بعد الأحداث الأخيرة والمؤلمة التي حدثت في مدينة عمران ومحيطها خلال الأيام القليلة الماضية نستطيع القول إن " أنصار الله " ، وقبل أيّ حديث، أونقاش ، مطالبون اليوم ، بتسليم مدينة عمران ومنشآتها العسكرية والمدنية للدولة وإخراج عناصرهم منها ، اضافة لتسليم جميع المنهوبات التابعة لمؤسسات الدولة وفي مقدمتها السلاح الذي وقع تحت أيديهم بمختلف أنواعه وأحجامه .والمساعدة الحقيقة والصادقة في التخفيف من الوضع الإنساني المأساوي الذي نُكِبت به المدينة وضواحيها.. والتوقُّف التّام عن القيام بأيّ إستفزازات ،أوأنشطة عدائية ، ضد أي طرف كان ، والتخلُّص من ثقافة وخطاب المنتصر.. وعليهم - أيضا - إتّخاذ خطوات إيجابية، عملية وعاجلة تجاه الأعداد الكبيرة من الجرحى المدنيين والعسكريين الذين لم يجدوا المشافي التي تستقبلهم ،أو الجهات التي تتولى إسعافهم وإنقاذ حياتهم من الموت الذي يتبربّص بهم في كل لحظة . ناهيك عن وجود آلاف الأسرالمشرّدة والعالقة في غير مكان ،والتي تعيش أوضاعاإنسانية في غايةالصعوبة وعلى كافة المستويات، سواء في الإحتياجات الإيوائية ،أوالغذائية ، أوالدوائية،أو غيرها ،وصولا إلى أبسط وسيلة من وسائل الحياة ومقوماتها .. وعلينا أن لا ننس قضية الأسرى الذين تم أسرهم من قِبل " أنصار الله " من مدنيين وعسكريين ، فهوءلاء - أيضا - يجب اطلاق سراحهم دون قيد أو شرط .. نريد من السيد / عبدالملك الحوثي أن يستجيب لتوجيهات الرئيس / عبدربه منصور هادي ، ونريد منه - أيضا - أن يُثبت لنا اليوم صدق ما يدّعيه دوما .من أنه، هو وأنصاره مثقلون بقيم العدالة والسلام والوطنية والتسامح ، كما نعتقدُ إنّ عليه أن يشعرويعترف ، ولو لمرة واحدة ، هو وكل من تسبّب بهذه الحرب وأحداثها ونتائجها المؤلمة ، بحقيقة إنّهم وقعوا في مأزق ، كونهم هددوا ويهدّدون ،المبادرة الخليجية ومخرجات " مؤتمر الحوار الوطني " ويتحدّون - مع سبق الإصرار والتّرصُّد - إرادة اليمنيين والمجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن ،وإنّهم اضرّوا بالأمن وبالسكينة العامة للناس ، وتسبّبوا بقتل وجرح آلاف اليمنيين. و هذا كله ، بالطبع ،يضعهم تحت المساءلة القانونية والعقوبات الدولية وفقا لقرارت مجلس الأمن الدولي التي صدرت حول الأوضاع في اليمن والتي كان آخرها القراررقم 2051 الخاص بوضعها تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة ، والذي شُكّلت بموجبه لجنة سُمّيت بلجنة العقوبات، لتحديد الأطراف المعرقلة للتسوية والمبادرة ومخرجات الحوار الوطني . يا حوثيين ، لا تتذاكوا أكثر من اللازم ، وعليكم أن تعلموا بأن الإمور لن تمرّ بكل هذه البساطة بدون أي شرعية لتوافق الفرقاء وشرائح المجتمع وقواه المختلفة .. لو سمحتم عليكم أن تتعقلوا وتتجدّدوا بعض الشيء ، أنتم وكل تيارات الإسلام السياسي. والجماعات الجهادية ، والتكفيرية ، كما يحلو لكم أن تسموهم ، فالحائط الوحيد لضمان شراكة وطنية وحد أدنى من الأمن للناس كافة هو التوافق والتخلي عن منطق البندقية ، والحقّ الإلهي في الحكم .وأي قفزات هروب وعنتريات للأمام لن تفيد أي طرف . صحيح إن" الإصلاح " وحلفاءهم لهم الكثيرمن الأخطاء والممارسات المرفوضة من معظم الناس ، سيما خلال السنوات الثلاث الأخيرة ، لكن لا يعني هذا أن تقوم جماعة ، كجماعتكم ، بفرض لغة السلاح ونسيان إن هناك رئيس دولة تم انتخابه من الشعب ويحظى بدعم محلي ودولي غير مسبوق ، وهناك مبادرة خليجية وقرارات أممية ، لا يجب تخطيها.. إن الذي عليكم القيام به اليوم - يا سيد عبدالملك - هو الإستجابة الفورية لتوجيهات الرئيس الشرعي للبلد / عبدربه منصور هادي الذي أمركم بسرعة إعادة الأسلحة وإخلاء مدينة عمران ومحيطها ومنشآتها من الميليشيات المسلحة وعودة الحوثيين إلى ديارهم في صعدة.وأن لا تفهموا صبر الحكومة والجيش لكم بأنه ضعف ، كي تمعنوا في العدوان .. الخلاصة : إن من يحاول تنميط الدولة وفرض نمط واحد عليها ، من خلال إقامة الحروب والصراعات والفتن ، وفرض حالة من اللايقين وعدم الثقة بالدولة وبالذات وبالمجتمع وثوابته ومؤسساته وثقافته وقيمه الأخلاقية ، ونظمه ومعتقداته ، كما يحدث اليوم في عمران وغيرها . إنما يورّط نفسه ، ويرهق البلد وغاية ما سيقوم به هو " فقط " تأجيل خروج البلد من هذه الأزمات .وفي النهاية سيفشل ولن يفلت من لعنات الدهر والأجيال . وبكل شفافية ووضوح نقولها : نحن في الواقع ليس لدينا أي مواقف مسبّقة من جماعة " أنصار الله " ولسنا ضدهم مطلقا . لكن ما قاموا ويقومون به ، يدفع بسواد اليمنيين الأعظم ، والساخطين على سياسات " الإصلاح " إلى مراجعة حساباتهم ، فغزوات عمران وغيرها، صارت تُثير الكثير من المخاوف والتساؤلات وحالات الترقُّب لمعرفة الأهداف الحقيقة لهوءلاء وأين سيتوقّفون بالضّبط؟ وما هو الفتح التالي لهم؟