الثورة كما نفهمها هي عملية تغيير جذري لما هو قائم وأقامة نموذج جديد مخالف للنموذج القائم أو السابق في كل مجالات الحياة ففي المجال السياسي تعني الثورة تغيير النظام السياسي واقامة نظام سياسي جديد ليس له أي علاقة بالنظام القديم، وفي المجال الاقتصادي هو أحداث نقلة ثورية متقدمة في الوضع الاقتصادي الضعيف او النامي او المتخلف والتابع الى اقتصاد قوي ومنافس ومتنامي، وفي المجال العلمي يعني تشجيع المبدعين والعلماء وابتكاراتهم العلمية التي تحقق قفزة علمية متقدمة تنقل المجتمع من مرحلة الضعف الى مرحلة والقوة والنماء المستمر. واما العملية التي تعني التغيير في الشخوص وفي الأجراءات الاقتصادية فليست بثورة ولا علاقة لها بمفهوم ومعنى الثورة الحقيقي إنما هي عملية اصلاح سياسي واقتصادي ومن الصعب أن يكون هناك تغيير حقيقي في الجانب العلمي وغيرها من المجالات... الجميع يعرف المعنى والمفهوم العلمي للثورة (ومافي داعي) للمغالطة فالعالم قد تغير والكل اصبح يفهم مايدور حواليه من متغيرات ومفاهيم وعلوم وغيرها. إذن لاجدال في المفاهيم والمعاني وانما في الواقع الحالي الذي تمر بها اليمن وثورة الشباب اليمني السلمية التي انطلقت منذُ تسعة أشهر ورفعت شعارات تطالب برحيل الرئيس الى أسقاط النظام الراهن ومحاكمة رموزه. ...الخ، خلال الثورة تداخلت المفاوضات السياسية والوساطات الأقليمية والدولية التي لم تعترف بالثورة ولم تقر بها في مبادراتها التي جاءت بناء على طلب من رئيس النظام وبما يتجاهل الثورة وتحويل الوضع الى أزمة والأزمة تحتاج الى تغيير في شخوص السلطة فجاءت المبادرة الخليجية كمخرج للأزمة وعنوان سياسي اختصرت الوضع بخلاف بين النظام والمعارضة وقد تعرضت المبادرة لأكثر من خمسة تعديلات وقع عليها طرفا الأزمة (نظام ومعارضة) ولم يوقع عليها الرئيس المعني في المبادرة بالتوقيع عليها ومن ثم نقل سلطاته الى نائبه الذي يتوافق عليه جزء من النظام والمعارضة واطراف أقليمية ودولية. .. تعني المبادرة نقل السلطة من الرئيس الى نائبه أي التغيير في إطار النظام نفسه مع موافقة المعارضة التي تقول إنها مع ثورة الشباب وتدعمها في مطالبها ولكنها في نفس الوقت تمارس اللعبة السياسية مع النظام والوسطاء وهي على أستعداد للمشاركة في السلطة الجديدة القديمة برئاسة النائب مادام الرئيس سيتنحى عن السلطة. .. يعني خلافهم وصراعهم هو مع شخص الرئيس وأقاربه وليس مع النظام بأكمله ونرى أن قبولهم بذلك يعود الى كونهم جزء فاعل من النظام الحالي ومعظمهم ساهموا في تثبيته ودعمه وأستفادوا منه سياسياً ومالياً وما أن تقاطعت مصالحهم مع النظام حتى وجدوا ملاذهم في ثورة الشباب السلمية ليكفروا عن افعالهم السابقة ويستغلوا ثورة الشباب في تحقيق مطامعهم السياسية والحزبية والشخصية. .. ونعترف إنه حصل أنشقاق في صفوف النظام (عسكري ومدني) ولكن غالبية المنشقين كانوا معروفين في إنتماءاتهم الحزبية والسياسية وكانوا مشاركين أساسيين في كل سياسات النظام التي يشكوا الشعب اليمني منها. .. المهم أن انشقاقهم عن النظام أجل أو علق من مسألة الحسم الثوري السلمي ودخلت الثورة في متاهات الحوارات الكواليسية ولم تستغل الفعل الثوري كأداة سياسية لأسقاط النظام بل لتغيير الشخوص في مكونات النظام فقط ومن ثم يشاركون في قيادة النظام بعيداً عن الثورة والشباب وللتأكيد على ذلك إنهم شكلوا مجلسا وطنيا انتقاليا (معارضة ومستقلون ومنشقين عن النظام) مستبعدين عن الشباب الثوار وعندما تعرض المجلس للنقد اعلنوا إنهم سيوسعون من عضوية المجلس بعدد 70 عضواً من ساحات التغيير أي من الشباب وكان هذا الأعلان قبل شهرين ولكن من غير فعل حقيقي حتى يومنا هذا وحينها أعتبرت هذا الأعلان مغالطة بشعة ووقحة بحق الثورة والثوار كما أن أعلان المجلس الوطني من دون الشباب يعتبر أختطاف علني لثورة الشباب ومغالطة فاضحة للتاريخ. ..ومن أهم بنود المبادرة : ((نقل السلطة سلمياً من الرئيس الى النائب، اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية خلال فترة زمنية وتعديل دستوري، تشكيل حكومة وحدة وطنية مناصفةً وبرئاسة المعارضة، إعادة بناء المؤسسة العسكرية)). سنتحدث هنا عن تشكيل حكومة وحدة وطنية مناصفةً بين المعارضة والحزب الحاكم يعني ستشكل حكومة الوحدة وسيكون من نصيب الحزب الحاكم 50 ' زائد 10 الى 15 ' من المحسوبين على الحزب الحاكم والمنشقين عنه أي أن نسبة هذا الحزب ستكون 60 الى 65 ' بينما سيكون نصيب المعارضة (تكتل اللقاء المشترك) 30 ' والنسبة الباقية ستكون من نصيب المستقلين والقوى الأخرى القريبة من اللقاء المشترك وبذلك فالشباب لم يدخلوا في حسابات أي من الطرفين بالرغم من إنهم اصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة أو التغيير وإذا تم العمل بالمبادرة الخليجية ووقع عليها الرئيس اليوم أو بعد غد أو بعد كم يوم مع اننا لانتوقع أن يوقع عليها وسيظل يناور ويراوغ عليها وحولها فهذا يعني أن هذه الأطراف هي أس المشكلة والحل معاً. ..نعني بقاءهم وأستمرارهم مشكلة واحسن الحلول والمتوفرة هي رحيلهم وأعتذارهم عدم ممارسة السياسة وترك القيادة لأحزابهم والبلد للشباب من الذين لم تتوسخ أياديهم بالفساد والتدمير والأجرام وغيرها. وقد تتفق اطراف الحكومة على التمديد للفترة الأنتقالية وتأجيل الأنتخابات وبذلك فهم يمددون من عمر النظام بل نقول إنهم أطالوا من عمره الأفتراضي وحكموا بالمؤبد او الأعدام على الشباب وثورتهم وتطلعاتهم وربما يكونوا معاً قد تأمروا على الثورة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ولكن في الأخير إنهم متوافقون على تجاهل مطالب الشباب والقضاء على ثورتهم السلمية. واما حول المؤسسة العسكرية فسوف تتم بالمناصفة بين أطراف الحكومة الجديدة وهذا يعني أن اعادة بناء هذة المؤسسة سيتم بين تيارات النظام المتصارعة وهي نفسها التي ثار الشباب ضدها وضد كل مكونات النظام. .. يعني العملية كلها ينطبق عليها المثل الشعبي القائل: ديمة وقلبنا بابها أو كأنك ياأبو زيد ما غزيت أو جاءت الحزينة تفرح مالاقت لها مطرح. ان ما يدور خلف الكواليس وأحياناً في العلن عيني عينك هو تأمر على الشعب والشباب وثورتهم السلمية وهذا يعني أن الثورة قد أختطفت ونتمنى أن يعمل الثوار على فك أسر الثورة من خاطفيها ويعيدوا ترتيب أوراقهم والحفاظ على مسارها الصحيح كي يتمكنوا من تحقيق كامل أهداف ثورتهم وأهمها بناء دولة مدنية ومن ثم حل كل القضايا التي صنعها النظام ومن ساعدوه من مكونات المعارضة التي ظلت تتراوح في أعمالها مع النظام وتتنظر مكرمات وهبات النظام، وللثوار الشباب نقول لكم إذا لم تعتبروا من ثورتي مصر وتونس وما يحدث لهما فلن تنجحوا في مادتي التاريخ والعلوم السياسية وغيرها. وفي الحقيقة أن المعارضة اليمنية لم تعد صالحة للزمن الجديد كما هو حال النظام ومن دونهما اليمن سيكون أفضل وأحسن كما أن اليمن ليست فقيرة من الرجال ولا من الموارد ويكفي ماتعرضت له اليمن في الماضي من فساد وتفقير وتخلف وغيره. لقد تأخر الحسم من قبل الثورة ولم يسقط النظام بشكل كامل وقد ساعدته عدد من العوامل المحلية والخارجية في البقاء وأهمها أختطاف الثورة (محلياً) واما خارجياً فيتمثل في عدم الأعتراف الخارجي بالثورة والتوجه نحو جعل القضية عملية تغييرية لاتتطلب سواء الحوار بين المعارضة والنظام بل أن هناك قوى محلية سعت لتدويل الأزمة بهدف التحايل على الثورة وتوقف مسالة الحسم الثوري وكسب الكثير من النقاط من حساب النظام وسنلاحظ أن كل الأطراف الأقليمية والدولية غير مرحبة بالثورة كي لايكون انتصارها شرارة قابلة للأنتشار الى دول الجوار وبالتالي تغيير في حساب المصالح الأقليمية والدولية من جهة وتغيير واقع المنطقة من جهة أخرى. كل المعطيات المتوافرة الأن تقول أن الوضع في اليمن سيظل كما هو جو حرب حتى يهزم أحد الطرفين أو يهزمان معاً ونتوق الى هزيمتهما معاً وبأقرب وقت