قد يستغرب البعض أو يندهش عندما يقرأ عنوان المقال متسائلاً عن سبب الربط بين ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة التي نعيش هذه الأيام غمرة الاحتفال بها كمناسبة وطنية عزيزة على قلب كل يمني وطني ثوري وحدوي , وبين الوحدة اليمنية الخالدة خلود الأيام والسنين التي تحققت في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م , والحقيقة أن هناك صلة عميقة بين ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م وبين الوحدة اليمنية المباركة , فثورة الرابع عشر من أكتوبر جاءت كنتاج طبيعي للمد والزخم الثوري الذي كان يعيشه الشعب اليمني الواحد الموحد عبر التاريخ أرضاً وإنساناً مشاعر وأحاسيس , تعبر عن نفسها كلما اقتضت الضرورات التاريخية وكلما واجه الوطن مخاضات عسيرة أو منعطفات خطيرة أو مرحلة تاريخية حاسمة في مسيرته الوطنية كشعب مناضل أبي وحدوي عصي لا يقبل القسمة على اثنين ولا على أي رقم آخر إلا على الواحد الصحيح والتي تكون محصلته بطبيعة الحال شعباً واحداً صحيحاً ووطناً واحداً صحيحاً تحت قيادة زعيم واحد صحيح هو فخامة الرئيس علي عبدالله صالح. إن ثورة الرابع عشر من أكتوبر جاءت بعد عام واحد فقط من اندلاع ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة , في ظل تنسيق مسبق وتفاهم مشترك وأهداف مشتركة ونضال واحد وتضحيات جسمية غزيرة سالت في شمال الوطن وجنوبه من اجل تحرير الوطن الغالي من ظلم الاستبداد وقهر الاستعمار واستعادة وحدته الوطنية الغالية والنهوض به إلى مصاف الدول والشعوب المتقدمة والمتحضرة وانتشاله من واقع التشطير والتفتيت والتقزيم والتخلف والجهل والفقر والمرض , وكذلك استعادة كرامة الشعب المهدورة تحت نير الاحتلال البريطاني البغيض وتحت ظلم وقهر وجبروت الحكم الاستبدادي الإمامي العنصري المتخلف , وفي سبيل تلك الأهداف العظيمة والهموم والقواسم المشتركة والنضال الموحد قدم الثوار الأبطال قوافل من الشهداء الأطهار خضبوا بدمائهم الطاهرة الزكية تراب الوطن الغالي على امتداد خارطته الطبيعية الواحدة الموحدة عبر الأجيال. إن التلاحم النضالي الوحدوي العظيم الذي تجلى في معارك الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر يعد من أعظم الدلائل والمؤشرات التاريخية على عمق وحدة الشعب اليمني العظيم والتي تعبر عن نفسها بشكل طبيعي وعفوي في أحلك الأوقات وأصعب الظروف , وفترات الشدائد والمحن مثلما حصل عند اندلاع ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وانخراط الكثير من المناضلين الأبطال الذين قدموا من جنوب الوطن لدعم ومساندة الثورة السبتمبرية وتقديم العون والمساعدة لإخوانهم الثوار والمناضلين من أبناء المحافظات الشمالية , وفي سبيل الثورة السبتمبرية وانتصار أهدافها الوحدوية قدم المناضلون الأبطال من أبناء المحافظات الجنوبية شهداء أجلاء وتضحيات عظيمة عبرت عن عظمة الوحدة اليمنية وتجذرها في نفوس وقلوب اليمنيين جميعا أينما كانوا سواء في شمال الوطن أم جنوبه أو شرقه أم غربه , كما أن كثيرين من الثوار الأحرار والمناضلين الأخيار من أبناء المحافظات الشمالية كانوا في طليعة من قادوا وخططوا وفجروا ثورة الرابع عشر من أكتوبر العظيمة عام 1963م , وفي هذا دلالة أخرى على عمق وتجذر الوحدة اليمنية في قلوب أبناء اليمن الواحد الذي يعظم بعظمة أبنائه وحبهم له ولوحدته التاريخية المباركة. إن مسألة تجسيد واحدية النضال اليمني الواحد في ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م , والرابع عشر من أكتوبر عام 1963م وانخراط الثوار الأحرار والمناضلين الأبطال من كافة مناطق اليمن في ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر يجعل المرء يدرك بسهولة ويسر واحدية الشعب اليمني العظيم وصلابته وتماسك لحمته الوطنية والوحدوية , ولذا يقول البعض إنه لولا ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ما كانت ثورة الرابع عشر من أكتوبر ولولا ثورتا السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر ما كانت الوحدة اليمنية , وأنا أقول اليوم وفي هذا المقال إنه لولا حيوية الشعب اليمني العظيم وثوريته ووطنيته وحبه لوحدته ما كانت ثورتا السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر أدركتا النور ولا الوحدة اليمنية أدركت النور أيضاً. (*) باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني - أستاذ الإعلام بجامعة العلوم الحديثة [email protected]