هل لا زالت تصرفات فردية؟.. عبدالملك الحوثي يبرر اعتقال الناشطين وتكميم الأفواه ويحذر: مواقع التواصل عالم مفخخ وملغوم    المشروع السعودي "مسام": 84 مدرسة في تعزز تضررت من الألغام الحوثية    نجل القاضي قطران: والدي معتقل وارضنا تتعرض للاعتداء    احتجاز نجم نادي التلال العدني وثلاثة صيادين في معاشيق: نداء عاجل لإطلاق سراح أبناء صيرة المقاومين    الحوثيون يسرقون براءة الأطفال: من أيتام إلى مقاتلين    شاهد: "المشاط يزعم أن اليمن خالٍ من طبقة الأوزون والاحتباس الحراري ويثير سخرية واسعة    "دموع العروس تروي حكاية ظلم": ضابط حوثي يقتل شاباً قبل زفافه!    ذئب مفترس يهجم على شبان سعوديين داخل استراحة.. وهكذا تمكنوا من هزيمته "فيديو"    منارة أمل: إنجازات تضيء سماء الساحل الغربي بقيادة طارق صالح.    مأساة في عدن: فتاة تنهي حياتها قفزًا بعد تراجع معدلاتها الدراسية    العطس... فُرصة للتخلص من السموم... واحذروا كتمه!    بنك اليمن الدولي يرد على شائعات افلاسه ويبرر وقف السحب بالتنسيق مع المركزي .. مالذي يحصل في صنعاء..؟    بنك مركزي يوقف اكثر من 7شركات صرافة اقرا لماذا؟    وزارة الحج والعمرة: إيقاف تصاريح العمرة ومنع دخول مكة لحاملي تأشيرات الزيارة    الحكومة تطالب دول العالم أن تحذو حذو أستراليا بإدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب    دياز يعبر عن تطلعاته للفوز بلقب كأس الاتحاد الإنكليزي    الهلال الأحمر اليمني يُساهم في توفير المياه الصالحة للشرب لمنطقة عبر لسلوم بتبن بدعم من اللجنة الدولية ICRC    - بالصور لقاء حماس وحزب الله وانصارالله في ايران كمحور مقاومة فمن يمثلهم وماذا دار؟    إقالة تشافي والتعاقد مع فليك.. كواليس غضب لابورتا من قائد برشلونة السابق    "القسام" تواصل عملياتها برفح وجباليا وجيش الاحتلال يعترف بخسائر جديدة    مصادر: مليشيات الحوثي تتلاعب بنتائج طلاب جامعة إب وتمنح الدرجات العالية للعناصر التابعة لها    بعثة المنتخب الوطني الأول تحتفي بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    بسبب مطالبته بدفع الأجرة.. قيادي حوثي يقتل سائق "باص" بدم بارد في ذمار    سنتكوم تعلن تدمير أربع مسيّرات في مناطق سيطرة الحوثيين مميز    نايف البكري يدشن صرف البطاقة الشخصية الذكية لموظفي وزارة الشباب والرياضة    المحكمة حسمت أمرها.. حكم بتنفيذ عقوبة ''القذف'' ضد فنانة مصرية شهيرة    ماذا قال السامعي و الكبوس والكميم ووزير الشباب    ليفاندوفسكي يفشل في إنعاش خزائن بايرن ميونيخ    نادي جديد ينضم لسباق التعاقد مع اراوخو    رسميا.. برشلونة يتواجد بالتصنيف الأول في قرعة دوري أبطال أوروبا    وزير الأوقاف يحذر ميليشيا الحوثي الارهابية من تسييس الحج والسطو على أموال الحجاج    الجيش الوطني يعلن إسقاط مسيّرة تابعة للمليشيات الإرهابية بمحافظة الجوف    منع إقامة عرس جماعي في عمران لمخالفته تعليمات حوثية    الحوثيون يقيلوا موظفي المنافذ ويجرونهم للسجون بعد رفضهم السماح بدخول المبيدات المحظورة    الهلال يُشارك جمهوره فرحة التتويج بلقب الدوري في احتفالية استثنائية!    قيادي انتقالي: تجربة الوحدة بين الجنوب واليمن نكبة حقيقية لشعب الجنوب    شاب سعودي طلب من عامل يمني تقليد محمد عبده وكاظم.. وحينما سمع صوته وأداءه كانت الصدمة! (فيديو)    سموم الحوثيين تقتل براءة الطفولة: 200 طفل ضحايا تشوه خلقي    السفارة اليمنية في الأردن تحتفل بعيد الوحدة    تغاريد حرة .. الفساد لا يمزح    للوحدويين.. صنعاء صارت كهنوتية    الهجري يتلقى التعازي في وفاة والده من محافظي محافظات    اليابان تسجل عجزاً تجارياً بلغ 3 مليارات دولار    ورحل نجم آخر من أسرة شيخنا العمراني    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة الجديدة: الاقتصاد والدستور

تتعرض اليمن منذ ثلاث سنوات لحملة نهب منظمة لدور الدولة وتدمير ما تبقى من بنيتها الاجتماعية والسياسية والإدارية، وشارك الكل بحسب قدراتهم في اللهث وراء اقتسام ما توهموا أنه تركة نظام رحل وتصوروا أن وجوده قد انتهى أو تقلص داخل هياكل المؤسسات القائمة، وساهم في خلق هذا السراب اندفاع، من دون تردد ولا كلل، من المجتمع الدولي لتأييد النظام الجديد وإغراقه بالوعود التي انتهت إلى كلمات لا تشبع جائعا ولا تعالج مريضا.. كتبت على هذه الصفحة قبل أكثر من عام أن الرئيس هادي لن ينجح، إلا إذا استمر المجتمع الدولي ومجلس التعاون متعاونين لإنجاح التحولات التي يتمناها اليمنيون، ولكن الأمر للأسف لم يكن كذلك فتوارى دور المجلس وضعف تأثيره على الأحداث، مما أتاح الفرصة لإخراج دوله من دائرة التأثير الذي هو - حكما - ليس شأنا داخليا يمنيا صرفا، بل تتعدى تبعات تدهور الأوضاع فيه إلى خارج حدوده وإلى جعله ساحة صراع إقليمي لا يستفيد منها، بل على العكس سيدفع فاتورته منفردا، وسيبقى مثخنا بجراح هذه المعارك دون أن يكون له فيها ناقة ولا جمل.
بعد أيام، سيكون على الحكومة الجديدة تقديم برنامج عملها إلى مجلس النواب، ومن المؤكد أنها ستحصل على ثقته، إذ لن يكون مقبولا ولا معقولا حجبها، مما يؤدي إلى استمرار الدوران في حلقة مفرغة نتيجة جشع الساسة والأحزاب، الذين تناسوا الهم الوطني وأفرغوا طاقاتهم في أتون حرب شعواء على المواقع والمناصب، وهنا لا بد من أن يدرك الجميع أن الحكومة التي يرأسها خالد بحاح منوط بها مهمتان رئيسيتان، تتقدمان قائمة الأولويات: تدوير عجلة الاقتصاد والإعداد لمناقشة مسودة الدستور الجديد ثم الاستفتاء عليه.
ترتبط المهمتان بمسألة بدء استعادة ثقة الشارع الداخلي أولا بمؤسسات الدولة رغم ضعفها، لكنها تظل ملجأ لكل الذين لا قدرة عندهم للحصول على حقوقهم بقوة السلاح، وتبقى ملاذا للمؤمنين بأن الدولة وحدها هي صاحبة الحق المطلق في حماية المواطنين وتأمين معيشتهم.. وما من شك في أن بدء استعادة عافية الاقتصاد مرتبط عضويا بوجود المؤسسات الرسمية وأدائها مهامها كاملة دون انتقاص، ولكن الواقع المعيش منذ 21 سبتمبر/ أيلول (حين سيطرت عناصر «أنصار الله» على العاصمة) يبرهن على أن المهمة عسيرة، لأن الموجودين على الأرض بسلاحهم صاروا يمارسون دورا عبثيا يحبط كل أمل لدى المتمسكين بأذيال ما تبقى من الدولة، ومن السذاجة أن تتصور وتضع وتصنع قيادات (أنصار الله) نفسها بديلا عن الدولة، وليس من الحصافة الحديث عن ضرورة وجودهم حتى تستعيد المؤسسات عافيتها، لأنه لو كان الأمر صحيحا - جدلا - في العاصمة، فما هو مبرر هذا التوسع خارجها.. كيف يمكن تفسير ما حدث في إب، وما يحدث من تهديد مستمر على أبواب تعز وتعريض سكانها لقلق وخوف من القادمين المدججين بالسلاح فقط دون أن يستطيعوا إقناع أحد بأهدافهم، بل إن صورتهم التي بثوها عن مظلوميتهم تحولت بسرعة إلى نماذج مزعجة من التعسف والقهر والانتقام ضد كل مختلف معهم، وصاروا يلاحقون ويتابعون ويحصون أنفاس كل مخالفيهم، وإذا كان هذا يحدث وهم ما زالوا في طور النشأة والتحول إلى فعل سياسي، فمن حقنا أن نتساءل عن نياتهم المستقبلية تجاه الوطن بأكمله.
النقطة الثانية من مهام الحكومة ستكون إنزال الدستور للنقاش العام ثم عرض مسودته النهائية على المواطنين، وبعدها يمكن الحديث عن انتخابات وتشكيلات لهيئات الدولة بموجب بنوده، التي كنت أتمنى أن يجري تداولها في العلن حتى تخرج بصيغة توافقية هي جوهر العقد الاجتماعي لأي نظام سياسي، ولكن ما دام الأمر قد جرى على غير ذلك، فمن غير المعقول أيضا أن تتم بعد ذلك عملية سلق سريعة للنقاش حوله، وتلك لن تكون مسؤولية واقعة على اللجنة التي أنيط بها العمل؛ فهي تؤدي عملا فنيا بحتا ولا تتحمل تأخير إنجازه ولا ما يحدث بعد إنجازه.
سيشكل بدء التعاطي مع هاتين القضيتين نقطة الانطلاق الحقيقي نحو بدء بناء دولة مدنية حديثة تكفل حقوق المواطنين وتفرض عليهم الواجبات القانونية، وإذا ما تمكنت الحكومة من تحقيق هذا الإنجاز فلا بد أن ينعكس هذا على المناخ العام والاستعادة التدريجية للوئام الاجتماعي الذي افتقده اليمنيون تحت أصوات المدافع ونزيف الدماء، ورغم سهولة الحديث في هذا المضمار فإن الجهد لإنجازهما لا بد أن يكون جمعيا وأن يتوقف الجميع عن ممارسة أدوار مربكة تعرقل كل خطوة بسيطة نحو الاستقرار، ولعل الرئيس السابق علي عبد الله صالح هو أكثر من يواجه هذه التهمة، التي يستطيع أن يدفعها بالتعامل الإيجابي مع الأوضاع الراهنة، وما الغضب الذي يواجهه داخليا وخارجيا إلا إشارة يجب عليه التقاطها بما عرف عنه من الحنكة والذكاء.. لقد قلت في مقابلة تلفزيونية قبل عامين إنني وكثيرين نتمنى على الرئيس السابق الركون إلى الهدوء، واستعادة تاريخه بما فيه من إيجابيات وسلبيات، وأكدت حينها أن بقاءه في دائرة الأضواء سيمثل إرباكا للمشهد، وهاهو اليوم يتعرض لحملة، لست في موضع الدفاع عنها ولا تأكيد معطياتها، ولكني في الوقت نفسه لا أتصور أن يمنيا واحدا يرغب أو يدفع لرؤية يمني آخر ونفيه تحت ذريعة أن وطنه لم يعد يتسع له.. لنتذكر أنه في عام 1968 تعرض والدي وأخي - رحمهما الله - إلى نزع الجنسية عنهما، لأنهما كان يقفان معارضين لنزيف الدماء اليمنية بأيد يمنية وسلاح خارجي.
اليمن اليوم يقف وحيدا - إلا من بيانات التأييد الكثيرة – ومسؤولية استعادة عافيته منوطة بأبنائه، وهذا يستدعي من الذين يستطيعون الفعل على الأرض أن يبتعدوا عن احتكار الوطن واحتكار الحقيقة، وعليهم أن يفهموا أن ما تواجهه البلاد لن يكون بمقدور السلاح فقط أن يحسم قضاياه، وفي واقع الحال فإن القوة قد تغري، ولكنها تغوي إذا كان حاملها لا يستشرف المخاطر التي ستجعله أول من يكتوي بنارها، وإذا كان من عمل إيجابي يلتف حوله اليمنيون فيجب أن يكون السعي لإيقاف إعادة إنتاج سلطة الفرد، وأن يصروا على أن لا قداسة لأحد سوى الله ورسله، ونحن اليوم نرى أن محاولات تجري من كل الأطراف لتحويل اليمن إلى ساحة ينفرد بتسيير أمورها من يحمل السلاح أو يمتلك المال، وفي الحالين فإن الفكر والعقل وإعمالهما في حياة الناس سيغيبان وسيبقى الوطن أسير الأهواء الشخصية والنزاعات المتخلفة التي بحث صانعوها عن مواقع لهم ولو على حساب الدماء البريئة.. هنا، يقف الرئيس هادي أمام سدود منيعة، لن يتخطاها إلا بالعمل مع الجميع من أجل الجميع، وإذا سعى وأفلح فحينها سيكون صنع لليمن وله شخصيا تاريخا مغايرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.