التوضيح بدايةً: كُتِب هذا النص في النصف الأول من مارس، لكن تداعيات الأحداث أرجأت تقديمه، علاوة على انتشار "حمى المبادرات السياسية" لحل الأزمة "المختلطة" بالانسداد السياسي مع مخاض التغيير ورغبة الثورة و.. "التطهر" بها. لكن حالة الفوضى "الخناقة" لحياة المواطنين اليمنيين الذين ولا شك تضرر منهم من تضرر مما حدث ويحدث من تفاعلات على كافة المستويات، كثفت بحث العامة من اليمنيين عن "الانتقال السلس من المنزل إلى مقر العمل والعكس" بدون اكتراث ب"سلاسة انتقال السلطة"، فليس هم المواطن غير ما يلامس حياته اليومية ومتطلباته الشحيحة والغالية في آن، بأكثر مما يشغل الهم السياسي ساسته وعسكرييه و.. الدبلوماسيين الغربيين. ولعل وعسى ما يزال الحال محتاجاً، لعرض هذا على بعض الأخوة المعتصمين بالساحات أملاً في أن يكونوا العماد الأساسي للحل والقوة الضاغطة في سبيله، لا عصب المشكلة أو جزءً منها خالقاً لسلبياتها، هذا إن ناسبهم النص، ما لم يئده الواقع أو يلغيه الجموح (لا الطموح)، أو تقرر القناعة المسبقة تجاوزه.. فإليكموه: * منذ هاجت رياح التغيير الجارف في المنطقة العربية أول العام 2011م، اعتمل نشاط في الساحة السياسية اليمنية، تفاعلاً معها، وأوقد هذا التفاعل: شباب ملؤه حماس وطني.. دون شك؛ وغيرة على مستقبله.. بكل تأكيد؛ وإعجاب وتأثر بموجة التغيير الجديدة، كما جرفه الألم والمعاناة مما يشهد ويعيش في واقعه.. يقيناً. مع تناسٍ للحاجة الأساسية الملحة إلى "الترشيد" أولاً وقبل كل شيء، ليتسنى "التغيير" -وحتى "الثبات"- وفق احتياجات ومتطلبات وطموحات لا تلبيها العشوائية والعبث و"البلطجة السياسية المتبادلة" والتعطيل المشترك والنسبي للمصالح العامة، بفعل الانسياق وراء خطى عمياء لا ترى أبعد من خطاها، ولا تسمع صوتاً غير صداها، وتؤثر فيها تصورات غير بيّنٍ صوابها من خطئها دونما تأمل وتبصر فيما قد يؤول إليه الأمر. ولأن في مُكنة الشباب، سواءٌ صح انتماؤهم الحزبي أو تغلب انتماؤهم الوطني على التبعية الحزبية، أن يحدثوا التغيير المرجو والمنشود إنما نحو الأفضل، وبالسبيل الأمثل بدون انجراف من جحيم إلى سعير، أو انجرار من مناوشة إلى معركة، أو انتقال من حفرة إلى فخ ينصبه "فقر الوعي" واختلاق الأزمات، واصطناع المحن. وطالما "أحرجوا سابقيهم بما يفعلون" -حسب أحد السابقين- وفرضوا وجودهم فإنهم يستطيعون أن يشكلوا من أنفسهم ومن طاقتهم ضماناً لمستقبلهم بالسبل السليمة والسلمية الواعية التي لا تنجر وراء دعوات هدامة أو تنخدع بوعود براقة.. لذا توضع بين يدي الشباب هذه المبادرة مستهدفة إياهم وتهدئة الوضع القائم وتأمين مصالح المواطنين حرصاً عليهم بعدما أثرت فيهم أصوات متشددة في جانبي السلطة والمعارضة أشركتهم في تعطيل نسبي لمصالح عامة، واستنزاف مقدرات كبيرة، وإحداث حالات عنف يدينه كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية. وإن استروح بعضهم ما يجري، وتضايق أكثرهم مما يسري من مغامرة قادت عفوياً إلى المخاطرة بمستقبل البلد والمقامرة بحياة المواطنين! فحرصاً على وطن يتسع للجميع وينبغي لبنائه وتغييره الرشد أولاً وقبل كل شيء.. توضع هذي النقاط أملاً بأن تلقى استيعاباً واعياً واستجابةً رشيدة لدى الشباب المعتصمين ليثبتوا قدرتهم على تجاوز عقد وصراعات الشيوخ، ومن يجعلهم دون أن يشعروا ومهما كابر بعضهم، ضحايا خصومات سياسية، فينتقلون من الضوضاء إلى تسليط الأضواء على قدراتهم وأحقيتهم في المشاركة السياسية والاجتماعية وتأمين مستقبلهم وإحداث تغيير محسوب العواقب ومقبول، مكتمل الأركان، ويحوز الإجماع لا التشكيك، فإلى نقاط المبادرة: "صوناً لمصالح المواطنين، إشراكاً للشباب في عملية سياسية سلمية وحرصاً عليهم وعلى وطن الجميع، ومواكبة لمتطلبات التغيير، واستيعاباً لحاجات الواقع اليمني، ودرءً لمخاطر تصدع السلم الاجتماعي، والمواجهات العنيفة، نأمل بهذه المبادرة، مبادرة الشباب إلى: 1) إلغاء الوصاية الحزبية الخفية على الشباب وخفض الأصوات المتشددة من جانبي السلطة والمعارضة، وكف خطابهم وتأثيرهم السلبي على الشباب في الساحات. 2) وفقاً للحقوق الدستورية المكفولة للمواطن اليمني، وتطميناً للشباب في الجانبين بعدم تجاوز حقهم الدستوري والقانوني في حرية الفكر والإعراب عن الرأي وحرية التعبير، تعقد "اعتصامات رمزية ودورية" وسط ساحات محددة لا يتجاوزها أو يتعدى عليها أحد، وذلك لعدم تعطيل المصالح العامة للمواطنين ولو نسبياً، أو الاستفزاز لمواجهات عنيفة مع قوات الأمن الواجب عليها، حماية المواطن وحريته وكرامته وأمنه، لا قمعه وإيذائه، ما لم يتجاوز المواطن حدود القانون أو يضر بالممتلكات العامة. 3) ضماناً للمشاركة السياسية تشكيل الشباب المعتصمين، بالانتخاب أو التزكية، للجنة مراقبة ومواكبة للحوار السياسي المرتقب إجراؤه مجدداً بين الأطراف السياسية. 4) ضماناً لتنفيذ الالتزامات والمبادرات السياسية المقدمة من مختلف القوى السياسية في السلطة والمعارضة، تشكيل الشباب لجنة متابعة تنفيذ الالتزامات والبنود المتفق عليها من تلك المبادرات. 5) انتظام الكم الهائل من الشباب في كتلة سياسية جديدة لا وصاية عليها من أحد، تشارك في الانتخابات القادمة بالترشيح أو التصويت لمن يستحق صوت الناخبين حقاً. فهكذا يهنأ الشهداء بهم: ونرى جيلاً رشيداً لا يَضِلُ.. للفداء الضخم قد هيّأ نفسه ويتسنى للشباب اليمني أن يقدموا لكل العالم نموذج جيل رشيد ومبتكر وقادر على التغيير والمشاركة، ويدحض تهمة التقليد والتسيير من راكبي الأمواج. والله ولي التوفيق".