشرة باتجاه في دول المنطقة, مجلس التعاون الخليجي وهذه لديها هاجس انتصار ثورة شعبية في اليمن, هي لا تقبل بها في أمريكا اللاتينية.
أن تأتي ثورة شعبية في اليمن, في منطقة على قرب (90.9%) من احتياط العالم من النفط, ولذلك أهمية اليمن العظيمة في مكانها وإنسانها. إنسانها إنسان مبدع وخلاق وعنده استجابة بديعة لروح العصر, هذا الإنسان الذي استجاب للديانات السماوية الثلاث.. استجاب لرسالة الإسلام طواعية وبرسالة.
هذا الإنسان في هذه الأرض عنده أشواق للحرية وللجديد وللعصر, إذا ثلاثة اتجاهات الآن تتنازع ثورة الشباب.. وهي:
الاتجاه الأول والرئيسي هو اتجاه الشباب, الذي يريد أن تحسم الثورة سلميا وبسقوط النظام برموزه وفساده واستبداده وكل ما عليه يسير.
الاتجاه الثاني يراهن على المساومة السياسية.
ومن يمثله؟
- يمثله اتجاه موجود في أحزاب اللقاء المشترك, جزء منه يراهن الآن على حل سياسي ولا يراهن على حسم تقوده ثورة الشباب.
حتى بعد بياناتهم ومواقفهم الأخيرة؟
- حتى بعد بياناتهم الأخيرة لا تزال هواجس الحل السياسي قائمة لديهم, ولكن هم يريدون تحسين شروط التفاوض...
الاتجاه الثالث, دول الخليج أيضا, مجلس التعاون الخليجي يجيء في هذا الاتجاه, أو بالأحرى جزء منه.. الجزء الرئيسي الذي هو العربية السعودية وعمان والبحرين, مع تنحية صالح والإبقاء على نظامه. ان يبقى النظام كما هو ويذهب صالح, هم أيضا لديهم مشاكل معه كما لنا نحن أيضا مشاكل معه. ولذلك هم ليسوا حريصين على بقائه لكنهم حريصون على بقاء نظامه, وحريصون أكثر أن لا تقوم ثورة شبابية تؤدي الى ديمقراطية إلى المدى الأبعد.. وتحدث تنمية وحداثة وتحدث تغيرا في منطقة مهمة جدا على مقربة منهم, ولذلك هم حريصون على بقاء النظام وزوال صالح, وهناك اتجاه داخل الحياة السياسية اليمنية مع هذا التفكير أيضا, في المعارضة السياسية.
مخاطر تهدد "الشبابية"
ألا ترى, أيضا أن المدى الزمني الطويل نسبيا, لعب ضد نقاء الثورة الشبابية.. فظهرت نزعات الاستئثار والسلبيات التي رافقت تجربة الأشهر الثلاثة الماضية. مقابل تأخر ظهور قيمة ونزعة النقد الداخلي.. الذاتي, بدعوى "عدم شق الصف", وأنت كتبت مؤخرا عن "مسلمة الفتح" ونقدت جانبا مهما من الظاهرة الالتفافية التي تحاصر الشباب والساحة, ألا ترى أن هؤلاء أنفسهم لا يزالون يفعلون ذلك بأكثر من طريقة ومعنى؟
- بلى, وهذه إحدى المخاطر التي تهدد وتستهدف الثورة الشبابية. المبادرات الخارجية التي تقصف الساحة الآن, والمساومة السياسية التي تدور الآن بين المشترك والحكم, لها قضية مشتركة هي "تلجيم الثورة" وعدم انتصارها. هذا هو الهدف المشترك للجميع, للإخوة الأعداء.. (اللقاء المشترك, ودول الخليج والحكم), كلهم حريصون أن لا تذهب هذه الثورة الى المدى الأبعد وتمثل سابقة غير مسبوقة في التاريخ اليمني.
ثورة سبتمبر 62 كانت غير مسبوقة في الجزيرة والخليج, وثورة 14 أكتوبر أيضا كانت غير مسبوقة. وهذه الآن تقدم أنموذجا أكثر خطورة من سبتمبر وأكتوبر ومن الوحدة. لأنها تقدم إرادة شعبية عامة في مواجهة نظام حكم مستبد وفاسد, وهذا يؤسس لشيء خطير بالنسبة لأنظمة تقليدية ورجعية.
إذاً ما هي الأخطار التي تتهدد الساحة والشباب؟
- الخطر الآن الذي يتهدد الساحة.. خطر من التجاوزات الموجودة والاجتهادات والانتهاكات وتغول اللون الواحد والصوت الواحد..محاولة الاستفراد والهيمنة على الساحة وأيضا تقديم نموذج في الساحة لا يختلف كثيرا عن نموذج نظام الحكم نفسه. هذا الخطر الأول.
والخطر الثاني والأدهى هو المسيرات غير المدروسة. للأسف الشديد بعض القيادات في الميدان يحسبون أن الثورة هي عمل عفوي وتلقائي غير منظم وغير دقيق ولا يخضع للتكتيك ورسم أهداف ولا لخطط, يتصرفون بنفس العفوية والتلقائية وليسوا مدركين أن هذا العمل السلمي والمدني يحتاج الى تكتيك راق جدا.
أنا قلت لبعضهم, يا إخواننا أنتم تقدمون على عمل سلمي في مواجهة بطش وقوة غاشمة, وللأسف في المجتمع الدولي شيء من النفاق وكأن الإنسان اليمني لا يحظى باهتمام ولا قيمة له, التغطية بالنسبة لليمنيين غيرها لأي بلد في العالم. بالنسبة للزحف, أولا كلمة الزحف نفسها عندما يقال "الزحف السلمي", يعني كلمة بعضها يلعن بعض, لا تؤدي الى معنى.
"ربِّط ليم"..!
البردوني رحمه الله كان عنده مصطلح "ربِّط ليم", الكلمة تزبط الثانية, الليم أو القوقع لا يمكن يربط.. ليمه جنب ليمة لا يمكن يربط بينها رابط. فهذه كلمة إحداهما تنفي الأخرى, فهذا النوع من التفكير.. الزحف والاستشهاد... و..., نحن قلنا لهم يا زملاءنا: نحن نطالب بحقوق مواطنة يكفلها لنا الدستور اليمني والقوانين اليمنية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أنا لن أخرج أقاتل .. لا أريد أن أقتل أحدا, حتى علي عبدالله صالح, أنا لا أريد قتله. هذا حق مدني, هذا الحاكم الذي انتقده أو لم انتقده انتزع حقي منه.. حق مواطنة, ولا أريد أن يقتل ولا أن أقتل أو أقتل. لنا حق مدني. أنا لو أريد الاستشهاد كانت المعركة في مكان آخر, لكن في اليمن أنت تتنازع مع حاكمك المستبد الذي لازم أن يتنحى بمطلب مدني وبحق شرعي وجماهيري.
فمن هنا هذا الالتباس في الخطاب يعطي دلالات خطيرة جدا, أن هناك ناسا لم يغادروا ساحة العنف بعد. وكأنهم في تواطؤ ويستجيبون لإرادة النظام في النزال والعنف.
مسألة المسيرات لابد أن تدرس وتدرس بعناية فائقة جدا ويكون فيها الحرص على أرواح الناس, وبحرص يحقق هدفها العظيم بأقل كلفة من الدماء.
المشترك.. انتهازية
من يتحمل المسؤولية هنا, من يخطط ويوجه, تكتلات كثيرة في الساحة ترفض وغير موافقة على الزحف, ومع هذا خرج الآلاف وتعرضوا للعنف وخاضوا تجربة صعبة. من فعل ذلك وأخرج هؤلاء ويخطط لأسبوع الزحف والاقتحام... وسوق الناس لانتحار جماعي رهيب؟
- يا عزيزي, أنت أمام ظاهرة رهيبة بالفعل, الظاهرة المرعبة أنه بدأت تتشكل قيادة للثورة من بعض التكتلات من دون الناس جميعا, يعني تشكل ما يشبه الاغتصاب مسبقا.. يعني تقتسم جلد الدب قبل اصطياده, عمل شيء من العبث..
تشكلت قيادة عليا للثورة.. ومنسقية عليا للثورة من تكتلات بلون واحد ومن طرف واحد وسياسي واحد وفريق واحد, ولم تعمل حسابا لليمن كلها, لا تعمل حسابا للساحة التي فيها تنوع وتعدد وفيها مختلف ألوان الطيف الفكري والسياسي والمجتمعي.. لا تعمل حسابا إلا لصوت واحد وانتماء سياسي واحد وهذه خطورة..
والخطر الأكبر أن المشترك جاء لاحقا للاحتجاج الشبابي, ولكنه لم يفرض نفسه كقيادة واقعية على الميدان فيقود الميدان أيا كانت النتائج.. ولكنه وقف في منطقة "أعراف", فلا هو قيادة فعلية ويتحمل تبعات ما يحصل, ولا هو أيضا يبتعد بمسافة ويترك سياقه للشباب والثورة التي فجروها ويقف منهم موقف الداعم المساند والمؤيد.
هل هناك انتهازية, بهذا المعنى؟
- بكل التأكيد, فلا هو تحمل مسؤولية القيادة ويفرض موقفا معينا ويتحمل النتائج بإيجابياتها وسلبياتها, ولا هو الذي ترك الساحة تتفاعل وتخلق قيادتها وتذهب لتقرير ثورتها الى المدى الذي ترنو إليه.
أخطاء الساحة
ولكن, هناك من يطرح أنه من الظلم الى حد ما أن نحمل المشترك –بصورة جماعية- بينما ما يحدث داخل الساحة منوط أساسا بجماعات حزبية وقوى تقليدية متشددة ومعروفة وليست كل المشترك, أعود هنا الى مصطلحك "مسلمة الفتح" كإشارة إلى التيار المتحكم والمستأثر لنفسه بالساحة (قبلي, حزبي, مالي, ديني, وحتى عسكري)؟
- يا أمين.. أنت دارس فلسفة, وتعلم أن هذه التحالفات لا يمكن أن تصح ولا يمكن أن تقوى ولا يمكن أن تنتصر إلا بالنقد من داخلها, حتى داخل الحزب نفسه, بدون النقد ومواجهة الأخطاء والتغلب عليها لا يمكن الانتصار.
هذا المشترك الآن يتعامل مع نفسه بنرجسية عجيبة ولا ينتقد أخطاءه ولا يواجه بعضه بعضا, فيسكتون عن الأخطاء داخلهم. طبعا هذا هو موروث قبلي وإنساني قديم (أنا وابن عمي على القبيلي وأنا وأخي على ابن عمي).
أيضا انتقلت الى الفكر القومي اليساري مسألة تغليب التناقضات الرئيسية على الثانوية.. عندما تكون "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" فعندما يكون في "مواجهة مع الأعداء" فلابد نسكت ونصمت ونتقبل الأخطاء! ولكن هذا التفكير نفسه كارثة. فعنترة بن شداد عندما يقول له عمه "كر" فيرد عليه "العبد لا يحسن الكر والفر". يعني الذي يكر والذي يدافع هو الذي يمتلك حريته.
لكن عندما تصادر حريتي في ميدان التغيير وتريد مني أن أقاتل علي عبدالله صالح في السبعين؟ لا أستطيع, لازم هذا الميدان "الستين" يقدم النموذج الأفضل والخيار الأفضل ويكون بالفعل نموذجا لدولة قادمة وحرية قادمة. لكن أنت تلاحظ الآن: يُفتش في الساحة من يدخل معه منشور, مسألة احتكار المنصة والقتال على المنصة.. القتال على المنصة.. تأخذ فترة زمنية طويلة جدا من أجل تعطى الفرصة للناس يتكلمون من على المنصة, في محاولة استفراد ومحاولة هيمنة لطرف واحد, وهذا الذي أعاق الانتصار.
ليس النظام, بهذه القراءة او المقاربة, هو ما يعيق أو أعاق انتصار الثورة؟!
- ليس النظام هو ما يعيق انتصار الثورة, النظام يتهاوى. يا سيدي بمجرد اعتصام الشباب في هذه الساحة سقط ثلثا النظام وسقطت هيبته كاملا.. شاملا.. من يحافظ على النظام الآن هي أخطاء الساحة. ما لم تعالج هذه الأخطاء ويتفق الناس على طريقة.. مسيرة سلمية.. تكتيكات معينة ومشتركة.. فلا فائدة, يا سيدي كلما وضحت الأهداف كلما ساعد هذا على التضحية من أجلها. لكن عندما تكون المسألة في ذاتها هي نفسها.. النموذج المقدم للناس غير مقنع, فلا يمكن أن أدافع عنه.
القوى التقليدية.. مسيطرة
اليسار, أين تراه الآن, هل انسلخ عن جلده وتطوع بتقديم ذاته للقوى المناقضة له, بحجة أن لدينا ثورة ومن الأفضل المضي كيفما تأتي وبغض النظر عن الأخطاء والتجاوزات, وهنا غيب النقد تماما وأخمد العقل النقدي؟
- كان لازما أن نلاحظ التطورات الأخرى, حصلت تطورات مدهشة.. شباب جاءوا من منابع اجتماعية مختلفة ومن منابت فكرية متباينة ومع ذلك تلمس نماذجا في غاية الروعة.. سواء في الاتجاه الإسلامي أو القومي أو اليساري. وهناك نماذج واتجاهات تقليدية, ومتخلفة في كل الاتجاهات.
ألا يبدو أن هذه "التقليدية" هي المسيطرة الآن في الساحة؟
- الاتجاه التقليدي هو المسيطر الآن, لكن في مستوى معين, بس الحاصل في الساحة.. لا تزال سليمة.. فقط تبحث عن الخلاص من هذه القيادة التي فرضت نفسها, في قوة فرضت نفسها على الساحة وعلى الناس وأصبحت تمارس أو تريد أن تقايض بثورة الشباب للوصول الى مكاسب معينة, وهذا الآن الذي يعطل الثورة ويشكل عامل احباط لدى الشباب.
ولكن في اعتقادي أن هذه المشكلات موجودة في صنعاء, أنا نزلت الى الحديدة وتعز وعدن ولاحظت أن الاستجابة للجديد وللانتصار وللثورة كبيرة أكبر وأكثر من هذا الاتجاه التقليدي. لكن خطر الاتجاه التقليدي أنه استحوذ على أهم ساحة وهي ساحة التغيير وقدم نفسه وقدم وجها ثقيلا ومرفوضا تماما.
في "الثورة" من يعوق انتصارها
إذاً, قبل إسقاط النظام, يجب "إسقاط النظام" داخل الساحة نفسها.. أولا, النظام الاقصائي المستأثر والانتهازي والمتشدد.. على ساحة التغيير أن تتغير أولا.. قبل المضي في أهداف التغيير الأشمل والأكبر, هل يمكن إيجاز الصورة هكذا؟
- صحيح بس هذا الاتجاه يضعف.. أنا من خلال زياراتي القليلة والمتقطعة للساحة, ألاحظ أن هذا الاتجاه يضعف.
أليس "تكتيكا" أو شيء من هذا القبيل؟
- أيا كان, لكن هو فشل في إدارته وهذا الفشل له ثمن. فشل بمخالفاته والانتهاكات والتجاوزات التي مارسها, وفشل أيضا في مسيرات عبثية أدت الى نتائج كارثية وهذه القوى تقليدية بسقوط النظام تسقط لأنها موضوعيا حليفة له, وموضوعيا هي جزء من تكوينه. يعني هذا التحالف (الشرير) التحالف السياسي.. بين العقل القبلي المتخلف. بين القوى الأكثرية المتخلفة.. وبين الاتجاه التقليدي السلفي, هذا التحالف إذا سقطت دعامة من دعائمه ينهد بقية البنيان, وهم لديهم هذا التخوف من انتصار الثورة, انتصار الثورة لديهم مصدر خطر.
داخل الساحة نفسها, قوى تخاف من انتصار الثورة؟
- نعم, داخل الساحة نفسها.. أو خارج الساحة هم يدرون أن سقوط نظام الرئيس علي عبدالله صالح ستكون له مردودات كبيرة. ولذلك تحاول تعطيل الثورة وتحاول أن تنمطها.. تحصرها في أضيق الحدود.. تحاول أن تفرض عليها مقاييس.. مقاييسها هي, ولا تريد للشباب هؤلاء أن يذهبوا الى ثورة تبني لمواطنة حقيقية ولحداثة حقيقية.. لتعليم حقيقي.. لحرية ولديمقراطية..
هي تريد أن تتخلص من علي عبدالله صالح. كما حدث في سبتمبر.. في ثورة سبتمبر حدث هذا, تركزت العداوة حول بيت حميد الدين.. حول الإمام ولم يركز على بقية مفردات الإمامة. الإمامة كانت مفردة من مفردات تخلف قاعدة المجتمع, حافظت على القبلية.. حافظت على النظام المتخلف.. على الأمية والقيم البالية والعتيقة وأبعدت فقط رأس النظام.. وبقي النظام.
الآن نفس الكلام, يراد فقط أن يرحل علي عبدالله صالح وتبقى آليات الحكم ويبقى نظام علي عبدالله صالح. في هذه الحالة يمكن لعلي عبدالله صالح بعد رحيله أن ينتصر أكثر من انتصاره بوجوده.
رهانات التسوية
ألا يمكن أن تنتهي الأمور بالحصول على "تسوية سياسية", أقصد أنه حتى ثورة سبتمبر على عظمتها انتهت بتسوية سياسية في الأخير؟!
- بالتأكيد.. لأن الذي حصل هو أن القوى الحليفة للإمامة ودعائمها ركزت على إبعاد بيت حميد الدين والإبقاء على النظام. سنان أبو لحوم في مذكراته كاتب كلاما خطيرا جدا, فحواه أنه في 65 ذهب الى السعودية.. كل مشايخ القبائل والشخصيات المهمة.. أكثر من 70 شيخا ذهبوا الى السعودية, قال توافقنا جميعا على استلام المال السعودي وتقبل من السعودية كل شيء ما عدا عودة بيت حميد الدين.
وهذا نفس الكلام, الآن الذي يدور في مجلس التعاون الخليجي إبعاد صالح والإبقاء على جوهر نظامه وطبيعة نظامه. لأن هذه الأنظمة في الخليج أنظمة تقليدية أو آتية من خارج العصر لا تريد أن تنتصر ثورة في اليمن كل اليمن, في اليمن شعب ذكي.. مكافح ويتمتع بقدرات وميزات وعنده ذاكرة تاريخية تمتد آلاف السنوات فلا يراد لهذا البلد أن تنتصر, وامتداد اليمن على كل حال في الجزيرة والخليج قوي جدا. هذه المنطقة هي منطقة واحدة وضعت بينها حدود وسدود ولكن في النهاية إنسانها واحد.
أنا أرمي من التسوية الى السؤال: ألا يمكن أن تنتهي الثورة –أو لنقل تنتصر- بإجراء أخير يتمثل بتسوية سياسية, كما حدث مع سبتمبر, فالثورة لم يستقر نجاحها أو وليدها الجديد إلا بالتسوية التي أخذت شكل الصلح والتصالح بين الملكيين والجمهوريين في نهاية المطاف؟ هل الوعي الشبابي الآن يملك تصورا بآلية التسوية وإدارة الدولة فيما بعد, أم أنه فقط مهمته – كما قال حسن زيد- تتمثل في إسقاط النظام والرئيس والباقي علينا؟
- أنا اعتقادي أن هذا العصر عصر الغرائب, عصر يأتيك بما لا تتوقع. يعني الدولة المصرية حسني مبارك جزء من آلهة, فرعون, هو نفسه الى الآن مش مصدق اللي حصل. علي عبدالله صالح إنسان بسيط, وصل إلى السلطة بقضاء الله وقدره ولذلك (ذهابه) ليس بالأمر الصعب..
الأمر الصعب الحقيقي وهذا المخاض العسير في اليمن أن اليمنيين الشباب هؤلاء الآن عندهم طموح للتغيير الحقيقي. وهذا الذي يجري.. يزعج القوى التقليدية وفي الوقت نفسه يزعج القوى الإقليمية المحيطة, القوى الكبرى, امريكا وأوروبا ينظرون الى اليمن بعيون السعوديين.. بعيون السعوديين بخاصة ولذلك يتركون للسعودية تتصرف. والسعوديون الآن مع المساومة, أنا اعتقد الآن المساومة السياسية في اليمن فات أوانها. المساومة السياسية أو الحل السياسي فات أوانه.
والثورة اليمنية منتصرة لا محالة ولكن قد يكون النظام في البداية راهن على حسم عسكري, وكان مستحيلا وانشق الحزب وانشق الجيش وسقطت الحكومة. الآن يراهن على مسألتين إما حالة فتن داخلية تعيق انتصار الثورة وإما إيجاد مساومة لصالحه ولصالح أسرته تضمن له الخروج.
وهذان الخياران يشتغل عليهما ومؤجل الحل الأخير على اعتبار أنه شاعر أيضاً أن المحنة الموجودة في اليمن ليست محنته وحده, محنة قوى تقليدية كبيرة حكمت معه وتحالفت معه والآن تتخاصم معه.
ولذلك هو يراهن على مساومة سياسية وهي لا تستبعد أنها تريد من الرهان أن يخسر هو فقط وإذا خسر هو وبعض أفراده أيضا فليس لديها مانع. لكن أهم شيء عندها أن تبقى البنية القبلية.. تبقى الصيغة الموجودة والتدخل القائم.
إذاً التدخل الخليجي الآن تراه أنت لن يؤثر في الحلحلة بطريقة ما.. بطريقة التسوية المقترحة, ربما أيا كانت؟
- لن يؤثر, أنا في اعتقادي أن دول الخليج في النهاية سيفرض عليها موقف, سيفرض عليها انها تستجيب للتغيير في اليمن. الأمريكان والأوروبيون إدراكهم لمكانة وأهمية اليمن أكبر من إخواننا وأشقائنا في دول الخليج لأنهم يعرفون طبيعة الشعب اليمني ومدركين أسرار الثورة وأهمية العصر والاستجابة لروح العصر. ففي النهاية لن يجدوا بدا من الاستجابة للتغيير, هذا الشعب الذي نزل الى الميادين يستحيل أن يعود بدون انتصار.
تحولات عميقة
يجب التسليم بمنطق العصر, لابد من ذلك. وفي هذا أو جزء مهم منه يجب أن تنهزم القوى التقليدية في الساحات وخارجها. الشباب لن يعودوا.. ولكن أيضا عليهم إدراك أنه يستحيل ومن الجنون تسليم البلد للرياح أو للقوى التقليدية نفسها التي ثاروا عليها.. أم ثمة بديل آخر؟
- هذه أصدق قراءة ورؤية, لاحظ أنت الآن التبدلات داخل جسم القبيلة, كان النظام.. من نظام الإمام يحيى الى أبيه المنصور الى محمد البدر, الى النظام اليوم.. كان الرهان ان القبيلة هي سلاح التخلف وهي التي ستحمي البلاد من الثورة ومن الحداثة ومن الديمقراطية ومن العدالة.
القبيلة أصبحت اليوم في قلب المعركة. الآن انظر كيف تتكرر الظواهر بشكل ملفت للانتباه في أرحب ونهم والمحويت ويافع والبيضاء, القبيلة تمنع الجيش من التحرك باتجاه صنعاء أو حضرموت أو مناطق أخرى. القبيلة التي كانت تنهب صنعاء أصبحت الآن تحمي صنعاء وتحمي غيرها.
هناك تبدلات, للأسف الحاكم فقط والقوى التقليدية غير مدركين هذا التحول الموجود لدى الإنسان اليمني. الجنوب من قوة المطالبة بفك الارتباط الى "بالروح بالدم نفديك يا صنعاء" وفي صنعاء "بالروح وبالدم نفديك يا عدن", هناك أشياء تحصل خارج التفكير التقليدي.
أوهام القوى المتخلفة
طالت الجولات.. وكثرت التفسيرات والنوايا الطيبة وحدها أو التفاؤل لا يخلق واقعا غير الواقع الفعلي. ما هي الجولة الأخيرة.. وما هي الضربة القاضية.. وكيف.. ومتى, لأن الوقت أيضا.. يخلق مضاعفات وإشكاليات جديدة تراكم الانسداد في كل اتجاه؟
- صمود الشباب في الساحات ومعالجة الأخطاء الموجودة في الميادين والتخلص من العقلية التقليدية, القول التقليدي الآن أصبحت تتمسك بمفاهيم وبتفكير وبوعي سياسي زائف. هذا الخلاص من هذه النماذج الموجودة في الساحات يكفل انتصارا حقيقيا. والانتصار الحقيقي قولا نحتاج الى هدر دماء.
يا سيدي, في لحظة من اللحظات ممكن إذا وجد تخطيط سليم ودقيق يحدد ساعة صفرية لليمن كلها يستحيل على أي قوة في الدنيا أن تقهر إرادة الناس. بس فقط يتخلصون من هذه الأوهام ويتخلصون من هذه القوى المتخلفة.
يعني يا أستاذ صعبتها مش العكس, وهل هذه سهلة وميسورة؟
- لا بالعكس بس لازم نتخلص من الأوهام والخرافات والقوى المتخلفة, يعني بالله عليك في هذا العصر يطلع واحد الى المنصة ويدعو الى الخلافة الإسلامية!! حتى الأتراك أنفسهم أصحبوا يبنون دولة عصرية, الأتراك أنفسهم أصحاب الدولة الإسلامية.
بالمثل هناك منطق ركعتي الزحف وصيام الزحف و....؟
- كلام.. كلام..., يا سيدي لا خلاص لليمنيين وليس أمامهم من قضية إلا دولة مدنية عصرية حديثة تقوم على المواطنة والعلم والحداثة والعدالة وكل معاني العصر. واليمنيون أكثر استجابة في هذه المنطقة كلها لهذا المعنى وتضحيات الشباب بهذا الاتجاه. فرض صيغ من الماضي غير ممكن, أنا لا يمكن أقبل بأي صيغة من هذه الصيغ لأنها الطبعة المنقحة والأصل هي طبعة النظام القائم منذ 3 عقود, فكيف أقبل بها في صيغ أخرى أو طبعات شعبية مليئة بالأخطاء!
المشكلة الحوثية
بالنسبة للوجود/المشكلة الحوثية, لا شك أن الحوثي هو أكثر المستفيدين من هذه الظروف والأوضاع, على الأرض وفي الميدان والساحة وتواجده هناك يتسم بذكاء ملحوظ ولديه تفكير يخصه في تصورك لما بعد هذه الظروف الى أين يمكن أن تؤول الحلول في التعامل مع الملف الحوثي, هل تنتهي أم يبدأ صراع آخر؟
شوف, وللمرة الثانية أنت قارئ فلسفة, الذي يجعل الناس يتقوقعون وينغلقون على أنفسهم ويعبرون عن أنفسهم بطريقة مدمرة عدم انفتاح الآخر معهم.. وعدم التعامل الطبيعي معهم. الحوثيون حملوا السلاح وحاربوا ست سنوات وهزموا الدولة في ستة حروب ولكنهم لاحظ عندما بدأ أفق آخر ينفتح تخلوا عن السلاح.
في ظل نظام جديد يسمح للناس بالتعدد والتعبير عن أنفسهم في بناء مذاهبهم وطوائفهم بحرية وباختيار, سيأخذون مداهم ولن يكونوا قوة طاغية مطلقا. الذي يحول الأقلية او المذهب او الطائفة او القبيلة الى قوة وقنبلة متفجرة هذا الكبت والحرمان والعدوان على حرية الناس في مذاهبهم وعقائدهم أيا كانت, يا أخي اليساريون السودانيون يسمون الطوائف الوثنية في الجنوب السوداني العقائد المحترمة, أيا كانت, احترمها ودعها تعبر عن نفسها كما تشاء, ولكن.....
عفوا للمقاطعة, ولكن هل مشكلة الحوثي مشكلة عقدية فقط.. مذهبية لا أكثر؟
- لها ارتباط بمنطقة.. بجهة, صعدة كانت دائما منطلق المذهب الزيدي وارتبطت به مسألة الإمامة. ودائما الذي يشعل هذه المعاني وجود مذهب في مواجهة مذهب.. زرع مقبل الوادعي في هذه المنطقة أحيا الماضي وما قبل الماضي, هذه لا يُتغلب عليها بالكبت ولا بالحرب ولا بالقهر. يتغلب عليها بالحوار. وأنا متأكد أن هذا الشباب في صعدة الذين تخلوا عن السلاح وهم منتصرون بالسلاح سيكون في تحولات داخلهم باتجاه الحوار والتعايش.
لكن انسحاب الدولة وبسط الحوثي لسلطاته الآن في صعدة, أسس لواقع جديد, مافيش شك أن الحوثي الآن يمثل قوة على الأرض. هل سيتعامل معها بطريقة الحوار أم نجد حزب الله آخر في شمال اليمن أم غير ذلك؟
- هذا الأفق مسدود الآن, الأفق الآن لبناء دولة مدنية وبصراحة أنا جلست معهم, مسألة مطلب الدولة المدنية مؤكدة. قد نختلف في مفهومي ومفهومك ومفهومه للدولة المدنية. لكن أهم شيء التأكيد أن هذه الدولة ليست دينية وليس فيها مهدي منتظر, إنما هي شأن مدني يبنيه اليمنيون.. وبالتأكيد هذا الصوت هو الأقوى الآن.. القادم.
والسلاح.. المشكلة الأساسية هنا؟
- أنا في اعتقادي الإخوان في الجنوب كان لديهم نفس الإشكالية.
الجنوب مسألة وقضية مختلفة كماً ونوعاً؟
أنا أقصد كانت نفس الإشكالية مسألة فك الارتباط. لكن بأول دعوة كان الناس في الجنوب أكثر حماسة وتأييدا. وعلى كل حال العصبيات المتخلفة, عصبيات ما قبل التاريخ, لا يتغلب عليها إلا بالحوار وبالانتقال الى العصر وبناء دولة مدنية, هذا سيقهرها بأكثر من السلاح. السلاح قواها وانتصر لها وسيقويها أكثر. لكن المنطق والحوار وبناء دولة مدنية ستجد نفسها جزءا من هذا كله.
واقع جديد.. بمشقة
السؤال الأهم بالنسبة للحظة الراهنة, بافتراض انهيار القوى التقليدية التي تحدثت عنها طويلا, ما القادم, أي بديل, هل نحصل على فرصة كاملة.. مدنية.. ومُرضية وإذا لم تحصل تسوية سياسية في الحل, ما الذي يمنع مثلا أن تحصل لاحقا في النتائج؟
- هذا صحيح, ولكن ما الذي يقوله أبو العلاء المعري؟- :
(أمس الذي مرَّ على قربه.... يعجز أهل الأرض عن رده), اللحظة الاجتماعية لا تُستعاد "إنك لا تستحم في النهر مرتين". ما جرى في التاريخ جرى.. ولكن يتوقف الأمر على جهدنا, مدى الجهد الذي يحصل, مدى كفاحية الناس في الانتصار لقضيتهم.. تحديد المطالب بصيغة محددة..
ومهم جدا الآن تتابع ما يحدث وسيحدث بصنعاء.. الآن تتكون تحالفات واسعة في كل الاتجاهات وتكون قوة جديدة خارجة عن النمط والتفكير التقليدي الذي في البداية وهذا له شأن في عبارة قالها "لينين "إنك تتعلم من مظاهرة أكثر مما تقرأ دزينة من الكتب". الخبرة الإنسانية والتجربة الإنسانية مهمة جدا في أثرها على الناس, أنت بمقدار ما تغير في الواقع في نفسك أيضا, التحول الذي تحدثه فيما حولك ينعكس عليك, الشباب الذين يحدثون الآن واقعا في واقعهم اليمني هم أنفسهم يصبحون متغيرين بهذا التغير.
ألم يتأخر الوقت كثيرا الآن على البدء في التشكلات الجديدة, ألم يكن هذا أول قرار وأول خطوة طبيعية يجب البدء بها من البداية؟
- أحيانا في شيء خارج الإرادة.. أنا لست متشائما من الطول الزمني. أحيانا الانتصار السريع يوقع الناس في معابر كبيرة جدا. لكن كلما كانت هناك تضحيات ومعاناة وجلد وصبر كلما كان أثرها أعمق وهذا الذي ينتظر والقادم في اليمن لازم يُحسب حساب أنه بمقدار المعاناة والتعب والجهد يكون الثمن والنتائج بحجم هذه المعاناة. الجاحظ يسمي الإبداع "الدأب والصبر والمثابرة".
مخرج مشرف
ما هو تصورك, أو هل تتمنى مخرجا مشرفا ونهاية تشرف جميع اليمنيين كأمة وشعب وليس فقط بالنسبة للنظام وحدة؟
- شوف الإنسان العظيم هو الذي يخطئ خطأ يمكن إصلاحه وتداركه. الحاكم في نهاية المطاف هو أيضا يستحق العدالة مثلي ومثلك, أو ما شابه والحزب الحاكم ربما فيه ضحايا أكثر مني ومنك وفيه ناس عندهم أشواق للمستقبل والمؤتمر الشعبي العام حزب كبير, نحن فقط نأخذ على القيادات التي تورطت..
الأشخاص في القيادات المدنية والأمنية وغيرها.. ولكن هذه أيضا لا يمكن تؤخذ بعموميات. لازم يكون هناك أدلة وبراهين وتقاضي, ولكن أهم شيء في الثورات العظيمة مسألة التسامح. كلما كان هناك تسامح وعقلانية كلما كانت النتائج أفضل. لأنك لا تبحث عن ضحايا وكوارث. لازم تقدم نموذجا آخر وهذا النموذج الآخر الذي بالفعل يقدمك للعالم بصورة مختلفة وبصورة تليق.
المصدر اخبار اليمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.