انتهت أول جلسة لمجلس النواب الليبي ليل الاثنين الثلاثاء بانتخاب رئيس له، المستشار عقيلة صالح عيسى. وعيسى شخصية مغمورة تقلد مناصب قضائية عدة في ليبيا في عهد القذافي، ويؤكد أنه لا ينتمي إلى أي تيار سياسي. التأم مجلس النواب الليبي الجديد المنبثق من انتخابات 25 حزيران/يونيو وانتخب رئيسا له هو المستشار عقيلة صالح عيسى، وذلك في أول جلسة له عقدها الاثنين في طبرق (شرق) بعيدا عن العاصمة، حيث تدور معارك بين ميليشيات متناحرة، وفي ظل خلافات بين التيارين الإسلامي والوطني. وليل الاثنين الثلاثاء انتخب المجلس النائب عن مدينة القبة (شرق) عقيلة صالح عيسى رئيسا له، وذلك في ختام جولة ثانية تنافس فيها مع رئيس السن أبوبكر مصطفى بعيرة وانتهت لمصلحته بفارق ثلاثة أصوات (77 صوتا مقابل 74، من أصل 158 نائبا أدلوا بأصواتهم، بحسب وكالة الإنباء الرسمية. وترشح تسعة نواب لمنصب الرئيس، وانتهت الجولة الأولى بتصدر رئيس السن الذي حصل على 54 صوتا يليه عقيلة صالح عيسى الذي حصل على 46 صوتا، بحسب الوكالة. وعيسى الذي يعتبر شخصية مغمورة هو قاض يؤكد أنه لا ينتمي إلى أي تيار سياسي، وقد تقلد مناصب قضائية عدة في ليبيا في عهد العقيد الراحل معمر القذافي. وعقد مجلس النواب الجديد الاثنين جلسته الأولى في طبرق على بعد 1500 كلم شرق طرابلس بسبب استمرار أعمال العنف بين الميليشيات المتناحرة، في ظل خلافات بين التيارين الإسلامي والوطني. وبعد حفل بروتوكولي نقل وقائعه مباشرة التلفزيون الوطني، أدى النواب اليمين الدستورية ثم علق الاجتماع واستؤنف مساء لانتخاب رئيس المجلس. وتوجه حوالي 160 برلمانيا (من اصل 188) إلى مدينة طبرق التي بقيت في منأى حتى الآن عن أعمال العنف بحسب بعض النواب الذين أكدوا أنهم احتسبوا النواب الذين أدوا قسم اليمين. وهذا الرقم يؤكد فوزا كاسحا للتيار الوطني على خصومه الإسلاميين في الانتخابات التشريعية. ولم تكن تعرف حتى الآن الصبغة السياسية للبرلمان الجديد لاسيما وان المرشحين كانوا ملزمين على الترشح انفراديا بدون رعاية الأحزاب السياسية. وفي مؤشر إلى هذه الخلافات قاطع النواب الإسلاميون وحلفاؤهم من مدينة مصراتة (غرب) حفل الافتتاح باعتباره غير دستوري، مؤكدين أن الدعوة إلى هذا الاجتماع هي من صلاحية رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان المنتهية ولايته والذي يهيمن عليه الإسلاميون) نوري أبو سهمين. ودعا أبو سهمين فعلا النواب الاثنين إلى طرابلس لحفل "استلام السلطة" لكن هذا الحفل الغي. واكتفى أبو سهمين بتلاوة بيان مساء الاثنين ندد فيه باجتماع طبرق الذي "يتنافى والدستور". ورأى محللون أن حضور ممثلين عن جامعة الدول العربية وبعثة الأممالمتحدة في ليبيا ومنظمة التعاون الإسلامي يعطي على ما يبدو شرعية للجلسة الافتتاحية في طبرق. ورحب الاتحاد الأوروبي في بيان ب"خطوة بالغة الأهمية لإعادة وضع العملية الانتقالية الديموقراطية في ليبيا على السكة". كذلك، رحبت الحكومات الفرنسية والإيطالية والألمانية والبريطانية والأميركية في بيان مشترك باجتماع النواب ونددت بإعمال العنف في ليبيا. وفي هذه الأثناء تدور المعارك في طرابلس منذ 13 تموز/يوليو بين ميليشيات متناحرة في جنوب العاصمة وغربها. وخلال اجتماع في البيت الأبيض الاثنين، شددت مستشارة الرئيس الامريكي لشؤون الأمن القومي سوزان رايس ورئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني على أهمية التوصل لوقف إطلاق النار في طرابلس فورا. وقال البيت الأبيض في بيان إن رايس والثني دعوا "كل شركاء" ليبيا إلى "استخدام نفوذهم لدى الفصائل الليبية المختلفة من أجل وقف المعارك في أسرع وقت ممكن". ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، لم تتمكن السلطات من ضبط عشرات المجموعات المسلحة المؤلفة من ثوار سابقين يفرضون سيطرتهم في البلاد في غياب قوات جيش وشرطة حسنة التنظيم والتدريب. والآمال باتت تعقد الآن على البرلمان الجديد الذي ستقع على عاتقه المهمة الصعبة لفرض النظام وسلطة الدولة. وفي خطابه أمام النواب دعا بعيرة حملة السلاح إلى تغليب العقل واعتماد الحوار. كما شدد على ضرورة انخراط المجتمع الدولي للتوصل سريعا إلى وقف المعارك. وتناوب على الكلام أيضا أمام المجلس الجديد ممثل بعثة الأممالمتحدة في ليبيا معين برهان معبرا عن أمله في رؤية النواب يضعون حدا لخلافاتهم في مكان الجلسات. وقال أيضا إن اجتماع اليوم يترجم إرادة الشعب الليبي في احترام العملية الديمقراطية. وندد برهان بأعمال العنف في الأسابيع الأخيرة واللجوء إلى السلاح لحل الخلافات السياسية مع خطر إغراق البلاد في "نفق مظلم". ويرى عدد من المحللين أن الإسلاميين يسعون في الواقع إلى التعويض عن هزيمتهم في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 حزيران/يونيو الماضي بتسجيل مكاسب على الصعيد العسكري. وفي طرابلس بدأت ميليشيات إسلامية متحالفة مع مجموعات من مصراتة (200 كلم إلى شرق العاصمة) منذ 13 تموز/يوليو هجوما غير مسبوق على كتائب الزنتان (170 كلم جنوب غرب طرابلس) المقتدرة التي يتهمونها بأنها الذراع المسلحة للتيار الوطني. ولتبرير عملهم يقول المهاجمون الذين يعرفون عن أنفسهم بالثوار السابقين الذين قاتلوا نظام معمر القذافي، إنهم يحاربون "فلول" النظام السابق. وتسيطر الميليشيات الإسلامية أيضا على قسم كبير من مدينة بنغازي (شرق) بعد أن طردوا منها الأسبوع الماضي وحدات من قوات معارضة لهم. وفي خلال أسبوعين أسفرت أعمال العنف في طرابلس وبنغازي عن سقوط أكثر من 220 قتيلا ونحو ألف جريح بحسب السلطات. ودفعت المعارك عواصم أجنبية عديدة إلى إجلاء رعاياها من ليبيا كما توجه آلاف العرب إلى الحدود لمغادرة البلاد. وأشارت الحكومة المؤقتة إلى نزوح مئات العوائل في طرابلس وحذرت من تدهور الوضع الإنساني في العاصمة التي تعاني من نقص الوقود والغاز المنزلي إضافة إلى مشاكل في إمدادات السلع الغذائية.