في برلمان عربي وقف نائب وقال بالصوت "الحياني" الوزير الفلاني غارق في الفساد وأخذ يعدد مظاهر الفساد. • تلفت زملاؤه البرلمانيون يميناً ويساراً وإلى تحت حيث النعال، وفوق حيث قبة البرلمان وكأنهم فقدوا تلفوناتهم أو طارت قباعاتهم.. ارتعش رئيس البرلمان وتعرّق مع أن الدنيا شتاء والزمهرير على أشده وأغلق باب النقاش بالقول: على الوزير أن يحضر ليدافع عن نفسه.. وبعد مطالبات ومعاينات واستيضاحات واستقراءات وصلوا هناك إلى أن الوزير لم يغرق في الفساد وأن الفاسدين هم الذين تحته.. وقيل بأن الحكاية تكررت مع وزراء آخرين، فالوزير دائماً غير فاسد وإنما موظفون تابعون له. • المدهش أن من حضر من الوزراء للرد -كما قادني فضولي في المتابعة- قال في رده على الاستجواب: وكيف لي وأنا الوزير الفقير إلى الله تعالى أن أعرف كل مايدور في الوزارة.. وتابع: هذه مجرد أخطاء وهي دليل على أننا نعمل ولو كنا لا نعمل كيف سيأتي الخطأ. • شوفوا النباهة والحذلقة، وشوفوا كيف يكون الابتلاء على الشعوب بمسئولين يفسدون فيجدون من يبرر لهم بأنهم ليسوا على كل شيء قادرين وبأنهم بشر والبشر يخطئ، وينسى كون الوزير مسئولاً عن كل مايدور تحت قيادته شأن من اختاره وأن كلاًّ منهما يستحق الرحيل. • وفي اليمن ما أكثر استخدامنا للتبريرات التي تقول: المدير العام أو رئيس المصلحة محترم بس الذين حوله،والوزير جيد لولا الذين حوله، والرئيس ولا أروع ولكن الذين حوله. • والمعروف في الدنيا كلها أن اصطدام قطارين خارجين عن القضبان أو غرق عبارة في المحيط أو تسمم طالبات يمكن أن يطيح بالوزير بل ورئيس الحكومة مع أن كليهما لم يكن قائداً للقطار أو الباخرة وهو في حالة انتشاء زائدة جعلته خارج التغطية. • وفي بلادنا أعداد من مسئولين يرشحون فاسدين صغاراً يتولون اللصوصية بالنيابة عن الوزير أو رئيس المصلحة أو المؤسسة من الذين يمتلكون أنف فأر وعين صقر، سواء في العبث بالمال العام لمصالح شخصية أو في القدرة على التخريج والتبرير الذي يخلي العهدة في يومين وبدون معلم. • ثمة من يتظاهر بالشرف مرشحاً لآخرين يتولون السرقة بالنيابة عنه وسط غياب للسؤال كيف للمسئول أن يكون نزيهاً إذا رعى الفاسدين أو حتى لم يهتم بفساد من حوله؟!