بات واضحاً من جريمة الانقلاب المدانة محلياً وإقليمياً ودولياً، واقتحام ونهب القصر الرئاسي الذي قامت به جماعة الحوثي على السلطة الشرعية، والتي أدت الى تقديم الاخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية والمهندس خالد محفوظ بحاح رئيس الوزراء استقالتيهما من منصبيهما، وما سبق ذلك من جرائم ارهابية ارتكبتها تلك المليشيات المسلحة، أثناء وبعد تنفيذ الانقلاب كالاختطاف ومحاصرة الوزراء الجنوبيين في صنعاء، لتحقيق مكاسب وأهداف سياسية غير مشروعة للاستيلاء على السلطة بالقوة، وتكشف عن كيفية تنفيذ مخططاتها بأدوات وجرائم إرهابية محرمة دينياً ومجتمعياً، محلياً ودولياً، وتميط اللثام عن وجهها الحقيقي ، وتفضح مدى خطورتها على المجتمع ودول الإقليم مستقبلاً. أن الانقلاب، وما سبقه من نكوص بتعهداتها، وأعمال مسلحة لفرض أمر الواقع للاستيلاء على السلطة منذ الوحدة، هي سلوك وممارسات مشتركة تفضح الموقف الرافض لهذه الجماعة وغيرها من القوى في شمال شمال اليمن، لأي تحول سياسي قد يفضي إلى ( تأسيس وبناء دولة حديثة)، وتأكداً على استحالة التعاطي مع أية جهود تنصب في هذا الاتجاه، وهو ما ذهبنا لتوصيفه في تناولات سابقة بأنه السبب الرئيسي لفشل الوحدة اليمنية. وبالنظر إلى نتائجه فأنها تثبت مجدداً أن نجاح أي شكل للوحدة اليمنية (اندماجية أو فيدرالية) هو مرهون بتأسيس دولة مدنية حديثة ضامنة لاستمرارها، وهو المشروع الذي لا يمكن أن يتجاوز مساحات الحُلم والتفكير به، ورفعه كشعار فقط عند تلك القوى التقليدية والتكتلات العصبوية والمذهبية في بعض مناطق (الشمال) التي لا تزال ترى أن الانتقال لتحقيقه على الواقع يعني المساس بمصالحها ، لتعارضه مع معتقداتها الدينية والمذهبية بان السلطة حقا إلهيا مقدسا محصورًا بها دون غيرها.. حتى وأن ناوروت سياسياً من منطلق الإبقاء على وجود دولة شكلية في وضع هش ومستوى تكون فيه قدرتها في التأثير السياسي والاجتماعي والاقتصادي على المواطن أقل من مستوى التأثير المذهبي والسيطرة عليه ايدلوجياً وديناً من قبل تلك القوى، حتى وإن لبست رداء الديمقراطية ورفعت شعارات المساواة والحرية والدولة المدنية الحديثة. ولاعتقادها وإصرارها على التمسك به .. مارست جماعة (الحوثي) وحلفائها بمليشياتها المسلحة منذُ فترة طويلة ادوار متناوبة لاستهداف وإعاقة هذا الحلم و تدمير مؤسسات الدولة التي ينظر إليها اليمنيون كبوابة العبور للولوج منها لتأسيس الدولة المدنية، مستخدمة كل المناورات والمغالطات للانقضاض على هذا المشروع ، وتنصيب نفسها بديلاً عن مؤسسات الدولة بالقوة ، رافضه التخلي عن امتلاكها للأسلحة، والانخراط في العمل السياسي، كبقية التيارات السياسية في اليمن، ليتسنى لها بذلك تنفيذ كل اللاعيب القذرة ، الدموية، والمذهبية الدينية ، والسياسية، للاحتفاظ بطابعها المليشاوي المسلح، وحين توجه لها الانتقادات تدعي وتتظاهر بسلوكها الملتوي والمتغلب على أنها تمارس العمل السياسي، لمغالطة الشعب اليمني ودول الجوار والعالم أجمع على أنها حاملة المشروع الحضاري (الدولة المدنية الحديثة)، وانهُ لا ضرر في ان تبقى وتعمل بشقيها (المسلح والسياسي) على غرار مليشيات حزب الله في لبنان. ليكشف انقلابها المسلح الذي قامت به على الشرعية الدستورية ومؤسسة الرئاسة اليمنية، واستهدافها للرئيس عبدربه منصور هادي، الذي بدأته بارتكابها جريمة الإختطاف الإرهابية للدكتور احمد عوض بن مبارك مدير مكتب رئاسة الجمهورية، الأمين العام للحوار الوطني، عن وجهها الحقيقي الخفي بأنها جماعة لا تختلف كثيراً عن تلك التنظيمات الإرهابية التي ارتكبت نفس الجرائم للضغط والحصول على الفدية، التي جرمتها كل الديانات والمواثيق الدولية والقرارات الأممية، وكان آخرها قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2140) ، الذي يؤكد على قراره(2133) بمنع استفادة الجهات الخاطفة من مبلغ أي فدية أو من التنازلات السياسية التي تسعى الوصول إليها أو تحقيقها عن طريق المساومة بجرائم الاختطاف وتأمين الافراج عن الرهائن بشكل آمن. فإذا نظرنا لنتائج جريمة الانقلاب المسلح على الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي والمؤسسات الدستورية، واقتحام المعسكرات والحماية الرئاسية ونهب اسلحتها وموجوداتها، من المنظور العام، فأنها تعد إستهدافاً للشعب اليمني ومقدراته، وخرقاً واضحاً لاتفاقات اليمنيين وتفاهماتهم السابقة، واغتصابا لإرادة الشعب بقوة السلاح، وتعد سابقة خطيرة في مسار التسوية في اليمن، وتحد صارخ وواضح في وجه اليمنيين والمجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي وقراراته التي تجرم على التيارات والجماعات التعبير عن وجهة نظرها السياسية بقوة السلاح والعنف، لا يمكن أن تمحو آثارها أي تنازلات أو التزامات بالتخلي عن هذا السلوك أو تعديل مواقفها السياسية مستقبلاً، ولن تجدي نفعاً محاولاتها لإتباع أساليب جديدة في التكتيك السياسي والمناورة بإفتعال الخلافات الصورية بين أجنحتها وقياداتها، لكسب تعاطف القوى السياسية والمجتمع اليمني، لا سيما بعد ان أصبحت لا تهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي في اليمن فحسب بل انها تشكل خطرا دائما على دول الجوار والمنطقة. أما إذا نظرنا لتأثيرها على الجنوبيين، بالإضافة إلى ما تتضمنه خطابات قادتها من تهديد وعد ووعيد، واستخفاف بالجنوبيين، والانقلاب على أدنى حلول للقضية الجنوبية كانت مطروحة أمامهم من الأخوة في الشمال خاصة مناطق (الوسط)، في اعتقادي أن ما يحدث قد فوت الفرصة على إمكانية القبول بها، ويثبت عدم جدوى أي خيارات للحلول كان يراهن بعض الجنوبيين بالحلول الممكنة مثل الفيدرالية الثنائية المزمنة، وعليهم اليوم التنبه للمطبات القادمة ومغادرة مربع الفيدرالية بكل أشكالها، والانتقال إلى خيارات منطقية أدناها الكونفدرالية، بعد أن كشفت جماعة (الحوثي) عن نواياها تجاه شعب الجنوب، وإنها لا تزال تستمد أدواتها من ماضي حكمها، وتمارس نفس أدواته السابقة بتطبيق نظام (الرهائن) الذي كان أبرز أدوات الإخضاع السياسي لنظام الإمامة في اليمن، لكن نرى جماعة (الحوثي) تمارسه اليوم في قالب إرهابي حديث يكشف بأنها تنحر الدولة ووئد حلم اليمنيين على طريقة إرهاب السيد.