رحب عدد كبير من القيادات الإسلامية في مصر بالمبادرة التي أطلقها عبود الزمر القيادي في الجماعة الإسلامية أخيرا، واعتبرتها تتوافق مع الشريعة الإسلامية وأراء الفقهاء، وتؤدي إلى حفظ دماء المسلمين واستقرار الوطن. ودعا عبود الزمر القيادي في الجماعة الإسلامية في مقال له تحت عنوان “الأسير لا يقود والجريح لا يقرر” نشره على أحد المواقع الإلكترونية الموالية لما يعرف باسم “تحالف دعم الشرعية” للإقرار بسقوط شرعية الرئيس المعزول محمد مرسي. وأكد أنه: “إذا وقع الأمير أو الرئيس في الأسر ومنع من مزاولة سلطاته فإنه يتم انتداب من يقوم مقامه حتى يرجع، فإن لم يتمكن أحد من إنقاذه فإن الواجب هو اختيار رئيس جديد وليس ترك الأمر فوضى لخطورة ذلك على مستقبل الوطن”. من جانبه، كشف منير أديب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والجهادية أن المبادرة التي أطلقها عبود الزمر ليست الأولى فقد سبق وقاد العديد من المبادرات والوساطات بين القوات المسلحة وجماعة الإخوان . وقال أديب ل”العرب اللندنية” إن الزمر بحكم كونه ضابطا سابقا في المخابرات الحربية المصرية يدرك أن أي مواجهة مع القوات المسلحة لابد أن يخسر فيها الطرف الآخر. وردا على ما وصفه ب”معاتبات” البعض له بسبب حديثه عن المصالحة في وقت “لم تجف فيه دماء رابعة والنهضة”، قال عبود الزمر: وهل هناك استعمال للصلح ورأب الصدع إلا في مسألة الدماء؟ وطرح الزمر مبادرته على أساس أنها قد تنهي الأزمة الحالية في مصر، وقال: من ثبت أنه قتل أحدا حوسب، أما من سقط دون أن يدري أحد من هو قاتله، فله دية كاملة من خزانة الدولة، سواء أكان مواطنا أم جنديا في الجيش أو الشرطة، فكل هؤلاء دماؤهم معصومة لا يجوز استهدافها”. وتضمن مقال الزمر هجوما على جماعة الإخوان، حيث قال: لاحظت أن الإخوان مشغولون بأمور لا تصب في الاتجاه الصحيح، مضيفا: الحاصل أن الإخوان يتهربون، من إجراء تقويم حقيقي، بل تجدهم من حين إلى آخر، يلقون بأسباب الفشل على غيرهم دون أنفسهم. وأكد الشيخ فؤاد الدواليبي القيادي السابق في الجماعة الإسلامية أن دعوة الزمر منضبطة شرعيا وتقول به كل قواعد الجماعة. وقال ل”العرب” إن الرئيس الأسير أو المسجون تسقط ولايته ولا يصح شرعا أن يكون مرسي أو مبارك رئيسا لمصر بحكم أنهما خلف الأسوار عاجزين عن أداء مهامهما. وأشار “الدواليبي” إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أصبحت له الغلبة الآن بحكم أنه الرئيس الجديد المنتخب، مشيرا إلى أن السمع والطاعة أصبحا حقا واجبا على تحالف دعم الشرعية وكل حلفائه وأنصاره بحق الرئيس السيسي. وحول إعلان قيادات الجماعة الإسلامية أن رأي الزمر “شخصي” ولا يلزم الجماعة كشف عضو مجلس شورى الجماعة الأسبق أن قيادات الجماعة الإسلامية الحالية “غير شرعية” وانتهت فترة ولايتهم كما أن الجمعية العمومية للجماعة انتهت فترة انتخابها وليس من حقهم احتكار الحديث باسمها. بدوره رحب كرم زهدي رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية بمبادرة الزمر ووصفها ب”المحترمة وأنها توافق الشريعة الإسلامية”، قائلا إن تطبيق المبادرة كفيل بإنقاذ الإخوان والإسلاميين مما هم فيه من بلاء. ورفض القيادي السابق في الجماعة الانتقادات التي وجهها أعضاء بالجماعة لعبود الزمر، معتبرا أنها ليست في محلها، لأن الرجل عبر في مبادرته عن وجهة نظر تستحق الاحترام والتقدير وليتها تجد طريقها للتطبيق. من جانب اخر كشفت التحركات الأخيرة للرئيس المصري الجديد عبدالفتاح السيسي، ومشاركته الفاعلة في القمة الأفريقية الثالثة والعشرين، بشهادة المتابعين، عن معالم السياسة المصرية الجديدة القائمة على الندية وتوثيق العلاقات مع محيطها الأفريقي. حصد الوفد المصري بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، نجاحات دبلوماسية هامة خلال الزيارات التي قام ويقوم بها لعدد من دول الجوار وآخرها السودان، وكذلك المشاركة الفعالة في القمة الأفريقية التي اختتمت أشغالها، أمس، في عاصمة غينيا الاستوائية مالابو. ومثلت التحركات الدبلوماسية النشطة للسلطة الجديدة، في عيون المراقبين، فرصة لتأكيد الدور الكبير الذي تضطلع به مصر في محيطها الأفريقي، بعد أن شهد تراجعا ملحوظا إثر ثورة 25 يناير وتولي جماعة الإخوان مقاليد الحكم. ونجح الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال أول جولة خارجية له، في إعادة الاعتبار إلى سياسة بلاده على الصعيد الأفريقي، وأوضح رغبة القاهرة في فتح صفحة جديدة مع الجميع. هذه الرغبة ترجمتها زيارات الرئيس الجديد لكل من الجزائر والسودان، ولقاءاته المتنوعة على هامش القمة الأفريقية، والتي كشفت عن معالم السياسة المصرية الجديدة. ومثل لقاؤه برئيس وزراء أثيوبيا نقلة نوعية في العلاقات بين القاهرةوأديس أبابا، حيث تمكن السيسي من الحصول على التزام من أثيوبيا بتجنّب أيّ ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه. وكانت أديس أبابا قد استغلت الضعف التي ظهرت به الدبلوماسية المصرية خلال عهد الرئيس المعزول محمد مرسي لتعلن عزمها مواصلة تحويل مجرى النيل الذي يمثل شريان حياة بالنسبة للمصريين دون أن تعير أي اهتمام للسلطة المصرية القائمة آنذاك. وكشفت مصادر دبلوماسية ل”العرب” أن الرئيس السيسي أراد بزياراته ولقاءاته الأخيرة، التأكيد أن مصر ستكون رقما مهما في المعادلات الإقليمية والأفريقية، وأنها عازمة على اتباع سياسة دبلوماسية ناعمة، تستطيع بموجبها ترميم الفجوات السابقة التي خلفها حكم الرئيس المعزول مرسي السفير عبدالمحمود عبدالحليم وكيل وزارة الخارجية السودانية، قال إن زيارة السيسي للخرطوم، تأتي في إطار خصوصية وأزلية العلاقات بين شعبي وادي النيل. ووصف عبدالمحمود، الذي سيتولى منصب سفير الخرطوم لدى القاهرة، الزيارة ب”المهمة”، وأشار إلى أنها ستساهم بشكل فاعل في تطوير وتنمية العلاقات المصرية السودانية في مختلف المجالات. وتشعر السلطة في الخرطوم بالقلق منذ عزل حليفها الأيديولوجي محمد مرسي، وسط تزايد مخاوفها من إمكانية انتقال عدوى المظاهرات الشعبية بمصر في ظل تزايد الغضب الشعبي ضدها، إلا أن زيارة السيسي لها كشف عن رغبة الأخير في توخي سياسة هادئة تجاه السودان. وفي ما يتعلق بزيارة السيسي للجزائر أوضح بطاش عبدالحكيم، رئيس المجلس الشعبي البلدي لولاية الجزائر الوسطى، أن زيارة الرئيس السيسي الخارجية الأولى للجزائر كانت بمثابة رسالة مهمة، تترجم عن عمق العلاقات بين البلدين. وأضاف: “لم نفاجأ بأن السيسي اختار الجزائر لتكون وجهته الخارجية الأولى". نجاحات السيسي الخارجية ترجمها أيضا الخطاب القوي في افتتاح القمة الأفريقية في مالابو، والذي تحدّث فيه عن خطإ الموقف الأفريقى نحو مصر، مشيرا إلى ضرورة التنسيق والتعاون في حل الأزمات الاقليمية الساخنة، والعمل من أجل نهضة تنموية للشعوب الأفريقية. هذه التحركات الدبلوماسية الناجحة لقيت صدى كبيرا في الشارع السياسي والمدني المصري. وفي هذا الصدد أشاد طارق محمود المستشار القانوني لجبهة مناهضة أخونة مصر بخطاب السيسي أمام قمة مالابو، معتبرا أن الرئيس الجديد نجح في إعادة الدولة المصرية بعد سنوات من العزلة إلى قلب الدول الأفريقية مرة أخرى وأكد على زعامتها وعلاقتها التاريخية مع الدول الأفريقية وتفهمه أهمية استعادة العلاقات والتعاون الدولي. وأوضح محمود أن الرئيس السيسي “يحقق نجاحات في العلاقات الخارجية أسرع مما كنا نتصور خاصة وأن جماعة الإخوان تتحرك في أفريقيا أكثر من عام كي تعرقل السياسات الخارجية للدولة المصرية ويأتي الرئيس السيسي في أول زيارة وأول خطاب يذكر الجميع بحجم الدولة المصرية وأنها مفتاح القارة الأفريقية”.