أتذكر جيداً اليوم الأول لدراستي اللغة الإنجليزية حينما شاهدت الأستاذ جويل شيرم، رئيس قسم اللغة الإنجليزية في المعهد السويدي بتعز، حيث التقى بالطلاب المستجدين ليلقي على مسامعهم محاضرة مقتضبة عن المعهد وخططه التعليمية وكيفية الدراسة فيه للعام 2012م . وبالرغم من حبي للغة العربية وحصولي على الدرجة النهائية بالثانوية العامة إلا أنني في حقيقة الأمر أعجبت بلباقة الأستاذ الشاب (جول شيرم) عندما تحدث بلغة عربية فصحى (بلكنة جميلة) لأنه كان حريصًا على انتقاء مفردات توصله إلى جمل ترسم له المقصود بسلاسة يعجز أهل لغتنا العربية عن التحدث بمثلها طلاقة ولباقة. ولا أنكر أنني حاولت جهدي لتتبع أخطاء لغوية (نحوية بالتحديد) على الرجل لكن محاولاتي باءت بالفشل الذريع لأن حبه للغتنا العربية (كما أوضح لنا) ربما كان شفيعاً له من اللحن. وحفاظه على سلامة محاضرته من الأخطاء كانت إيماءة منه لتحفيزنا على تعلم الإنجليزية - بمثابرة وإخلاص - أسوةً بتعلمه للعربية. وهذا ما ذكرني بفعاليات منتدى اليافعين العرب الذي عقد في الجمهورية العربية السورية الذي شاركت فيه كرابع أربعة ممثلين لليمن في مناقشة الخطة العربية الثانية لليافعين في يوليو 2010م، حيث فوجئت بموئل اللغة العربية وبسيفيات المتنبي تترنح أمام الإنجليزية والفرنسية كلغتين شبه أساسيتين للمشاركين يكون للمتسلح بمفردات عربية مثلي يحتاج لمترجم لا محالة!!, وحمدت الله أن المتنبي قد مات وإلا لاحتاج إلى تعلم الإنجليزية أو الفرنسية ليكسب ود سيف الدولة الحمداني!! وإذا ما قلت للقراء الكرام: إن (جويل شيرم) يحب اليمن أكثر ممن يحملون اسمها على بطاقاتهم فلا تستغربون.فحينما يتحدث عن اليمن تحس أن في كلامه صدقاً واعتزازاً بهذا البلد وتراثه. فمن خلاله تحب اليمن وكأنه يروّج لها سياحياً.
حينها تشعر أن الشاب الثلاثيني العمر يدخل إلى القلب دون أي جهد يذكر. يقول: أنا معجب باليمنيين وباليمن لأنهم محافظون أخلاقيًا، وأن اليمن بلد ملتزمة بالكثير من عاداتها وتقاليدها الرائعة التي تميزها عن سائر بلدان العالم وهذه سمة جميلة تنبعث من حضارة موروثة لابد للجيل القادم أن يرفع رايتها. أحب ( جويل شيرم) اليمن حتى الثمالة. وصرح لنا بأنه ينوي إحضار زوجته من الولاياتالمتحدةالأمريكية بغية الاستقرار في اليمن ولكن البعض من أبناء اليمن العاقين والعاصين والخارجين عن القانون كافؤوه نكراناً وجحوداً بقتله في تعز وفي وضح النهار برصاصات سبع قاتلة أفقدته القدرة على الحب للأبد؛ اخترقت جسده وأردته قتيلاً على ثرى تربة أحبها وتمنى أن يكمل بقية عمره مع رفيقة دربه ليبرر لها بعده عنها وأنه اختار لهما عشا آمنا ودافئاً يستأنفان فيه سوياً الحب والعشق لليمن. وليظهر لنا أنصار الشريعة بكل صفاقة يعلنون مسئوليتهم عن قتل (جويل شيرم) وليدخل المسلحَين الإثنين اللذين قتلاه وهما يمتطيان صهوة دراجتهما النارية إلى قائمة القتلة الذين يمنون أنفسهم بتقسيم اليمن إلى ولايات إسلامية كما يزعمون. فإذا كانت مصر قد افتقدت البابا شنودة يوم السبت فإن اليمن قد افتقدت محبها الأمريكي ( جويل شيرم) يوم الأحد. ولا نامت أعين الجبناء. [email protected]