ذكرت تقارير صحفية، أن هناك مشروعًا دوليًا يطرح فكرة إقامة اتحاد اقتصادي ونقدي وتعاون مشترك، أشبه بكونفدرالية بين شمال وجنوب السودان في حال صوت الجنوبيون للانفصال عن السودان خلال الاستفتاء الذي بدأ يوم الأحد ويستمر لمدة أسبوع. ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" الثلاثاء عن مصادر مطلعة في الخرطوم، إن المشروع الذي أعده رئيس جنوب أفريقيا السابق رئيس لجنة الحكماء الأفريقية بالاتحاد الأفريقي ثامبو مبيكي والذي سيّقدم لقادة الشمال والجنوب، يقضي بأن تبادر الخرطوم أولاً بالاعتراف باستقلال دولة الجنوب قبل الآخرين. وقالت- استنادًا إلى المصادر التي لم تكشف عن هويتها- إن مشروع الاتفاق جرى التوصل إليه تم عبر التشاور مع جهات دولية عدة، حيث يقضي فور إعلان نتيجة الاستفتاء بالانفصال بتأسيس نظام شراكة اقتصادية أشبه بصيغة الاتحاد الأوروبي. وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير قال في مقابلة مع فضائية "الجزيرة" الجمعة عشية الاستفتاء إن شمال السودان وجنوبه يمكن أن يشكلا اتحادا على نمط الاتحاد الأوروبي إذا اختار الجنوبيون الانفصال في الاستفتاء. وأضاف البشير إن الجنوبيين يمكن أيضا أن يحصلوا على حقوق حرية الحركة والإقامة والعمل والتملك في السودان بعد الانفصال، لكنه أضاف إنهم لا يمكن أن يكونوا مزدوجي الجنسية ويركز المشروع على خلق "بيئة سياسية صالحة للحوار، ومناخ مثالي للسلام بين الشمال والجنوب، وحماية رعايا الطرفين في الخرطوم، وجوبا"، كما ذكرت الصحيفة. وينص على اعتراف الشمال بدولة الجنوب كأول دولة رسميا حال تصويت الجنوبيين للانفصال، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية السوداني علي كرتي عندما أعلن قبل يومين أن "السودان سيفتح أول سفارة في الجنوب بعد الانفصال، لكنه اشترط "إجراء الاستفتاء بحرية ونزاهة وشفافية". ويشجع الطرفين على إقامة "سوق مشتركة، أو اتحاد على طريقة الاتحاد الأوروبي". وقالت الصحيفة إن مبيكي وضع أمام الفرقاء السودانيين عددا من السيناريوهات، أولها الانفصال إلى دولتين يجمعهما إطار كونفدرالي، أو البقاء في دولة واحدة، أو الانفصال إلى دولتين بحدود مرنة، وأخيرا الانفصال بحدود واضحة يتطلب عبورها تأشيرات مسبقة. وقالت مصادر في "الحركة الشعبية لتحرير السودان"- الحاكمة في الجنوب- إنها ستعمل من أجل إحداث نواة لاتحاد موسع يشمل دولا مجاورة للسودان. إلى ذلك كشفت الصحيفة عن وثيقة قالت إنها تحتوي على مجموعة من المقترحات كإعلان مبادئ قدمها خبراء لشريكي الحكم في السودان خلال مباحثات وحوارات جرت طوال العام الماضي في إثيوبيا وجوبا والخرطوم، بغرض الاتفاق على "ترتيبات ما بعد الاستفتاء في حالتي الوحدة، والانفصال". وتعد هذه الترتيبات من أصعب القضايا التي ستشكل تهديدا على السلام حال عدم الاتفاق حولها قبل العاشر من يوليو المقبل بانتهاء المرحلة الانتقالية وفقا للدستور الانتقالي الذي يحكم السودان. وأجملت المسودة التوصيات والمقترحات قضايا المواطنة والجنسية والموارد والنفط، والديون، والاتفاقات الدولية والمعاهدات. واقترحت في مسألة المواطنة "قضايا عاجلة الأهمية" وشملت اتفاقية لتفادي التمييز وحالة عدم وجود الدولة وإعادة التأكيد على حقوق الأقليات في حالتي الوحدة والانفصال. وتحتوي الوثيقة على مبادئ عامة حول معايير "المواطنة، وحقوق المواطنين وغير المواطنين، واقتراحات وخطة للتواصل الإنساني بين المواطنين بمن فيهم النازحون واللاجئون"، التي تحدث أحيانا في حالة الانفصال. كما تتطرق إلى وضع وحقوق الطلاب الجنوبيين الذين يدرسون في جامعات ومعاهد الشمال ونظرائهم الشماليين في الجنوب. ووضع الشماليين في الجيش الشعبي، والجنوبيين في القوات المسلحة السودانية والمعاشات والرواتب. وتتضمن كذلك مقترحات بشأن حركة المواطنين عبر الحدود في حالتي الوحدة والانفصال، واتفاقية عن حقوق السكان المتجولين عبر الحدود، واتفاقية عن الحقوق المستمرة للتحركات التقليدية، وأوضاع الجنوبيين في الخدمة العامة ووضع الشماليين في الخدمة بالجنوب، وحقوق الملكية ووضع الممتلكات وحقوق التملك في حالة غير المواطنين والمقيمين بصورة قانونية. واقترح الخبراء مسودات قوانين جديدة وبديلة للحالية فيما يتعلق بالمواطنة والأجانب والمقيمين، وحق التملك للمواطنين في جنوب السودان في حال الانفصال وقانون للحصول على المواطنة في الشمال حالة الانفصال، ووضعوا مسألة الحصول على المواطنة وقوانين الإقامة والملكية كأهمية دنيا. وفي مسألة العملة، اقترح الخبراء "الاتفاق حول كيفية إنشاء اتحاد العملة أو التعامل بعملتين في حال الانفصال. والاتفاق حول الفترة الانتقالية بالتشديد على الشفافية وعدم تشجيع السلوك غير القانوني في حالة فصل العملات، والاتفاق حول كيفية الإسراع لإدخال عملة جديدة، والعملة التي يجب استخدامها حتى إصدار العملة الجديدة، والاتفاق حول توزيع العمل الصعبة الموجودة لدعم العملة الجديدة، و(في حال الوحدة) حل الصعوبات الموجودة بين الطرفين في ما يخص احتياطي العملات الصعبة وملكية وإنتاج العملة ووضع خارطة لاحتياطات العملات الصعبة، والموافقة على مراجعة كل الاتفاقيات والمعاهدات التي يكون السودان طرفا فيها". كما دعا الخبراء إلى الوصول لاتفاق لتعزيز أسس التعاون الاقتصادي (خارج ما يخص قطاع النفط) والعلاقات الأخوية بين الشمال والجنوب (اتفاق عدم اعتداء، اتفاق في ما يخص تعريفة الجمارك، التجارة الحرة، واحتمال التوصل لاتفاقات أخرى مثل الخدمات الاجتماعية والمكتسبات والفوائد مثل التعليم (إعفاء الجنوبيين في الشمال بمعاهد التعليم العالي) واحتمال التوصل لاتفاق حول بنيات المواصلات العامة".