في الظروف الطبيعية، يمكن تصوّر أن أكبر شيخ في مأرب سيغير حساباته ونمط حياته إرادياً في حال تأكد له أن الاستثمار في الخدمات السياحية أفضل له وأكثر دخلا وأمناً من خطف السياح. كما يمكن تصور أن أشرس مقاتل في مأرب سيبيع سلاحه ويفرش بسطة لبيع التماثيل المقلدة للسياح في حال شعر أن هذه البسطة السياحية تؤمن له حياة أكثر دخلا ورفاهية مما تفعل البندقية. الثقافة دائماً انعكاس لنمط الاقتصاد السائد، ومشكلة مأرب الحقيقية كمناطق أخرى أنها عالقة في نمط عيش صار غريبا عن الحياة ولا ينتمي إلى العصر. هذا ليس ذنبها بل ذنب السلطات اليمنية المتعاقبة طوال قرن كامل، كان بإمكان أيٍّ منها محاولة تغيير نمط الحياة الاقتصادي لهذه المنطقة، ودمجه في نمط حياة اقتصادي حديث وملائم.. تقريباً كما فعل السلطان محمد علي، بالنسبة للبدو الرحل في مصر، كان هؤلاء، بنمط عيشهم القبلي البدوي يسببون مشاكل لا تنتهي للسلطات المصرية المتعاقبة.. وخلال عهده "1805 : 1848م" تمكن مؤسس مصر الحديثة هذا من دمجهم في المجتمع الزراعي المصري، ليجفف مشاكلهم من حيث المنابع وإلى الأبد. وهذا ما سيحدث في مأرب ولو بعد حين، إنهم يدعونها إلى النار وندعوها للخروج من وضعها القلق المقلق الراهن إلى ما تؤهلها له كل العوامل الطبيعية والتاريخية، كواسطة عقد المدن اليمنية.