لا تحاول إيران إقناعنا أنها تتحدث في المرحلة الراهنة من موقع قوة، وكأن التأنيب الذي وجهته الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يعنيها، أو أن العقوبات المفترض أن يأخذها مجلس الأمن الدولي بحقها، لا تزيد من أزمتها في الداخل والخارج. ما خرج به المسؤولون الإيرانيون في اليومين الماضيين، إن لجهة الإعلان عن بناء عشر منشآت جديدة للتخصيب، أو إنتاج الوقود النووي محلياً، ودعوة البرلمان للحكومة لتقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ثم خروج رئيس البرلمان علي لاريجاني أمس ليؤكد الانفتاح على الدبلوماسية، كل هذا يؤشر إلى المأزق الذي تعيشه إيران في علاقاتها مع العالم، وخاصة مع من ادعى صداقتها. فمحطة بوشهر التي كان مقرراً الانتهاء من العمل فيها في سنوات سابقة، لا تزال موسكو تماطل في تركيبها، حتى إن صواريخ "إس 300" التي اشترتها من روسيا لم تقدم موسكو على تسليمها، وهي من وجهة نظر طهران ستشكل مظلة الحماية للمنشآت النووية إذا ما حاولت إسرائيل المغامرة في قصفها. هذه العزلة التي تعيشها إيران رغم صداقتها مع سوريا وبعض المنظمات العربية المسلحة وصداقات في أمريكا اللاتينية تشكل فرصة للآخرين في المنطقة (أي العرب) لسحب البساط من تحت أقدام طهران والعودة إلى أخذ زمام المبادرة في تفعيل القضايا العربية المطروحة، وخاصة ما يخص المسألة الفلسطينية وقضية السلام في الشرق الأوسط، وخاصة تفعيل مبادرة السلام العربية بما يحرج الأطراف المعارضة لهذه المبادرة وبالأخص إسرائيل، ويبعد إيران عن المتاجرة بها.