رأى تقرير سري تم إعداده في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس المزمع توقيعه في القاهرة الأربعاء هو "فرصة إيجابية" لإسرائيل ووجه انتقادا مبطنا لردود فعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الاتفاق. ونقلت صحيفة (هآرتس) الأربعاء عن التقرير أن "الخطوة الفلسطينية ليست فقط خطرا أمنيا، وإنما هي فرصة إستراتيجية لإجراء تغيير حقيقي في الحلبة الفلسطينية، وهذا التغيير من شأنه أن يخدم المصالح الإسرائيلية في المدى البعيد". وبدلا من رفض إسرائيلي مطلق للمصالحة وتشكيل حكومة وحدة فلسطينية يوصي التقرير باتخاذ "توجه بناء يؤكد أكثر على المعضلة التي يواجهها الفلسطينيون" بشأن برنامج الحكومة وعدم استعداد حماس للاعتراف بإسرائيل. ويرى التقرير أن توجها إسرائيليا إيجابيا أكثر تجاه الخطوة الفلسطينية سيدعم العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية وأن "على إسرائيل العمل كلاعب ضمن فريق وتنسيق رد الفعل تجاه حكومة الوحدة الفلسطينية مع الإدارة الأميركية، وهذا الأمر سيزيد قوة الولاياتالمتحدة ويخدم المصلحة الإسرائيلية". ووجه التقرير انتقادا مبطنا لنتنياهو الذي سارع إلى التعقيب على المصالحة الفلسطينية ورفضها بالمطلق وجاء فيه إن "على إسرائيل في المرحلة الحالية وقبل توقيع الاتفاق أن تتوخى الحذر في سياستها وتصريحاتها". وأعدت التقرير دائرة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية وتم تسليمه إلى وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان والمدير العام للوزارة رفائيل باراك. وأشارت (هآرتس) إلى أن دائرة التخطيط السياسي هي هيئة مؤلفة من دبلوماسيين مهنيين مسؤولة عن بلورة سياسة إسرائيل في قضايا مختلفة تتعلق بعلاقاتها الخارجية، وتحولت في أعقاب استنتاجات "لجنة فينوغراد" حول إخفاقات إسرائيل في حرب لبنان الثانية إلى هيئة مركزية في الوزارة بعد أن تم توسيع طاقمها. ويذكر أنه بعد الإعلان عن توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية، يوم الأربعاء الماضي، بساعتين عبر نتنياهو شخصيا عن رفضه الاتفاق وقال إن على الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاختيار ما بين السلام مع إسرائيل أو مع حماس، وبعد ذلك استمر في إطلاق التصريحات الرافضة للاتفاق كما أن وزير المالية الإسرائيلي يوفال شطاينيتس أعلن عن قراره بوقف تحويل أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية. وأوصى التقرير السري بأن رد الفعل الإسرائيلي على تشكيل حكومة وحدة فلسطينية يجب أن يكون موزونا وأن يأخذ بالحسبان الحاجة إلى مواجهة نية الفلسطينيين بطلب اعتراف دولي بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر المقبل.
وجاء في التقرير أنه "يجب الامتناع عن إطلاق تصريحات أو تنفيذ خطوات تقيّد أيدي إسرائيل أمام الفلسطينيين في الحلبة الدولية وخصوصا على ضوء التحديات الإستراتيجية المتوقعة خلال العام الحالي". وتضمن التقرير عدة توصيات أخرى بينها الحفاظ على استمرار التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية "الذي يشكل مصلحة إسرائيلية وأدى إلى انخفاض دراماتيكي للأنشطة الإرهابية". كذلك أوصى معدو التقرير أن تطالب إسرائيل بأن يضع المجتمع الدولي معايير مفصلة أمام الحكومة الفلسطينية الجديدة. وأوصى أيضا بإيفاد وفد إلى القاهرة لإجراء محادثات من أجل زيادة التنسيق مع الحكم المصري المؤقت. ووفقا ل"هآرتس" فإن مستشار نتنياهو المحامي يتسحاق مولخو سيزور القاهرة يوم الأحد المقبل وسيلتقي مع وزير الخارجية المصري نبيل العربي ومسؤولين مصريين آخرين. ومن جانبه توجه نتنياهو الليلة الماضية إلى لندن في زيارة ستستمر ثلاثة أيام وتشمل فرنسا في محاولة لإقناع القادة الأوربيين بمعارضة اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية في أيلول/ سبتمبر. لكن مسؤولين سياسيين إسرائيليين عبروا عن تخوفهم من فشل مهمة نتنياهو لأن القادة الأوروبيين يرون بالاعتراف بالدولة الفلسطينية فرصة لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في مقابلة صحفية الثلاثاء أن فرنسا قد تعترف بالدولة الفلسطينية.