صالح استراح.. وهادي «يرقص مع الثعابين». استعفى الرئيس علي عبدالله صالح لنفسه من مواطنيه في خطاب وداع تأريخي مثل خاتمة لعهده الذي تطاول في الزمان وامتد 33 عاماً, قبل أن يغادر السلطة واليمن في رحلة علاجية إلى الولايات المتحدة الأمريكية مروراً بسلطنة عمان وبريطانيا, يعود بعدها لتنصيب الرئيس الجديد عبدربه منصور هادي. غير أن صالح الذي ترك السلطة لنائبه وغادر البلاد لأخذ استراحة مناسبة على عتبة استراحة أشمل من أعباء الحكم والسلطة وترويض الليث اليمني و"الرقص على رؤوس الثعابين", بتعبيره, لم ولن يترك المشهد السياسي والوطني في اليمن أو يغادر الأحداث التي تتخلق في رحم الواقع وفي رحمها يتخلق واقع اليمن. حكاية صالح في التأريخ لم تنته بعد, وإن كان الرئيس قد وضع نهاية بدت أسطورية بكل المقاييس, لمشواره في السلطة وحضوره الكاريزمي الطاغي.. والمثير للإعجاب والنقد والدهشة والجدل.. على سدة حكم بلاد سبأ واليمن الواحد المكتظ عن آخره بمشاريع لأكثر من يمن, بل لأكثر من يمنين. غادر علي عبدالله صالح السلطة ودار الرئاسة في السبعين, معقله العتيد ومهوى أفئدة أنصاره ومؤيديه كل جمعة على مدى عام كامل. وهو الذي غادره قبل أكثر من ستة أشهر للعلاج, إثر تفجير استهدف الرئيس وصحبه في جامع النهدين وفي جمعة "الأمان" –المفارقة اللاذعة- وعاد إليه, ليغادر هذه المرة بملء إرادته وفي جعبته حصانة كاملة , هي بمثابة المخرج المشرف ظفر به صالح وانتزعه من بين أنياب الهلاك ومن فم المستحيل ولطالما كان نداً عنيداً وقوياً لهذا المدعو "المستحيل". أخيراً.. استراح صالح, وقصد مشافي الولايات المتحدة للعلاج, بتأشيرة رئيس دولة.. ليس أقل ولم يكن ليقبل بأقل من هذا. في النصف الثاني, الوجه الآخر, من الحكاية, يتسلم عبدربه منصور هادي مكان صالح, وقبل سفره منحه الرئيس رتبته العسكرية أيضاً ورقاه إلى "مشير", فتسلم هادي مكان صالح بأكثر من معنى, ولكنه أيضاً وهذا الأهم والأخطر, قد تسلم بلاد صالح.. ليحكمها, كقائم بأعمال الرئيس وسرعان ما سيكون هو الرئيس بالأصالة عن نفسه في 21 فبراير, وسنكون على الموعد. اليوم.. أو يومها الأمر سيان, يبدأ المشير عبدربه منصور هادي رقصته الخاصة مع الثعابين, وبقدر الدعم والتأييد الذي يستند إليه, إقليمياً ودولياً, في هذه اللحظات وبداية الرقصة, بقدر ما يكون هادي قد تفطن جيداً إلى أي حد يجوز أو يحق لمن ينوء بأعباء حكم اليمن أن يعول, مراهناً وفي مثل هكذا أحوال وأهوال, على دعم الخارج لوحده.. في مواجهة مجاهل الداخل واعتمالات يمن.. خاص.. لا يشبهه إلا اليمن. هادي أظهر خلال العام الفائت خبرة وحنكة وجلداً, وليس بالرجل السهل, ومع هذا وذاك يحتاج الى دعم اليمنيين, وأن يحمي نفسه من حسن ظنه بالرجال أكثر من أي شيء آخر. يذهب الأفراد, واليمن باقية والتاريخ يكتب.. * صحيفة "اليمن"