هو مجرد تعويض عن لقاء لم يتم في ايلول الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، ما أثار يومها استياء الأميركيين ذوي الاصول أو الميول اللبنانية، سواء في الادارة أو الكونغرس أو ما يتصل بهما، والذين كان بعضهم يعتقد أن المهمة الخارجية الأولى للرئيس ميشال سليمان هي في واشنطن.. وهو اعتقاد موروث من عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وغير محفوظ في عهد خلفه باراك أوباما. تلك هي الخلفية الرئيسية للقاء في البيت الأبيض بين الرئيسين سليمان وأوباما، وتقريبا من دون جدول أعمال محدد، سوى الاحتفاء بالضيف اللبناني الذي لا يزال يمثل رمز الجمهورية المستعادة التي اشتغلت عليها إدارة بوش طوال ثماني سنوات، حتى تمكنت من فك ارتباطها القديم مع سوريا، وحققت ما اعتبر يوماً ما نجاحها الوحيد في الشرق الاوسط، الذي كان ثمنه اللبناني باهظاً، ويشمل التفويض الأميركي لإسرائيل بتدمير لبنان في حرب العام 2006. أرادت واشنطن من ذلك اللقاء أن تتباهى ضمناً بأنها ما زالت تحافظ على ذلك الإنجاز، وتحميه بالإعلان المتكرر والممل عن أن أي تسوية بينها وبين سوريا لن تكون على حساب لبنان، وسعت أيضا الى متابعة نتائج حرب العام 2006، لا سيما منها البند المتعلق بنزع سلاح حزب الله، والذي طرحه الرئيس أوباما بطريقة تشبه الإهانة للرئيس سليمان واللبنانيين عموما عندما تحدث عن تهريب السلاح على نطاق واسع الى لبنان، الذي بدا حسب التعريف الأميركي دولة سائبة بلا حدود.. ما يشكل مصدر قلق لأميركا ومصدر تهديد لإسرائيل! وبدلا من أن يكون اللقاء فرصة لتجديد الاعتراف الأميركي بالشرعية اللبنانية، وتحديد أشكال الدعم لمؤسساتها الخارجة للتو من حقبة سورية مريرة، وضع الوفد اللبناني في قفص الاتهام أو على الأقل الشكوى، وخرج على الأرجح بانطباع وحيد هو أن لبنان ما زال قيد الاختبار، لا سيما عندما ألقى الرئيس الأميركي على مسامعه فصولا من نقاط الاختلاف العديدة بين البلدين.. التي لا يمكن استخدامها في بيروت ولا يمكن استثمارها في دمشق، لا سيما تلك التي تشير الى أن واشنطن تريد الفصل بين المسارين اللبناني والسوري في المفاوضات مع إسرائيل، وهي لذلك أرسلت مبعوثها جورج ميتشل أكثر من مرة الى العاصمة اللبنانية. الحسنة الوحيدة من اللقاء هي أن الجانب الأميركي لم يطرح بجدية فكرة تقديم المزيد من المساعدات للجيش اللبناني، أو لعله سحبها من جدول الأعمال الرئاسي، وأحال الأمر الى زيارة يفترض أن يقوم بها وفد عسكري لبناني الى واشنطن العام المقبل. وهو ما لن يعترض عليه أحد من اللبنانيين، بمن فيهم حزب الله نفسه، برغم أن حصول لبنان على أسلحة أميركية، كان في الماضي وسيبقى في المستقبل واحدا من أسوأ الخيارات السياسية التي اعتمدتها عهود لبنانية عديدة، سقطت لأنها لم تحدد المصالح الوطنية المشتركة بين البلدين.. التي كانت ولا تزال عابرة ومحدودة جدا.