تمر بلادنا هذه الأيام وللأسف الشديد بأزمة سياسية خطيرة افتعلتها أحزاب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معها رغم أن التحالف مع مثل تلك القوى أمر ينطوي على مخاطر كبيرة تهدد الأمن والسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية باعتبار تلك القوى غير مؤمنة بالديمقراطية وغير ملتزمة بالثوابت الوطنية وغالباً ما تلجأ إلى العنف والتمرد على الدولة وتقطع الطرقات وتثير الشغب في العديد من محافظات الجمهورية اليمنية في تحدٍ سافر وغير مبرر للنظام والقانون والدستور والثوابت الوطنية, بل ذهبت بعض هذه القوى إلى ما هو أبعد من ذلك وهو المجاهرة بالدعوات إلى فصل جنوب اليمن عن شماله وتمزيق الوحدة الوطنية للبلاد, مما يجعل التحالف مع تلك القوى جرماً كبيراً يصل إلى حد الخيانة العظمى للوطن. إن القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية حرصت على التعامل مع الأحزاب السياسية في المعارضة تعاملاً إيجابياً بعيداً عن التخوين والتهميش والإقصاء والسجن والملاحقة والمضايقة مثل ما هو الحال عليه في الكثير من الدول العربية الشقيقة التي تستخدم العصا الغليظة والقبضة الحديدية والسجن سنوات طوالاً للمعارضين السياسيين ناهيك عن تكميم الأفواه ومصادرة حرية التعبير والرأي, غير أن أحزاب المعارضة السياسية في اليمن وللأسف الشديد استغلت هذا المناخ الديمقراطي والسقف العالي من الحرية في غير ما يرضي الله والوطن ومارست تصرفات لا تخدم المصلحة الوطنية, بل أدت إلى الاحتقان والتوتر والكراهية الشديدة بين أبناء الوطن الواحد نظراً للتعبئة الخاطئة والفكر المغلوط الذي يسيء إلى التجربة الديمقراطية اليمنية ويلحق الأذى الكبير بالمصلحة القومية العلياء. إن أحزاب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معها وهي تتمادى في غيها قد دفعت بأنصارها إلى الساحات والشوارع في صنعاء وعدن وتعز وضللت البعض من المواطنين البسطاء وزجت بهم مع أنصارها لافتعال أزمة سياسية وخلق حالة من الفوضى العارمة والشغب والاستفزاز لإجبار النظام السياسي الشرعي والدستوري على تسليم السلطة لأحزاب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معه بطريقة فوضوية وغير شرعية بعيداً عن الأطر الديمقراطية والدستورية والقانونية بعد أن عجزت تلك الأحزاب والقوى عن الوصول إلى السلطة عبر الطرق الديمقراطية والسلمية لتداول السلطة من خلال الانتخابات الحرة النزيهة, فقررت تلك الأحزاب والقوى المتحالفة معها قرارها الخطأ مستغلة ما حدث في تونس ومصر وغير معتبرة مما يحدث في ليبيا وسوريا والبحرين متجاهلة خصوصية اليمن والالتفاف الملاييني حول الشرعية الدستورية وإرادة الغالبية العظمى من الشعب اليمني الذي لن يسمح بالانقلاب على الديمقراطية مهما كان الثمن. إنني انصح أحزاب اللقاء المشترك وخاصة العقلاء منهم أن لا ينجروا وراء القوى التي تدفعهم وتدفع البلاد إلى الهاوية وتفتح أبواب جهنم على الجميع وتدخل البلاد في أتون حرب أهلية تحرق الأخضر واليابس قد تجر البلاد إلى نتائج لا يحمد عقباها, لذا يجب على قيادات أحزاب اللقاء المشترك الإصغاء لصوت العقل والحكمة والقبول بالحوار والاستفادة من المبادرة التي قدمها الأشقاء قادة مجلس التعاون الخليجي, إذ ليس من المعقول والمقبول أن يكون الآخرون مع تقديرنا واعتزازنا الشديد بهم أحرص منا على بلدنا وتجنيبه الفتنة والفوضى, وإلا كيف نفسر ونفهم المواقف المتشنجة والمتشددة لبعض قيادات المشترك التي ترفض كل الحلول والمبادرات وترفض حتى الأصوات والدعوات من داخل اللقاء المشترك نفسه والقوى المتحالفة معه للقبول بالمبادرة الخليجية لحل الأزمة المفتعلة من أحزاب المشترك والقوى المتحالفة معه؟! وأخيراً أجدد لمن يرفضون الحوار أن يقبلوا بالمبادرة الخليجية حباً للوطن وحرصاً على حقن دماء الشعب اليمني وليعتبروا ذلك تضحية منهم للوطن برغم أنهم لن يخسروا شيئاً, بل سيكسبون احترام وتقدير الشعب اليمني الذي يتطلع إلى مخرج من هذا الكابوس المرعب وكذلك احترام وتقدير الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والأطراف الدولية المهتمة بالشأن اليمني. (*) باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني