كشفت الأزمة السياسية التي تشهدها اليمن منذ مطلع العام المنصرم 2011م حقيقة حزب التجمع اليمني للإصلاح "الاخوان المسلمين" في اليمن ونزعة التطرف المسيطرة عليه، وسلوكه الاستبدادي الرافض لأية أفكار لا تتفق مع نهجه المتشدد الذي لا يقبل بالتعدد المذهبي أو السياسي ولا مجال لديه للرأي الآخر على الاطلاق. ومع تشكيل حكومة الوفاق الوطني من المؤتمر والمشترك سيطر الاخوان على الوزارات الهامة في نصيب أحزاب المشترك.. وقد برزت وبكثافة الأصوات الإرهابية المتطرفة متخذة من الدين وسيلة لاقصاء شركائهم في الساحات وتكفيرهم والتشهير بهم وشن الحملات التحريضية ضدهم.. وحصل الحزب الاشتراكي على نصيب الأسد من حملات التكفير والارهاب التي يقودها خطباء وبرلمانيون وقادة في حزب الاصلاح. الاسبوع المنصرم لم يستطع الحزب الاشتراكي الصمت أكثر وهو يستشعر خطورة الارهاب الديني الذي يتهدد الوطن عامة وقيادات في الحزب الاشتراكي خاصة، فخرج عن صمته معلناً رفضه لفتاوى التكفير التي سبق ان تجرعها الاشتراكيون في صيف 94م، حين أفتى علماء الاخوان المسلمين بهدر دماء الاشتراكيين واستباحة أموالهم وممتلكاتهم ووجوب قتالهم. وفي هذا الصدد شنت جريدة الحزب الاشتراكي اليمني "الثوري" في عددها رقم (2172) الصادر الخميس المنصرم 26/1/2012م هجوماً شرساً على أصحاب الفتاوى الدينية المتطرفة والتكفيرية. وتحت عنوان "رجاء.. لا تفسدوا علينا فرحتنا" اكد المحرر السياسي في صحيفة "الثوري" أنه مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي الكبير الذي سيضع اليمن على أعتاب مرحلة جديدة نوعياً ويفتح آفاقاً واسعة للتغيير نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية، بدأت تبرز بعض الأصوات التي تروج لأفكار ومفاهيم عفا عليها الزمن وتجاوزتها التطورات.. مشيراً إلى انه ليس من هدف لإثارتها في هذا الظرف سوى زرع الفتنة والانقسام في اطار الصف الوطني، الذي أخذ على عاتقه لسنوات عديدة تعزيز التلاحم والوحدة واشاعة أجواء الانفتاح والتسامح والقبول بالآخر في الحياة السياسية اليمنية. مشيراً إلى هذه الأفكار والمفاهيم التي تلبس لبوس الدين وتروج لها جهات مختلفة، ولا يكتفي أصحابها بالدعوة والخطابة واطلاق الاتهامات وحملات التشهير لخصومهم في الرأي، بل ينشطون في تحشيد الجماهير وتسيير المظاهرات تنديداً بالرأي الآخر الذي لا يروق لهم.. ويذهب بهم الأمر إلى تكفير مخالفيهم في الرأي والمطالبة بإقامة الحد على ناشطين سياسيين وكتاب شرفاء. وتطرقت صحيفة "الثوري" إلى الحملة المنظمة الجائرة التي تعرضت لها الناشطة والكاتبة الاشتراكية بشرى المقطري لمجرد انها امتلكت الشجاعة الأدبية والأخلاقية للتعبير عن رأيها فيما يحدث في ساحات الاعتصام من إقصاء للشباب المعتصمين وانتهاكات بشعة بحقهم من قبل عناصر الاخوان المسلمين. وقالت صحيفة "الثوري": "انه بدلاً من الرد على آراء بشرى المقطري ومقارعة صاحبتها بالحجة، ذهب البعض من غلاة المتشددين إلى التشهير بالكاتبة وقذفها بشتى التهم، بل وتكفيرها والمطالبة باقامة الحد عليها بوصفها ملحدة دون مراعاة لما يمكن أن ينتج عن هذا التأجيج للمشاعر من أخطار جدية على حياتها. وأشارت الصحيفة إلى ان الحملة التكفيرية امتدت فيما بعد لتشمل عدداً من الكتاب الذين يحظون بكل الاحترام في الوسط الثقافي والصحفي.. متوجهة بالنداء إلى كل من تعزُّ عليهم قضية الحريات التصدي بحزم لمثل هذه الاصوات والتيارات المتشددة وكل أشكال الارهاب على العقول والتضييق على الرأي والكلمة. كما احتوت صحيفة "الثوري" في ذات العدد وبشكل غير مسبوق على مقالات لعدد من الكتاب، هاجموا فيها التجمع اليمني للاصلاح وخطباءه المتشددين وجامعة الايمان.. من بينها مقال للكاتب محمود شرف الدين بعنوان "من مواجهات زواج الصغيرات إلى تطبيق الشريعة وتكفير الكتاب" تساءل فيه الكاتب قائلاً: "ماذا يريد دعاة التكفير الذين عجزوا عن كبت (خرمتهم) لاصدار الفتاوى وتكفير اخوانهم في الاسلام من صحفيين وكتاب، في وقت يعيش فيه الوطن على فوهة بركان؟!!". وواصل الكاتب قائلاً: "ما هي هذه الشريعة التي يريد هؤلاء تطبيقها في رداع وتعز وأبين إذا كان الدستور ينص على ان الشريعة الاسلامية المصدر الوحيد للتشريع، الأمر الذي استمات عليه اخواننا في الاصلاح في أول تعديلات دستورية تلت حرب صيف 94".. مضيفاً: "لقد كلفنا تعديل هذه المادة الكثير والكثير بسبب حرص الاصلاح عليها". وخاطب الاخوان في جامعة الايمان والجماعات السلفية بأن يتقوا الله ويتوقفوا عن إثارة الفتن والفوضى. واختتم المقال ب"رجاء" قال فيه: "لا تنقلونا من مواجهة زواج الصغيرات إلى مواجهة تطبيق الشريعة وتكفير الأدباء والكتاب".. مضيفاً: "لن نقف أمام ترهاتكم التي تختلقونها سواء كانت باسم الدين أو الشريعة أو بأي اسم آخر". أما الكاتب نشوان عيوه فقد تحدث عن الدولة المدنية الحديثة التي خرج الشباب من أجلها إلى الساحات، ولكنهم اصطدموا بفكر متطرف وخصوصاً بعد توقيع المبادرة وحصوله على نسبة كبيرة من التشكيلة الوزارية، وهو ما جعله يرى في نفسه المعارض القوي والحاكم المستقبلي فبادر إلى اقصاء الآخرين وتهميش دورهم والاعتداء عليهم والصاق التهم الباطلة بهم. جدير بالذكر ان الناشطة الشابة والقيادية في الحزب الاشتراكي اليمني بشرى المقطري تتعرض منذ مطلع يناير الجاري لحملة تكفير واسعة يشنها عليها قيادات دينية متشددة في حزب الاصلاح، من بينهم نجل رجل الدين المتشدد عبدالمجيد الزنداني ورئيس فرع جامعة الايمان في تعز علي القاضي وعضو البرلمان عن حزب الاصلاح عبدالله احمد علي وعدد من خطباء الاصلاح، اتهموها بالتطاول على الذات الالهية في مقال كتبته بعنوان "سنة أولى ثورة" وان ما كتبته في هذا المقال يعتبر كفراً بواحاً