منذ اليوم الأول للمواجهات التي يخوضها الجيش والأمن في محافظتي شبوة وأبين ضد تحصينات عناصر تنظيم القاعدة هناك، تورط إعلامُ الفلول وتحالف القوى المضادة- وهو تحالف من بقايا النظام والحوثيين، ومراكز القوى التي فقدت مصالحها، والمرتزقة- تورط في عملية مباشرة لكشف ظهر المقاتلين من الجيش والأمن، ثم عاد وغير استراتيجيته لينجز هذه المهمة بطريقة غير مباشرة. هذا التغيير في استراتيجية إعلام الفلول وتحالف القوى المضادة للثورة، حدث عنما تبين لهذا التحالف، أن المعركة ضد الإرهابيين ليست مغامرة محلية وإنما جزء من الجهد الدولي لمواجهة ظاهرة الإرهاب واستئصاله، خصوصاً تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي استفحلت مخاطره في اليمن والإقليم والعالم. وتأسيساً على ذلك حاول هذا التحالف المشبوه أن يتظاهر بدعم المعركة، وبالتعاطف مع الجيش، لكنه لم يستطع أبداً أن يخفي نزعته المفضوحة للتشويش على هذه المعركة وتوجيه مسارها لصالح مشروعه السياسي الصغير والمعزول. فلقد نضحت منابره الإعلامية من قنوات وصحف ومواقع إليكترونية، وكتاب وسياسيين، بغثاء المعلومات والاتهامات، و(الفبركات)، والتقارير الاستخبارية. فلقد نشرت صحف هذا التحالف الفلولي صوراً للجيش، بقصد التعريض الرخيص وإظهاره بمظهر الضعيف أمام تنظيم القاعدة، بل إن إحدى الصحف(الأولى)، نشرت صوراً ومعلوماتٍ كاملةً عن القيادات العسكرية التي تتولى قيادة المعركة في الميدان، ووصل الأمر بأحد القيادات الحوثية حد اتهام مستشار رئيس الجمهورية للشئون العسكرية والأمنية، بالتخطيط لاغتيال، واحد من أكفأ وأشجع القيادات العسكرية اليمنية: قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء محمود صبيحي، هكذا بدون أي اعتبار أخلاقي أو قانوني. وهذا اليوم (الأربعاء)، عنونت (اليمن اليوم) صفحتها الأولى بمانشيت يتهم (مسلحي الإخوان المسلمين) بتفجير أنبوب النفط في مأرب، ولست أدري من أين استعارت هذا التنظيم المسلح، لكن الأمر واضح فإعلام الفلول وتحالف القوى المضادة للثورة، يحاول بكل الطرق الممكنة التخفيف من وطأة الضغوط العسكرية والإعلامية والأخلاقية التي يتعرض لها تنظيم القاعدة الإرهابي. وبدلاً من أن يتجه الهجوم نحو تنظيم القاعدة الإرهابي، يحاول تحالف الفلول أن يلصق تهمة الإرهاب بتنظيم سياسي كبير مثل التجمع اليمني للإصلاح، الشريك المهم في العملية السياسية، بل وعمادها الأساسي والضمانة القوية لديمومتها ونجاحها. وأنا هنا لست في وارد الدفاع عن الإصلاح، غير أن دافعي الأخلاقي الوحيد هو فضح وتعرية هذا الدور المشبوه الذي تُمارسه القوى المضادة للثورة اليمنية المباركة، من 26 سبتمبر 1962 وحتى 11 فبراير 2011، فهي دائماً تقف ضد تطلعات الشعب اليمني ورغبته الملحة في إدراك سبل الحياة الكريمة، والعيش بأمان وسلام واستقرار. على مدى خمسين عاماً أورثتنا هذه القوى الوهن والضعف والفقر، ورهنت البلاد ومصالحها لقوى النفوذ الخارجية، في مقابل بقائها على رأس الحكم في هذا البلد المنهك المتعب. وبسبب هذا الدور المشبوه فقد اليمن إحدى أهم الفرص التاريخية التي لاحت له في الأفق ممثلة بالوحدة اليمنية، إذ سرعان ما تم الالتفاف على هذا المنجز وإفراغه من مضمونه، وتحويله إلى عبئ استراتيجي عوضاً عن كونه حافزاً استراتيجاً لهذا البلد ولنهوضه ولتعظيم دوره في الإقليم والعالم. على اليمنيين أن يتنبهوا إلى أن الذين قاموا خلال الثلاث السنوات الماضية بضرب الخدمات العامة من كهرباء وأنابيب نفط، بقصد التضييق المعيشي على الناس، ليسوا إلا جزء من تحالف القوى المضادة، وليس هناك من دليل أبلغ ولا أقوى مما يحدث اليوم ، فها هي القوى نفسها تقدم إسناداً مفضوحاً لتنظيم القاعدة ولمعركته التي يخوضها ضد اليمن، حينما تتكفل هذه القوى بضرب أنبوب النفط وخطوط نقل الكهرباء في محافظة مأرب.. هل بوسعنا اليوم أن نضيف تنظيم القاعدة إلى تحالف الفلول المضاد للثورة في هذا البلد؟ إنها إضافة موضوعية ولها ما يبررها، في ظل ما ظهر أنه توظيف سياسي واضح لدور القاعدة في اليمن ضد أجندة التغيير والانتقال الديمقراطي السلمي. فهذا التنظيم الذي ضرب مجمع الدفاع ومقر قيادتين عسكريتين وسجن صنعاء المركزي، هو اليوم أحد أخطر قوتين تهددان مسيرة التسوية السلمية إلى جانب المليشيا الحوثية المسلحة في شمال الشمال.