"يا زعيمة جري الصمبوق"، إنه مثل عدني قح، يطلقه البعض عندما يرى يأساً من موضوع ما، حيث يكون له بداية ولا له نهاية، أي أن حباله طويلة.. الحال هو نفسه الذي نعيشه اليوم مع الحوار الذي يبدو أن أعضاء اللجنة المصغرة استخسروا على اليمنيين التسريع بإنهاء الأزمة، فحددوا موعداً للاجتماع القادم بعد شهر من الآن للإطلاع على نتائج الاتصالات مع منظمات المجتمع المدني لجس نبضها بشأن المشاركة في الحوار. قد يقول البعض إن "كل تأخير فيه خير"، وهذا قد يكون صحيحاً في حالة أن الأزمة لا تحرق أصابع أيدينا وأقدامنا، أما وأن الأزمة تتوالد أزمات في استمرار، فإن "كل تأخير فيه شر"، ذلك أن مساحة الخلافات تتسع والصقور يزيدون من هيمنتهم على صناعة القرار، وعوضاً عن أن "ندق الحديد وهو حام"، كما يقال فإننا سنضرب بعد ذلك في جثة رجل ميت. أخشى أن يكون هذا التمديد مدعاة لأزمة قادمة، فالإخوة المتحاورون لا بد أن يدركوا أن عامل الوقت لا زال في غير صالح الجميع، فالتأخير يعني تأجيلاً لمناقشة عدد من القضايا المتصلة بالشأن الانتخابي، خاصة وأننا لم ندخل في عمق الأزمة والمشكلة، فلا زلنا نحوم حول قضايا عامة بعيداً عن جوهر الخلاف. وبصرف النظر عن الضوابط التي اقترحها الجانبان لإجراء الحوار، المؤتمر وحلفائه والمعارضة وشركائها، فإن الطرفين لا يزالان غير قادرين على المغامرة الوطنية ومناقشة كل شيء بقلوب جسورة بعيداً عن الحسابات هنا وهناك. الخشية من عامل ضياع الوقت مبررة، لأن في ذلك كارثة على البلد، فبدون التسريع في حسم الأمور الخلافية وترحيلها إلى مواعيد زمنية أخرى سيزيد من حدة انقسامات المتحاورين وسيجدون أنفسهم أمام استحقاقات أسوأ مما هي عليه اليوم. يجب البدء وبدون إبطاء في تحديد مواضيع الحوارات ومواعيدها الزمنية والالتزام بها وتقديم شواهد تدل على نية الطرفين ورغبتهما في نقل المشهد القائم من مشهد سوداوي إلى مشهد تفاؤلي، ووقف التصريحات التي تضر ولا تنفع، فهذا أنفع وأجدى للجميع، فالتأخير يخلق مزيداً من الأزمات ويدفع بالبلد التي لا تنقصها المشاكل إلى مزيد من الفوضى، خاصة في ظل الجبهات التي تخوض فيها الدولة معارك مختلفة، ليس آخرها الحرب ضد تنظيم "القاعدة" الذي بدأت تحديات مواجهته تتزايد يوماً بعد يوم. إن السؤال الذي يجب أن يطرح اليوم: هل حان الوقت لترك خلافاتنا السياسية جانباً والانتباه إلى معالجة أوضاع البلد برؤية وطنية صادقة بعيداً عن حسابات الربح والخسارة التي يفكر فيها كل طرف؟، هل حان الوقت لتقديم تنازلات حقيقية وليست شكلية تعيد للبلد وحدته الوطنية التي بدأت تتفتت بفعل الصراعات السياسية المزمنة منذ ما بعد الوحدة وحتى اليوم؟، وهل حان وقت إعمال العقل لمعالجة أزماتنا عوضاً عن ترحيلها إلى أوقات تكون عصية على الحل؟!