لم تكد تمضي أيام على فوزه في انتخابات الرئاسة في تركيا، حتى قام رجب طيب أردوغان، في خطوة كانت متوقّعة، بالانتقام ممن أثاروا قضية الفساد التي تورّط فيها ومجموعة من رجاله، من بينهم ابنه وأعضاء من حزبه العدالة والتنمية. وفي غمرة الجدل الذي أثاره فوز مرشّح حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة التركية، أثارت وسائل إعلام محلية جدلا جديدا حين نشرت خبرا يقول إن السلطات ألقت القبض على 20 ضابط شرطة في إطار تحقيق في مزاعم تجسس والتنصت دون مسوغ قانوني على رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والمقربين منه. ومع هذه الخطوة الجديدة يتجاوز عدد المعتقلين من ضباط ومسؤولي الأمن عدد المئة بكثير، وجهت لهم تهم بتشكيل منظمة إجرامية والتنصت على هواتف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والمقربين منه دون سند قانوني. وذكرت قناة ‘تي.ار.تي” التابعة للدولة أن الاعتقالات شملت 13 إقليما في مختلف أرجاء تركيا. وعلى مدى الشهر المنصرم احتجزت السلطات نحو 50 ضابط شرطة انتظارا لتوجيه اتهامات بتكوين خلية إجرامية والتنصت على الهواتف ضمن ما وصفه أردوغان “بدولة موازية” تتآمر ضده. وكانت النيابة العامة في اسطنبول قد بدأت تحقيقين منفصلين، في قضيتي “التجسس”، و”التنصت غير المشروع” المزعومتين، وجهت من خلالهما للموقوفين تهما مختلفة، بينها “محاولة الإطاحة بحكومة الجمهورية التركية بالقوة، أومنعها من أداء مهامها جزئيا، أو كليا”. وتفاعلا مع حملة الاعتقالات، تحولت صورة مدير الأمن السابق حياتي باشداغ وهو يرفع يديه المكبلتين في الهواء، قائلا: “لم آكل لقمة حراما” إلى أيقونة على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا. وألقي القبض على باشداغ ضمن حملة أمنية استهدفت العشرات من مسؤولي ورجال الأمن، لدورهم في تحقيقات قضية الفساد والرشوة في 17 و25 ديسمبر الماضي، التي طالت وزراء في حكومة رجب طيب أردوغان ومسؤولين ورجال أعمال مقربين منه وكذلك أفراد عائلته، وهزت الشارع التركي. وأثار تكبيل أيادي رجال الأمن، الذين قبض عليهم قبل السحور بدقائق، ردود أفعال عنيفة في الشارع التركي، لاسيما وأن المتورطين في قضية الفساد لم يعاملوا بالمثل وكانت أياديهم غير مغلولة. وتداول الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي صورة باشداغ، التي أحدثت صدى واسعا بينما يرفع يديه المكبلتين قائلا: “لم آكل لقمة حراما”. واستبدل الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي صورهم الشخصية على حساباتهم، بصور باشداغ، كما غير العديد من مستخدمي موقع “تويتر” أسماءهم واستبدلوها بعبارة “لم آكل لقمة حراما”. وكان أردوغان قد واجه، من قبل، حملة المعارضة ضدّه على مواقع التواصل الاجتماعي بحجبها، الأمر الذي يتوقع مراقبون أن يتكرر مجددا وبشكل أكبر خلال فترته الرئاسية. ويقول مراقبون إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد مرّ منذ مدة الى السرعة القصوى في الانتقام من خصومه كما توعدهم بذلك قبل أشهر بعد أن كادوا يسقطونه من على عرشه عندما كشفوا ضلوع مسؤولين كبار في حكومته في عمليات فساد على نطاق واسع. ويبدو أن شهية أردوغان للانتقام من خصومه ستنفتح أكثر بعد أن فاز برئاسة تركيا، إذ من المنتظر أن يوغل في اعتبار هذا الانتصار الانتخابي تفويضا شعبيا له، للقيام بما يرى أن عليه أن يقوم به.