الذين يحاولون إعاقة ممارسة الدولة لاختصاصاتها ومسؤولياتها وواجباتها الدستورية والقانونية في حفظ الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي ودرء الأخطار عن الوطن وصيانة دماء وأعراض أبنائه إنما يريدون بذلك إسقاط اليمن في مستنقع الفتنة والفوضى العارمة والزج به في نفق مظلم يصعب الخروج منه دون ثمن باهظ وتضحيات غزيرة وشلال من الدماء النازفة ودمار وخراب من غير الممكن تعويضه بسهولة. وأمام هذا المخطط الذي حُيكت خيوطه من قبل أحزاب اللقاء المشترك وحلفائها من العناصر الانقلابية والمتمردة والخارجة على النظام والقانون، فإن الدولة وبحكم الدستور معنية بالاضطلاع بدورها تجاه مواطنيها في وقف كل التجاوزات والانتهاكات والخروقات والتصدي لأصحابها من مشعلي الحروب والفتن الذين لاشك وأنهم قد أوغلوا في الإضرار بالوطن وأبنائه ولم يكتفوا بقطع الكهرباء والطرقات والشوارع وترويع المواطنين وحرمانهم من نعمة الأمن والأمان، بل عمدوا إلى توسيع أذاهم من خلال استهداف الأحياء السكنية بالعاصمة صنعاء ومدينة تعز وغيرهما بشكل عشوائي مما أدى إلى إزهاق أرواح العديد من الأبرياء أطفالاً ونساءً وشيوخاً دون أي ذنب اقترفوه، حيث داهمتهم قذائف الهاون وصواريخ "لو" إلى داخل غرفهم، ليسقط من يسقط شهيداً أو جريحاً في حرب عبثية تحركها نوازع انتقامية عشعشت في دواخل أصحابها الأحقاد والضغائن والكراهية. صحيح أن جهاز الدولة قد تمكن - من خلال الصبر وتحمل عناء الاستفزازات- من إسقاط الكثير من المراهنات وتجنيبه وشعبه ويلات مخطط دام وكارثة حقيقية دُبِرَتْ سيناريوهاتها بليل، ومع ذلك فإن للصبر حدوداً، ولا ينبغي أن يُستغل هذا التعقل والصبر والأناة من قبل بعض أصحاب النفوس المريضة في التنكيل بالمواطنين وتشريدهم من منازلهم ونهب ممتلكاتهم وسفك دمائهم والاعتداء على حقهم في العيش الآمن والحياة الكريمة. فالواقع أنه وكلما وجد أولئك الانقلابيون والمتمردون والمتاجرون بقضايا الوطن أجهزة الدولة أكثر حرصاً على تجنب أية مواجهة تفضي إلى المساس بحياة المواطنين تمادى هؤلاء أكثر في غيهم وعمدوا إلى المزيد من التصلب والاستكبار والاستعلاء وإلحاق الأذى بالوطن وأبنائه. ونعتقد أنه قد بات من الضروري أن تتعامل أجهزة الدولة مع تلك الخروقات والانتهاكات والتجاوزات الصارخة بحزم وقوة، حتى يعلم كل مارق أو عابث أن الدماء التي سالت والأرواح التي أُزهقت لن تذهب هباءً، بل لابد من الاقتصاص لها من كل الأيادي التي تلوثت بدماء الأبرياء عاجلاً أم آجلاً، ولابد من أن تطال يد القانون كل من أجرم بحق هذا الوطن وحق أبنائه، خاصة وأن أفعال هؤلاء تدل على أنهم صاروا في عداء سافر مع هذا الوطن الذي منحهم الحرية والمكانة والحق في التعبير عن أنفسهم بكل وضوح وشفافية وبادلوه ذلك بالعقوق والجحود والعصيان وافتعال الأزمة الراهنة التي ما كان لها أن تحدث لو أدرك أولئك المتمترسون وراء أوهامهم أنهم بدون الوطن الذي يسوقونه نحو الهاوية لا يساوون شيئاً، وأن الإنسان كبير بوطنه وليس بما يملكه من الأرصدة المالية والمؤسسات والشركات والعقارات، كما أن الشعب الذي يزيدون كل يوم من معاناته هو شعب كريمٌ وعفوٌ، إلاًّ أنه يرفض أن تنال منه حماقة الطائشين والمغامرين والمقامرين وتجار الحروب، وأن تمس ثوابته والقيم التي تربى عليها، وبإمكان أولئك الحمقى أن يتعظوا من دروس التاريخ وعبره ففيها عظات تفهم كل من لا يريد أن يفهم أن للصبر حدوداً.