أرجأت تونس اجتماعا طارئا لاتحاد المغرب العربي كان مخصصا لبحث الأزمة المتفاقمة في ليبيا في وقت تتصارع فيه حكومة رئيس الوزراء الليبي الجديد أحمد معيتيق وحكومة تسيير الأعمال برئاسة عبد الله الثني على السلطة وممارسة المهام في البلاد وسط حالة من الانقسام داخل البرلمان. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية التونسية مختار الشواشي،أن قرار إرجاء الاجتماع المغاربي جاء بسبب "صعوبة العثور على أشخاص لهم صلاحية الحديث نيابة عن السلطات المتصارعة في ليبيا". واضاف المتحدث قائلا "ليس هناك محاورون واضحون مع وجود حكومتين في ليبيا". وكان اجتماع اتحاد المغرب العربي يهدف إلى بحث إمكانية حل الأزمة في ليبيا بالوسائل السياسية. وكان من المقرر أن يلتقى ممثلو الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، الذي يضم تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا إلى جانب ليبيا، اليوم الأحد لبحث الاضطرابات السياسية المتصاعدة . وكان من المفترض أن يسبق هذا الاجتماع لقاء آخر يشارك فيه ممثلون عن ليبيا والمبعوثون الخاصون للامم المتحدةوالولاياتالمتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي بشأن الازمة الليبية. وأدى الغاء اجتماع اتحاد المغرب العربي إلى تأجيل اللقاء الدولي. ومن المقرر أن تجرى انتخابات برلمانية في ليبيا أواخر يونيو المقبل. وتشهد البلاد أزمة سياسية خطيرة حيث أعلن البرلمان تعيين معيتيق، وهو رجل أعمال، رئيسا للوزراء قبل ثلاثة أسابيع، ليصبح ثالث رئيس للوزراء في شهرين بعد اقتراع اتسم بالفوضى، وذلك بدعم من الإسلاميين والمستقلين في البرلمان المنقسم على نفسه. غير أن الثني رئيس الوزراء المؤقت رفض تسليم السلطة مبديا شكوكا بشأن شرعية انتخاب معيتيق. وكان رئيس المؤتمر الوطني نوري بوسهمين استنكر رفض التسليم، محمّلا الثني المسؤوليةَ القانونية عمّا سيترتب عن رفض إتمام إجراءات التسليم لحكومة معيتيق. واعتبر في بيان صدر الجمعة أن امتناع الثني عن التسليم يُعد سابقة غير معهودة في تاريخ التجارب الديمقراطية، وليست له دلالة سوى التشبث بالسلطة ورفض التداول السلمي عليها. وجاء في البيان أن تذرع الثني بأن القرارات الصادرة عن المؤتمر غير صحيحة، يُعد مخالفة مرفوضة منطقا وقانونا لأن القرارات الصادرة عن أعلى سلطة تُعد واجبة الاحترام. من جهته، حث عز الدين العوامي نائب بوسهمين حكومة الثني على الاستمرار في تسيير الأعمال, وعدم تسليم السلطة إلى حكومة معيتيق، وذلك وفي خطاب تلفزيوني بُث السبت. وكان الثني قد رفض تسليم السلطة لحكومة معيتيق إلى حين صدور قرار من القضاء بخصوص طعن تقدم به عدد من أعضاء المؤتمر الوطني العام في دستورية انتخاب معيتيق. وقد منح المؤتمر الثقة لحكومة معيتيق الأحد الماضي بأغلبية 83 صوتا من أصل 94 نائبا حضروا الجلسة، في حين أعلنت مجموعات مسلحة وسياسيون أنهم لن يعترفوا بهذه الحكومة. وبشأن تطورات الاحداث في ليبيا حذرت الولاياتالمتحدةالامريكية وحلفاؤها الاسبوع الماضي من خطورة الوضع في ليبيا. وعبرت عن قلقها البالغ من أعمال العنف المتكررة في البلاد. وجاء التحذير عقب تنظيم مظاهرات حاشدة في العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي تدعو الجيش والشرطة إلى تحقيق الاستقرار الذي تفتقده ليبيا منذ اندلاع الثورة قبل ثلاث سنوات. وفي بيان مشترك، قالت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا إن ليبيا "تقف عند مفترق طرق". ودعا البيان إلى انتقال سياسي سلمي في البلاد، محذرا من أن البديل هو الفوضى والتشرذم والإرهاب. ويقود لواء الجيش المتقاعد خليفة حفتر حملة عسكرية للتخلص، كما يقول، من الإرهابيين والمسلحين في ليبيا، ويطلق حفتر على حملته اسم "عملية الكرامة". وكان المؤتمر الوطني العام ( البرلمان) الليبي قد دعا ميليشيات تضم ثوريين سابقين إلى القدوم إلى العاصمة طرابلس لمواجهة هجوم محتمل تعد له قوات حفتر. وانتقدت الحكومة هذه الدعوة وطالبت بسحب الميليشات من طرابلس. وقالت الدول الكبرى في بيانها إنها "قلقة للغاية من أعمال العنف المتكررة". ودعت كل الأطراف إلى "الامتناع عن استخدام القوة وتسوية الخلافات بالوسائل السياسية". وأشار البيان إلى أن "الإنقسامات المستمرة بين الليبيين سوف تحد بدرجة بالغة من قدرة المجتمع الدولي على مساعدة ليبيا". وكان حفتر قد قال في مقابلة صحفية إنه ستكون هناك عمليات عسكرية عدة وأنه لن يتوقف "حتى تخليص ليبيا من كل الإرهابيين والمسلحين". وفي مظاهرة حاشدة مؤيدة له في مدينة بنغازي، شرقي البلاد، رفع المشاركون لافتات تحمل شعارات منها " نعم للكرامة" و"نعم للجيش، نعم للشرطة"و "لا للميليشيات، ليبيا لن تصبح أفغانستان أخرى". وتعد بنغازي مهد ثورة 2011 التي أطاحت الزعيم الليبي معمر القذافي ونظامه. وحسب التقارير، فإن 79 شخصا على الأٌقل قتلوا في المدينة خلال الثورة. كما نظم أنصار حفتر أيضا مظاهرة في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس. في الوقت نفسه، احتشد آلاف في طرابلس تأييدا للمؤتمر الوطني العام (البرلمان)، الذي كان قد دعا قوات "درع ليبيا الوسطى" للقدوم من مصراته إلى العاصمة الليبية للدفاع عنها ضد أي هجوم محتمل من قوات حفتر. وتشهد ليبيا انقساما متزايدا بين الحكومة والبرلمان، كما يمزقها صراع بين الميليشيات المسلحة منذ الإطاحة بالرئيس القذافي ونظامه في عام 2011.