أجدني شديد الحماس للمقارنة بين شخصية الشهيد الدكتور محمد عبد الملك المتوكل القامة اليمنية الوارفة ظلالها في محبة الوطن والأمة والانسانية وبين الشهيد اللبناني كمال بك جنبلاط الذي اغتيل هو الاخر منتصف سبعينيات القرن المنصرم وكان وقتها يقود الحركةالوطنية اللبنانية ضد سياقات التدخل في شؤن بلده ..وكلا الشهيدين عاشا تحت هاجس الخوف من انزلاق بلديهما في إتون الاقتتال، بل وسعى كل منهما إلى بذل طاقته وجهوده وعلاقاته في كل ما يضمد الجرح ويدعوا إلى الألفةوالمحبة. لقد كان شهيد اليمن الدكتور محمد عبد الملك المتوكل وطنياً حتى العظم، لا يؤمن بالسلالية أو العشائريةوالمناطقية أو حتى أضيق الانتماءات الأسرية ..تماماً كما كان الشهيد كمال جنبلاط الذي رغم موقعه الأول في الطائفة الدرزية إلى أنه كان فوق الطائفة ومع الوطن وضد كل أشكال الاستبداد والعنصرية، لذلك اختارته الحركةالوطنيةاللبنانية زعيم لها. وأحسب أن الشهيد الدكتور محمد عبد الملك المتوكل كان رمزالالتقاءكل اليمنيين ومرجعاً لكل القوى السياسية عند كل اختلاف.. مثلما كما كان صوتاً وسفيراً للفكر المستنير ومنافحا صلباً عن قضايا الأمة والإنسانية فضلا عن حضوره الفاعل والمؤثر في المنتديات والمؤتمرات ذات الصلة بمثل هذه القضايا وعلى وجه الخصوص التي كانت ولاتزال تسعى لإزالة الشوائب التي علقت بالمضمون الحقيقي لرسالة الاسلام.. ويتضح ذلك جلياً في حضوره القيادي داخل المؤتمرات الإسلامية والقومية العربية وغيرها من الفعاليات التي كانت تحذر ومنذ وقت طويل مغبة الوقوع في المستنقع الذي تعيشه الأمه راهنا. وثمة قواسم مشتركه تجمع بين كارزما الشهيدين المتوكل وجنبلاط من حيث فلسفة البساطة في الاقتراب من الناس وإعلاء صوت الحق والاحتكام إلى سلطة النظام والقانون والدفاع عن القيم الحضارية المشتركة ونبذ الفرقة والتعصب، فضلاً عن الانحياز الكامل لكل دعوات الاصطفاف والوحدة والتكامل داخل أقطار الوطن العربي والاسلامي من جهة وكيان الأمة الواحدة من جهة ثانية. وإذا ما تتبع الباحث لبعض مواقف الشهيدين المتوكل وجنبلاط تجاه المشترك من القضايا الكبيرةوالملحة فإنه سيجد كذلك انسجام كل من الشخصيتين مع القيم الحضارية والإنسانية التي يحملانها ويعبران عنها.. ويكفي للتدليل على ذلكالإشارة إلى إنحياز كل منهما إلى قضايا الحق والعدل والحرية ومنها الانتصار لعدالة القضية الفلسطينية وقضايا التحرر في المنطقة. وإذا كنت قد استحضرت المشترك في شخصية كل من الشهيدين اليمنيواللبناني وانحيازهما الكامل لصوت العقل وفلسفة الاقتراب من البسطاء والمنافحة عن قضايا الوطن والأمة فإنني انبه كذلك إلى المناخ والأرضية التي جاء وسطها توقيت استهداف حياة كل من الرجليين مع الفارق الزماني بين ضغط الأصابع على الزناد في الجريمتين التي استهدفت الأولى استقرار لبنان بينما الثانية تخطط لذلك في اليمن، فيمالا يبدوأن بعضنا يستفيد من تجارب الماضي المريرة رغم تشابه دلالاتها ودقة تماثل أوصاف المستهدفين فيها.