في مطار القاهرة وقف نحو عشرة أشخاص من جنسيات مختلفة ينتظرون الطائرة السورية لتقلّهم الى دمشق. القاسم المشترك بينهم هو أنهم هربوا من ليبيا فارّين بأرواحهم، تاركين أموالهم وأملاكهم. كان الارهاق والقلق واضحا على محياهم. رامز الحرّيف مقاول سوري يعمل منذ عام في بنغازي قال ل ايلاف "الأمور تغلي في بنغازي منذ 25 كانون الثاني- يناير الماضي فسيف الاسلام كان يعد الليبين بكثير من الوعود والآمال الا انها لم تكن تتحقق، وما يتردد هو أن القذافي الأب يقف ضد تنفيذها. فاقتحم الليبيون شققا فارغة كان قد وعدهم سيف الاسلام بتملكها، وسكنوا فيها الا أنه تم اخراجهم بالقوة منها، وهذا ما كان سببا مهما وأساسيا للمظاهرات" . وفي رأي رامز "ان ما شجع الليبيون هو نجاح التظاهرات في تونس ومصر" ، وأضاف "قطع القذافي الاتصالات الداخلية والدولية والشعب احتل الاذاعة ، وأحرق أقسام الشرطة ، وأخذ أسلحة الجيش" . وأشار الى "أن هناك الكثير من الدبابات باتت بيد الشعب ونحن اربعة سوريين اتفقنا مع سائق تاكسي شاب ليقلنا الى حدود السلوم، وطلب أربعة اضعاف تكاليف الرحلة ووافقنا، وطوال الطريق من بنغازي الى السلوم لم نجد جنديا واحدا، ولم نجد الا ليبيين يمسكون السواطير ليحموا أنفسهم وعائلاتهم ، وخرجنا من الحدود دون أن يختم أحد جوازاتنا". وقال "ان هناك قتلى ودماء في الشوارع وقناصة فوق رؤوسنا يضربون الناس بالرصاص الحي والطيران يحوم في الجو ، كل شيء فوضى ولخبطة". وقال "نحن الأربعة ننتطر الطائرة السورية لتقلنا الى بلادنا الا أنها تأخرت حوالي الساعتين واليوم بعد ظهر الثلاثاء قالوا لنا ان طائرة صغيرة 50 راكبا هي التي ستطير الى دمشق". كما أشار الى مسافرين آخرين" هؤلاء أفارقة، وذلك رجل لبناني مع ابنه هاربين من ليبيا مثلنا لم يستطع الأب حجز تذكرتين من القاهرة الى بيروت فقرر السفر الى دمشق ومنها الى بيروت". بدوره، أكد مصعب خالد ، وهو سوري يعمل في المقاولات أيضا " ان الكهرباء انقطعت في بنغازي ، ولم نعد نتواصل مع أهلنا في سوريا بسبب قطع الاتصالات ، وعندما وصلنا الى حدود السلوم بعد أن دفعنا لسائق التاكسي ألف دينار ليبي لم نجد الا تليفزيون العربية، وكان هناك زحاما شديدا وختم المصريون جوازاتنا ، وركبنا سيارة من الحدود الى القاهرة" . واعتبر مصعب " ان القذافي زرع الفتنة بين الناس عندما اتهم مصريين وجزائريين وتونسيين ببدء التظاهرات". وحول مشاهداته قال ان الشعب الليبي يقتل ما ُيقال عنهم "أصحاب القبعات الصفر"، وأشار الى انه "تم ذبح شخصا بشرته سمراء في بنغازي، وأخذ الشعب في تظاهراته يطبع منشورات تحض على الحفاظ على هذه الانتفاضة الحرة" ، وسلّم "ايلاف" نسخة من المنشورات الموزعة. الشعب الليبي بات ينادي سيف الاسلام بسيف الشيطان منشورات بنغازي زكريا حصرية يعمل في ليبيا في شركة مصاعد فتح هاتفه وقرأ رسالة أرسلتها شركة ليبيانا للاتصالات الى الشعب الليبي وتقول الرسالة "كتيبة صاعقة ابو عطني تستلم مقر كتيبة أمن بنغازي، وتم سحب الكتيبة خارج بنغازي ، يرجى تجنب الاحتكاك والمناوشات وليكن اليوم بداية عودة الامل والأمان لأهلنا في بنغازي". ولفت زكريا الى أنهم تركوا أموالهم وبيوتهم ومحلاتهم، متوقعا تدهور الامور بشكل أكبر. وقال حمزة دباس "ان الذين يقتلون الناس مرتزقة من جنسيات مختلفة يدفع لهم القذافي 5000 دينار ليبي". واضاف" إنفجر مستودع للاسلحة في طبرق بأيدي الشعب وامتلأت مستشفيات الجلاء والهواري، وفي الجوامع أخذوا ينادون بغية تقديم المساعدات"، وأضاف "الشعب اصبح ينادي "سيف الاسلام" ب"سيف الشيطان" بعد ان كانوا يسمونه ب"سيف الأحلام". وقال في منطقة الماجوري في بنغازي دخل الليبيون الكتيبة التي ُتسمى كتيبة معمر في ساحة الكيش وأخذوا كل مافيها فقد كانت استراحة للقذافي ومنطقة ترفيه له ، وسمى الشعب الساحة ساحة الشهداء. وأكد دباس ان هناك نقصا في النقود والمواد الغذائية والبنزين والغاز والوضع في ليبيا صعب جدا في ظل وجود عشائر وقبائل ، مشيرا الى ان الوضع بالغ في السوء والقتلى لايحصى عددهم ، متخوفا من اشتعال حرب أهلية حتى لو تنحى القذافي في ظل تأكيدات عن خلافات حول الزعيم القادم. واتفق سوريون قادمون من بنغازي ان عدد السوريين كبير جدا دون وجود احصاءات دقيقة، وأن دور القنصلية السورية كان هزيلا خلال الازمة وما زال، اذ اكتفت بتسجيل أسماء السوريين الموجودين في بنغازي وكتابة أرقام هواتفهم علما انه لا وجود لاتصالات في ليبيا وشبكات الهاتف متوقفة.