تجمع ثوار ليبيون على تل يطل على بلدة ذات موقع إستراتيجي تبعد 80 كيلومترا فحسب عن طرابلس استعدادا لمعركة قد تمكنهم من الزحف مباشرة نحو مقر سلطة معمر القذافي. وقضى نحو 50 مقاتلا من المعارضة الخميس في موقع استطلاع يبعد كيلومترين عن بلدة بير الغنم وهم يستخدمون المناظير المكبرة لتقييم موقع قوات القذافي. وكانوا قد وصلوا الى المنطقة الخميس بعد معارك في الجبل الغربي الى الجنوب الغربي من طرابلس وهي منطقة قالت فرنسا انها أسقطت فيها من الجو أسلحة الأمر الذي فجر عاصفة دبلوماسية بين قوى العالم. وقالت صحيفة (لو فيغارو) الفرنسية إن فرنسا أسقطت بالمظلات قاذفات صواريخ وبنادق ومدافع رشاشة وصواريخ مضادة للدبابات على الجبل الغربي في اوائل يونيو حزيران. وأكد متحدث عسكري فرنسي تسليم أسلحة للمعارضة لكنه قال ان الاسلحة لم تتضمن صواريخ مضادة للدبابات. وقوبل ذلك برد فعل غاضب من روسيا احدى دول كثيرة أبقت الباب مفتوحا امام القذافي. وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي ان إقدام فرنسا على تزويد المعارضة بالأسلحة لهو "انتهاك سافر" لقرار الاممالمتحدة 1970 الذي فرض حظرا شاملا على الأسلحة في فبراير شباط. وتعلم قوات القذافي في بير الغنم أن المقاومين يراقبونهم من التل. وفي إحدى المراحل يوم الخميس اطلقوا قذائف المورتر والمدفعية الثقيلة ففر الناس بحثا عن ساتر.
وتبعد البلدة مسيرة ساعة بالسيارة من العزيزية في الضواحي الجنوبية لطرابلس ومسافة مماثلة من الزاوية التي تسيطر على الطريق البري الساحلي الرئيسي الذي يربط طرابلس بالحدود التونسية والعالم الخارجي.
وانضم القليل من المقاتلين من أنحاء المنطقة اليهم خلال النهار. وجاء بعضهم من الزنتان في الجبال خلفهم وقال آخرون انهم شقوا طريقهم سرا من الزاوية التي اخمدت فيها قوات القذافي انتفاضتين منذ فبراير شباط الماضي.
وحث المقاتلون على تقديم مزيد من الاسلحة اليهم.
وقال محمود جبريل القيادي البارز في المجلس الوطني الانتقالي المعارض "إعطاؤهم (المعارضين) أسلحة سيجعلنا قادرين على كسب المعركة أسرع حتى نريق أقل قدر ممكن من الدماء لانه كلما أرقنا قدرا أقل من الدماء أسرعنا بالتفكير في المستقبل وأصبحنا قادرين على حماية الشعب الليبي".
ويتناقض تقدم المقاومين في الغرب مع التقدم الطفيف الى الشرق من طرابلس الأمر الذي يزيد من الشعور بخيبة الامل بين الحلفاء في حلف شمال الاطلسي بشأن حملة جوية مضى عليها ثلاثة اشهر لمساندة المعارضة فاقت في تكاليفها وإطارها الزمني ما كان متوقعا بادئ الأمر.
وتقول فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة إن الحملة الجوية لن تنتهي حتى يسقط القذافي. واصبحت الحرب الانتفاضة الأكثر دموية بين انتفاضات "ربيع العرب" التي تجتاح شمال افريقيا ولاشرق الاوسط.
وقالت باريس انها تعتقد انها لم تنتهك الحظر الذي فرضته الاممالمتحدة لأن الاسلحة التي ارسلتها ضرورية لحماية المدنيين من هجوم وشيك وقالت ان ذلك مسموح به في اطار قرار مجلس الامن الدولي الذي صدر بعد ذلك.
واتفقت الولاياتالمتحدة مع ذلك. وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية "نعتقد ان قراري مجلس الامن 1970 و1973 بعد الاطلاع عليهما ودون تحديد او منع يوفران مادة الدفاع للمعارضة الليبية". واضاف "وعليه فإننا نختلف مع التقييم الروسي". لكنه قال ان تسليح المعارضة رغم انه قانوني الا انه "ليس خيارنا".
واعترفت المعارضة بالمساعدة الفرنسية وقالت ان السلاح الذي قدمته باريس ساهم في دعمهم في المنطقة.
وقال عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي في بيان شكر للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انه من المؤكد ان الليبيين في جبل نفوسة يعيشون اليوم في امان بفضل مزيج من الشجاعة الليبية والحكمة والدعم الفرنسيين.
واذاع التلفزيون الحكومي الليبي بيانا من قادة قبليين يدين ساركوزي بسبب امدادات السلاح ويصف المعارضة بأنها "صنيعة فرنسا."
وتزحف قوات المعارضة باتجاه طرابلس من ناحية الجبال في الجنوب الغربي ومن ناحية الساحل إلى الشرق حيث حققت تقدما طفيفا خارج معقلها في مصراتة. وفي مدينة مصراتة التي تسيطر عليها المعارضة على بعد نحو 200 كيلومتر شرقي طرابلس سقطت ستة صواريخ في وقت مبكر يوم الخميس على منطقة بمصراتة قرب مصفاة تكرير النفط وميناء المدينة. وقال مراسل لرويترز في مصراتة إنه لم تقع خسائر بشرية.
وتقول المعارضة ان قوات القذافي تحشد وحداتها وسلاحها لسحق الانتفاضة في زليتن ثاني البلدات الكبيرة على طول الطريق من مصراتة إلى العاصمة.
وتقول المعارضة داخل زليتن انها شنت هجمات على مواقع القوات الموالية للقذافي مساء الاربعاء وقتلثت ثلاثة رجال في دورية للجيش صباح الخميس.
ويسلط إقدام فرنسا على تزويد المعارضة بالسلاح والذي من المحتمل ان يزيد من التهديد للقذافي الضوء على مشكلة يواجهها حلف شمال الاطلسي.
وبعد اكثر من 90 يوما من بدء عملية الحلف ما زال القذافي في السلطة ولا يبدو ان تقدما كبيرا سيحدث في المستقبل المنظور مما يؤدي لشعور بعض الدول الاعضاء في الحلف بضرورة مساعدة المعارضة بشكل اكثر فاعلية وهو امر دعت إليه المعارضة التي تفتقر إلى السلاح. لكن اذا فعلت تلك الدول ذلك فإنها تخاطر بتعريض تماسك التحالف الدولي للخطر بسبب الخلافات بشأن كيفية المضي قدما في محاولة اسقاط القذافي. وحتى قبل تكشف الانباء عن تزويد فرنسا المعارضة بالسلاح ظهرت خلافات داخل التحالف حيث عبرت بعض الدول الاعضاء عن خيبة أملها بشأن تكلفة الحرب وسقوط قتلى من المدنيين وصعوبة تحقيق نصر عسكري. ورغم عدم مشاركة روسيا في العمليات الحربية في ليبيا إلا أن موقفها قد يزيد التحفظات لدى بعض دول حلف الاطلسي التي ترى ان العمليات الجوية طالت اكثر مما يجب وانها تكلفت اكثر من المتوقع. وقد تتحدى موسكو باريس في مجلس الامن حيث تملك الاثنتان حق النقض المكفول للدول دائمة العضوية بالمجلس. وقال فرحان حق المتحدث باسم الاممالمتحدة ان مجلس الامن هو صاحب الحق في تحديد ما يسمح به قراره. ويقول القذافي ان حملة حلف شمال الأطلسي عمل من اعمال العدوان الاستعماري يستهدف سرقة النفط الليبي. ويقول ان تفويض الاممالمتحدة للحلف بحماية المدنيين غير شرعي.