تبدو الكويت على عتبة أزمة سياسية كبيرة بسبب فضيحة فساد تشمل عددا كبيرا من النواب، فيما تشن المعارضة حملة قوية لإقصاء رئيس الوزراء ناصر محمد الصباح، حسب ما أفاد محللون ونواب. فقد وحد نواب المعارضة، الليبراليون والقوميون والإسلاميون، صفوفهم بعد اتهامات لنواب موالين للحكومة بقبول مئات ملايين الدولارات كرشى، فيما توجه أصابع الاتهام إلى الحكومة نفسها كمصدر لهذه الأموال. وفتح القضاء تحقيقا يشمل الحسابات المصرفية ل14 نائبا على الأقل من أصل خمسين نائبا في البرلمان، ويبدو أن هذا العدد مرشح للارتفاع. ويزعم النائب المعارض المخضرم أحمد السعدون أن نوابا قد يكونون حصلوا على إيداعات بأكثر من 350 مليون دولار في حساباتهم المصرفية خلال الأسابيع الأخيرة. وينوي نواب معارضون يطالبون بتحقيق شفاف، تقديم طلب لاستجواب رئيس الوزراء. ويعتقد النائب مسلم البراك أن المبالغ التي أودعت في الحسابات المصرفية للنواب تزامنت مع استجوابات لوزراء في مجلس الأمة (البرلمان).
احتمال وتحذير وقال تقرير لمكتب الشال للاستشارات الاقتصادية هذا الأسبوع إنه "في ظل هذه الأجواء الشديدة السخونة فإن الاحتمال الطاغي هو حدوث معارك طاحنة تعطل مصالح البلد في زمن أزمة مالية تسود العالم وأزمة سياسية إقليمية غير مسبوقة". ودعا التقرير إلى تغيير الحكومة ورئيسها "لتجنب معركة حتمية (في البرلمان) قد تمتد إلى الشارع". وقال النائب أحمد السعدون الاثنين "إن القضية تحتاج إلى عمل متواصل حتى سقوط الحكومة وعناصر الفساد التي دمرت البلد". وأضاف "أقسم بالله أن البلد في خطر وانحدار، لقد أصبح النواب المؤيدون لإسقاط رئيس الوزراء أغلبية". وحذر رئيس جمعية الشفافية الكويتية صلاح الغزالي من أن فضيحة الرشى هي جزء صغير من آفة الفساد في الكويت. وقال الغزالي خلال تجمع للمجتمع المدني الاثنين "إن الإيداعات المليونية هي رأس جبل الجليد الظاهر فوق سطح البحر وما خفي فهو أعظم". ويرى مراقبون أن مستويات الفساد ارتفعت في الكويت التي حققت على مدى السنوات ال12 الأخيرة فوائض تراكمية بلغت أكثر من مائتي مليار دولار بفضل ارتفاع أسعار النفط، ومن المتوقع أيضا أن تحقق فائضا كبيرا هذه السنة. وبين 2003 و2009، انخفضت الكويت 31 مرتبة لتصل إلى المرتبة السادسة والستين في مؤشر الشفافية والفساد الذي يوجد مقره ببرلين ويشمل 178 دولة. إلا أن الكويت عادت وارتفعت 12 مرتبة في العام 2010 إلى المرتبة ال54، لكنها بقيت الأخيرة بين دول مجلس التعاون الخليجي.
استبعاد سقوط الحكومة إلا أن المحلل السياسي ناصر العبدلي يرى أن الحملة الحالية التي تقودها المعارضة لن تؤدي إلى سقوط الحكومة أو إقالة رئيسها. وأضاف العبدلي الذي يترأس الجمعية الكويتية لتقدم الديمقراطية (مستقلة) "حتى الآن، لا تملك المعارضة أدلة للربط بين الإيداعات المليونية ورئيس الوزراء أو الحكومة، وحتى ولو استجوبوا رئيس الوزراء، فليس من المتوقع أن ينجحوا في إسقاطه". وبحسب دستور الكويت، فان للأمير وحده صلاحية تعيين أو إقالة رئيس الوزراء. وشهدت الكويت في السنوات الأخيرة سلسلة من الأزمات السياسية المتكررة منذ تسلم ناصر الصباح رئاسة الوزراء في 2006، إذ تم حل البرلمان ثلاث مرات وأجبرت ست حكومات على الاستقالة. وواجهت الحكومة حملة المعارضة بتسريع إقرار سلسلة من القوانين الخاصة بمكافحة الفساد والتي كانت مجمدة منذ أكثر من عقد من الزمن. ووعدت الحكومة بتقديم قانون بشأن الكشف عن الثروة إلى البرلمان، كما وعدت بتشكيل هيئة لمكافحة الفساد. ومن المتوقع أن تصبح مشاريع القوانين هذه جاهزة ليتم التصويت عليها في 25 أكتوبر/تشرين الأول القادم.