محمد ناجي العبسي: الشعب اليمني سمع عنك أشياء كثيرة، رغم أنك ظليت مختفٍ عن الأضواء ردحا طويلا من الزمن. قيل لنا أنك قائد عسكري محنك ساهمت بفعالية في حرب الردة عام 1994م وكنت من أبناء اليمن المخلصين الذين حافظوا على وحدته. وقيل لنا أنك عبثت بأملاك الناس فكنت تهب من لا يستحق مما لا تملك، وخاصة في الأراضي. قيل لنا كذلك أنك تسببت في مآسٍ كثيرة لأبناء صعدة وللجيش الذي كنت تتولى قيادته في آن. البعض قال أنك قدمت الكثير في حرب صعدة، والبعض إتهمك بأنك سبب الإخفاق وأنك من ضمن أمراء الحرب الذين يتخذون الحرب نزهة وفرصة لمزيد من الإثراء غير المشروع وإن كان على حساب جماجم الأبرياء. حلفاؤك من الإصلاحيين كانوا يقولون حينها أنك تخوض حربا عبثية في صعدة، وحلفاء آخرون لك اليوم كانوا يعتبرون صدور أوامر من رئيس الجمهورية بوقف المعارك هناك "خيانة عظمى". سمعنا كذلك عن علاقتك ودعمك لتنظيمات إرهابية مشبوهة لا هم لها إلا تخريب الوطن والإساءة إليه وإعاقة تقدمه ونمائه. وسمعنا أشياء أخرى كثيرة عنك، منها جيد ومنها سيء. لكننا برغم ذلك كله، ندرك أن التهم لا توزع جزافا، وأن المتهم يقاد بأدلة للمحاكمة العادلة. وقبل وجود أدلة، وقبل صدور أحكام قضائية باتة لا نتعامل مع إتهامات على أحد في أي طرف كان بجدية. منذ خمسة أشهر تقريبا، كانت لك إطلالة على شاشات التلفزة تعلن فيها إنضمامك إلى "الثورة الشبابية" "السلمية" وكنت قد شددت نبرتك وأنت تقول "السلمية"، على أن ذلك إنحياز لإرادة الشعب كما كنت تعتقد، ورد فعل على المجزرة التي أرتكبت بعد صلاة جمعة 18 مارس 2011م. رغم أن إنشقاقك كان بعد الفاجعة تلك بأقل من 72 ساعة، ولم تكن قد ظهرت نتائج تحقيق بعد توجه أصابع الإتهام إلى طرف ما. والبعض ذهب للقول بأن المجزرة وإنشقاقك وما توالى من بعد ذلك من إنشقاقات وإستقالات بفعل إعلانك ذلك، كان كله مخططا له مسبقا لإجبار رئيس الجمهورية على التنحي والهروب خارج اليمن. ثم سمعنا منك تصريحات فيها إتهامات بجرائم للنظام على أنها تمت في أوقات مختلفة من عهده بالرغم من أنك كنت عمودا وركنا من أركانه حينها ولم تنسلخ منه إلا في 21 مارس 2011م. كل ذلك، سيؤجل الخوض فيه إلى مرحلة قادمة إن قدر لها أن تكون. اليوم، وأنت تبلغ من العمر عتيا، وصرت أقرب إلى الرحيل إلى بين يدي الله تعالى أكثر من أي وقت مضى، يريد الشعب أن يفهم موقفك من مهاجمة معسكراته وجيشه الوطني في أرحب ونهم وأبين ومناطق أخرى، حيث هوجمت تلك المعسكرات خلال الأشهر السابقة ولا تزال تواجه معارك عنيفة تستهدف مقدراتنا نحن الشعب اليمني ككل. في تلك المناطق، لا وجود لساحات إعتصام، ولا أثر لثورة الشباب السلمية. بل أعلنت القبائل والتنظيمات التي هاجمتها أنها فعلت عند بدء مهاجمتها في وسائل الإعلام، أي أن المعارك التي تدور حاليا تقف فيها قوات الشعب مدافعة عن نفسها ضد ذلك الهجوم. الشعب يخاطبك من موقع صاحب الحق، فالفرقة الأولى مدرع وما يتبعها من ألوية ومعسكرات وقوات ومعدات ليست ملكا لك ولا لأبيك، كما هي ليست ملكا لعلي عبد الله صالح ولا لأبيه. أفرادها أبناؤنا وإخواننا وآباؤنا، وتجهيزاتها العسكرية ملك خالص للشعب اليمني وحده دفعنا أثمانها من قوت أولادنا ومن مواردنا. وبما أنك مصر أن تحتفظ تحت يدك بجزء من مقدرات هذا الشعب، فالشعب ينتظر منك موقفا صريحا واضحا حول العدوان الموجه على جيشه الوطني من قبل أفراد وقبائل وتنظيمات لا علاقة لها بالثورة "السلمية"، ولا تهدف للتغير السلمي. وبمعنى أدق، إن كانت هذه المقدرات والإمكانات التي تحت يدك لن تستغل لصالح الشعب اليمني بما يدحر به العدوان عن قواته العسكرية، فالشعب يطالبك بالتنحي الفوري من موقعك وتركه وشأنه ليدير أمره بالشكل الذي يتراءى له ويكفل له مصالحه وسلامة ووحدة الوطن وأراضيه. والله من وراء القصد