أظن أن حرباً عسكرية مباشرة بين إيران والسعودية، بأبنائهما وعلى أراضيهما، ستكون أسرع حسماً، وأقل كلفةً على دول المنطقة، من حربهما غير المباشرة بأبناء الجيران، وعلى أراضي الآخرين!. منذ عقود، وصراعات المحاور الإقليمية بقيادة هاتين الدولتين، تتجلى في اليمن، ولبنان والعراق أيضاً، وسوريا مؤخراً.. على شكل انقسامات شعبية ذات أبعاد سياسية وطائفية وتداعيات مسلحة دموية، على حساب وحدة وسيادة وأمن واستقرار هذه الدول. العداء بين وكلاء إيران ووكلاء السعودية في اليمن، أكثر حرارةً وفتكاً من العداء بين إيران والسعودية، وعلى أساس العداوات بالوكالة هذه تُصنّف أيٌ من السعودية أو إيران، أو كلاهما في الوعي الشعبي كعدوٍ وجودي أزلي أبدي لليمن. لا عداوة أو صداقة دائمة في السياسة، فحتى "العدو الإسرائيلي" يمكن تطبيع العلاقات السياسية والثقافية معه في حال التوصل إلى تسويات عادلة وكان التطبيع قراراً فلسطينيا باركه المجتمع العربي والدولي. من حق إيران والسعودية وحتى جيبوتي وموزنبيق .. أن تكون لها أطماع وأجندات سياسية في اليمن؛ اليمن رقم مهم في معادلات كثيرة، ويمكن من خلاله التأثير على اللعبة الإقليمية والدولية.. لكن، وهو الأصل، من حق اليمن أن تكون لاعباً، لا ملعوباً به في هذه اللعبة، تستحق اليمن أن تكون لنفسها ولأبنائها أولاً، ولسلام واستقرار المنطقة والعالم ثانياً. تستحق هذه الدولة المسالمة بالتبعية والمحاربة بالتبعية أن تكون لها علاقاتها الخارجية المحترمة والمعبرة عن شخصيتها وسيادتها، وبما يخدم، وفق المصالح المشتركة، مقومات وجوانب التنمية والتحديث. السياسة فن إدارة المصالح، وعندما تكون مصلحة اليمن فوق كل اعتبار، سيتضح أن مصلحة اليمن هي في إقامة علاقات صداقة ندية، مع كل دول العالم، على رأسها إيران والسعودية ودول الخليج.