الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، أحمد غراب فإننا لا نعني إطلاقا أولئك المواطنين الذين يمارسون حقوقهم الديمقراطية المكفولة دستوريا دون تخريب أو تكسير أو إثارة قلاقل، ولا أولئك الإعلاميين الذين يمارسون واجباتهم المهنية بحياد وموضوعية... وإنما نعني أولئك المسؤولين الذين لا يتسمون بالحكمة ولا يحترمون قانونا ولا دستورا، فيعطون أوامرهم بالاعتداء على المواطن الفلاني أو الصحفي العلاني، ويتعاملون مع الناس بازدراء، ويتهمونهم بالعمالة والخيانة و... ويحسبون أنفسهم الوطنيين والمخلصين والمحبين للبلد والداعين إلى الأمن والأمان ووكلاء الوطن في أبنائه، مع أن القاصي قبل الداني يعرف جيدا أنهم لا يخافون على الوطن ولا على أمنه ولا على استقراره بقدر خوفهم على مصالحهم. مثل هؤلاء هم الذين جروا بلدانا مثل مصر وتونس إلى الانفجار، وما لم يتم إيقافهم فإن الأمر سيكون أشبه بمن يلعب بالنار جوار محطة وقود أو غاز. الاعتداء السافر الذي تعرض له مراسل ال"بي. بي. سي" في ميدان التحرير، والعبارات غير اللائقة التي تم توجيهها له، أثبتت أن هناك أناس لا يملكون ذرة من الحكمة والتفكير السويّ، فيصبون الزيت على النار، لا لشيء إلا ليظهروا بمظهر المنقذ وحامي الحمى، مع أن الحاصل هو أنهم يذكون الفتنة. أنتم رحتم تعالجون مشكلة أم تتسببون بكارثة!؟ "تكحلوها والا تعموها"!؟ تخمدون الفتنة أم تذكونها!؟ أم أن المسؤول غير مسؤول!؟... المفروض كمسؤول أن تكسب الناس، وخصوصا الإعلام والصحافة، لا أن تهيجهم وتحولهم إلى أعداء. والله سبحانه وتعالى يقول: {ادفع بالتي هي أحسن} ولم يقل: "ادفع لبلاطجتك وادفع بهم إلى الشوارع لضرب المواطنين"، أو على الأقل: تعامل وفق قاعدة "لا ضرر ولا ضرار". أسألك بالله! لو أن ابنك أو أخاك عاد إلى المنزل وهو ينزف دما، ماذا كنت ستفعل؟!! لماذا ترضون للناس ما لا ترضون لأنفسكم وأبنائكم وعائلاتكم؟! إلا إذا كنا مواطنين درجة عاشرة وأنتم مواطنون درجة أولى، فهذا شيء آخر! كلنا نحب الوطن، ونتمنى الأمن والاستقرار، ونعمل من أجله؛ لكن حب الوطن عندنا لا يعني بلاطجة وضرب وكيل التهم وتصنيف الناس. نحب الوطن والأمن والاستقرار رغم فقرنا وبؤسنا، ورغم أن كل ما نعمله هو أننا نمسك لكم البقرة من قرونها لتحلبوها بأمان!