القوى السياسية التي لا تعترف بأخطائها ومن ثم تقدم الاعتذار عن تلك الأخطاء سواء كان بحق الشعب أو بحق شركائها وخصومها في المشهد السياسي لا يمكن أن تقدم شيء من أجل الوطن ولن تساعد في إنجاز أي مشروع وطني حقيقي. إذ إن عدم الاعتراف بالأخطاء يعني استعداد هذه القوى لتكرارها في أية لحظة، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية لهذا البلد. فالمكابرة التي تصر عليها بعض القوى السياسية المشاركة في "نثرة" 2011 لم تجلب لهم مستقبلا أفضل ولن تساعد على الشراكة من أجل الحفاظ على بلدنا من الانزلاق أكثر في هذا المستنقع. وبرغم ما لحق هذه القوى من خسائر سواء على مستوى سمعتها وشعبيتها التي انحدرت إلى أدنى مستوياتها نتيجة لتلك الأخطاء والممارسات أو على مستوى نفوذها وإمكانياتها وممتلكاتها، إلا أنها ما تزال تكابر بل وتدافع عن أخطاء وكوارث ارتكبتها أو شاركت في صنعها بحق هذا الوطن. أنا أتحدث هنا عن الخسائر التي لحقت بهذه الأحزاب والتجمعات أما الخسائر التي نالها البلد جراء تلك الأعمال الحمقاء فهي أشد وأنكأ، وما نعيشه اليوم من تخبط في متاهة لا متناهية ليست سوى نتيجة من نتائج ما قدمه خصوم الأمس في حربهم القذرة على كرسي السلطة. حسنا ... ربما ستتفق الأحزاب أو التجمعات والتكتلات السياسية _رغم الإعلان الدستوري الذي لخبط كل الأوراق_ على أي مصوغ جديد يضاف إلى جوار المبادرة الخليجية ونتائج مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة، لكن في ظل عدم اعتراف كل حزب أو جماعة بالأخطاء التي ارتكبها في حق نفسه وفي حق منافسيه وشركائه وفي حق الوطن، لن تكون هناك أرضية سليمة صالحة لاستيعاب بنود هذه الاتفاقيات والمبادرات والإعلانات والبناء عليها، وربما لن يكون مصير الخطوات الجديدة التي تعزم بعض الأطراف تنفيذها، ولو من طرف واحد، أفضل من أخواتها الكبار السابقات. لا أحب التشاؤم ولكني أحاول الاقتراب من نتائج المعطيات المعروفة والمتداولة. سنظل نحلم بيمن خالٍ من الفساد والمليشيات والصراع والإرهاب حتى يبلغ وحل هذه القوى الحناجر. سنظل نحلم بيمن العدالة والمساواة والحرية والكرامة حتى آخر نفس، لأن اليأس ليس سوى موت مبكر لن نمكنه منا.