سقط الوطن في فخ مؤامرة قذرة حاكت خيوطها أطراف عدة داخلية وخارجية، وقد عجزت الحكمة اليمانية التي نتباهى بها طوال أربعة أشهر عن إثبات جدارتها في إنقاذ الوطن والحيلولة دون وقوعه في مستنقع هذه المؤامرة التي دبرت بليل!! نعم فشل حكماء اليمن من مشائخ وعلماء وقادة سياسيين في تخليص وطنهم وشعبهم ولم تستطع حكمتهم حل أزمة لم تكن مستحيلة إذا ماتوافرت الإرادة والنية الصادقة.. وقبل أن نجد أنفسنا حطباً لصراع دموي وحرب أهلية مدمرة تستنزف ماتبقى من مقدرات الوطن وتثخنه بالجراح. نعم أخفقت الحكمة اليمانية، كما أجهضت مبادرة الأشقاء الخليجيين على بعد خطوات من نجاحها لرفض أحزاب اللقاء المشترك الحضور لتوقيع المبادرة مع رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري.. وحدث ماكان يخشاه ويحذره كل مواطن يمني. إنها الحرب بكل ماتحمله من ويلات ومآسٍ.. حرب ماكانت لتحدث لو أدرك المتمترسون خلف مطالبهم المتمسكون بآرائهم حد التعصب، وعلم المنادون بالعنف وخطباء الفتنة أنهم يسوقون الوطن إلى الهاوية، وماكانت لتحدث لو وعى المتخاصمون أن هذه الأزمة ماهي إلا برميل بارود سرعان مايشتعل ليحترق الجميع ويحرقون الوطن والشعب. واليوم وبعد أن تبدل الوضع وتحولت الأزمة السياسية إلى صدام مسلح بين أبناء الوطن الواحد وبعد أن أجلت مبادرات السلام والتسوية والحوار وأطلق العنان لتتكلم قذائف ال آر بي جي وصواريخ لو والرشاشات الخفيفة والمتوسطة بأعلى الصوت، وبات دوي القذائف وأزيز الرصاص هو لغة التفاهم والحوار لحل الأزمة، بغض النظر عن النتائج المترتبة على هذا الخيار المفعم برائحة البارود والدخان والمصبوغ بلون دم الضحايا من اليمنيين، وتحول حي الحصبة بأمانة العاصمة إلى ساحة حرب حقيقية استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة التي طالت منازل المواطنين واختطفت أرواحهم وأدمت أجسادهم.. أطفال ونساء يستصرخون خوفاً وهلعاً لهول مايتعرضون له على يد المسلحين الموالين لأبناء الأحمر، فماذنب هؤلاء المواطنين الذين ساقهم قدرهم للسكن في هذا الحي جوار منزل الشيخ الأحمر وجوار عدد من المؤسسات الحكومية، أهمها وزارة الداخلية المسؤولة عن أمن المواطن وحمايته. فهل يجد صراخ الأطفال وعويل النساء في حي الحصبة وماجاوره آذاناً صاغية وقلوباً رحيمة من قبل هؤلاء المتعطشين لسفك الدماء؟.. ولاعذر للدولة إن هي أخفقت في حماية رعاياها والدفاع عن مؤسساتها، ولاعذر للدولة إن هي عجزت عن فرض هيبتها وسيادتها في عقر دارها وعاصمة حكمها ومركز سلطانها بغض النظر عن المبررات التي يسوقها مصدرها المسؤول، لأن أمن المواطن واستقراره وحماية المؤسسات العامة والخاصة من أهم وأقدس واجبات الدولة ومن صميم مسؤولياتها ومن أبرز دعائم وجودها, وأي دولة تعجز عن القيام بهذه المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقها فلا معنى أبداً لوجودها ولايجوز الحديث عن شيء اسمه دولة وهو مايدفعنا كمواطنين لنتساءل: لمن الغلبة اليوم.. لدعاة السلام أم لمسعري الحرب ومثيري الفتنة؟ لمن الغلبة اليوم.. للدولة التي تسعى لاستعادة هيبتها وسط نفوذها وفرض قانونها ونظامها وتأكيد شرعيتها ودستوريتها؟ أم للقبيلة المتمردة على النظام والقانون والخاضعة لهيمنة مشائخها الطامحين للسيطرة على مؤسسات الدولة والاستيلاء على مراكز سلطاتها والإطاحة بنظامها؟؟ وهل ستبقى الحكمة اليمانية غائبة وعاجزة عن تطويق نار الحرب المستعرة ومنع امتدادها لأماكن أخرى من الوطن؟؟ وهل أصبح الأمن والاستقرار والسلام الدائم للمواطن اليمني أو بالأصح للرعوي اليمني حلماً بعيد المنال؟؟ ولاأملك هنا إلا أن أدعو الله أن يحفظ الوطن وأهله من كل مكروه.. إنه لطيف عليم.