حذّر خبراء اقتصاد من استمرار الصراع السياسي القائم في اليمن، نظراً إلى انعكاساته السلبية على القطاعات الاقتصادية المختلفة ومنها النفط والمصارف والاستثمار. وأشار مشاركون في ندوة «الاستقرار السياسي وأثره في الاقتصاد اليمني» التي نظّمها «مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي» في صنعاء، إلى أن حال الركود التي تشهدها قطاعات اقتصادية مختلفة وصلت إلى 50 في المئة، وبعضها تجاوز 70 في المئة، ما يُنذر بإفلاس العديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة وفقدان الكثير من العاملين لوظائفهم. وطالب المشاركون بسرعة توصل الأطراف السياسية إلى حلول تنهي الأزمة في اليمن للحؤول دون انهيار الاقتصاد. وأشار رئيس «مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي» مصطفى نصر في تصريح إلى «الحياة»، إلى الآثار السلبية لغياب الاستقرار السياسي والأمني على قطاع النفط، إذ تراجعت إيرادات اليمن منه بنسبة تفوق 50 في المئة منذ عام 2011 حتى نهاية العام الماضي. وقال إن أربع شركات نفط عالمية أوقفت إنتاجها بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المضّطربة في اليمن، ما سينتج منه آثار سلبية قصيرة ومتوسّطة وطويلة المدى. ولفت نصر إلى توقف عمليات الاستكشاف والتطوير في القطاعات النفطية المختلفة، محذّراً من الدخول في صراع مسلّح لأنه سيفضي إلى توقف الصادرات من النفط والغاز. وأوضح أن الندوة «تهدف إلى دق ناقوس الخطر حول خطورة الأوضاع الاقتصادية الناتجة من الصراع السياسي في البلد»، معبّراً عن أسفه من أن المعاناة المعيشية للمواطنين ليست ضمن جدول اهتمامات الحوارات السياسية القائمة. وأكد أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، صلاح المقطري، أن القطاع المصرفي تأثّر بالمخاوف والوضع السياسي الحالي، وتمثّل ذلك في احتفاظ المصارف بسيولة كبيرة جداً، وهذا يعني أن المصارف الإسلامية والتجارية لم تحقق الهدف الذي أُنشئت من أجله لاستقطاب المدّخرات وإعادة استثمارها. وأشار إلى مظاهر تأثير غياب الاستقرار السياسي، إذ اتّجه كثير من المودعين لكسر ودائعهم خوفاً من تراجع الريال اليمني أمام العملات الأخرى، مؤكداً أن ذلك يؤثّر في نشاطات اقتصادية كثيرة خصوصاً مشاريع صغار المستثمرين لأنهم لا يعتمدون على الودائع الكبيرة بالعملات الأجنبية في المصارف الخارجية. وأضاف: «إن الحديث عن أننا لن نتأثّر سواء بغياب الحكومة أو رحيل السفارات هو كلام سطحي، لأنه خلال ستة أشهر ستبدأ النتائج السلبية المتمثّلة في زيادة معدلات البطالة والتضخّم وغيرها، في الظهور». بدوره استعرض أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة صنعاء، عدنان الصنوي، المؤشرات السلبية التي نتجت من الصراعات في اليمن وأثّرت مباشرة في الاستثمار، إذ قال إن اليمن لم يشهد استقراراً منذ 20 سنة، مؤكداً أن الاستقرار السياسي والأمني هو المحدّد الرئيس للاستثمارات في أي بلد. وأشار إلى تراجع حجم الاستثمارات بنسبة 92 في المئة، إذ تراجع عدد المشاريع الاستثمارية من 272 مشروعاً عام 2009 إلى 142 في 2013، ثم 104 مشاريع العام الماضي. كما أن المشاريع التي بدأت النشاط أو التي قيد التنفيذ تراجعت بنحو 400 في المئة عام 2013، مقارنةً بها في 2009. وطالب بضرورة تهيئة الأجواء السياسية من خلال إيجاد استقرار سياسي وإقامة علاقات اقتصادية متبادلة متينة وصادقة، كشرط ضروري لاستقطاب الاستثمارات لا سيّما الخارجية، التي يراهن عليها كثيراً في امتصاص أعداد كبيرة من الأيدي العاملة. ونبّه رئيس قطاع الترويج في الهيئة العامة للاستثمار، محمد أحمد حسين، إلى أهمية التركيز على الظواهر الجديدة المرتبطة بالقطاع المصرفي ومنها تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مؤكداً أن اليمن سيدخل القائمة السوداء مرة أخرى في حال لم تهتم الدولة، وستوضع إجراءات معيقة للنشاط المصرفي وتعاملاته الخارجية. أما رئيس «مركز الأمل للشفافية»، سعيد عبد المؤمن، فقد أكد أن الاستثمارات بدأت تتجه نحو السلبية منذ عام 2006، إذ نقل كثير من الشركات أمواله إلى الخارج. وقال: «إذا لم يستطع السياسيون أن يحقّقوا الاستقرار الأمني والاقتصادي، ويعيدوا بناء الاقتصاد، فإننا نطالب بتفكيك الدولة وهذا ليس عيباً، وهو أفضل من أن يكون لدينا مركز مقدّس في عدن أو مركز مقدّس في صنعاء، لأن 90 في المئة من المواطنين يهمهم الاقتصاد ولا تهمهم السياسة». ودعا عضو اتّحاد البرلمانيين اليمنيين عبد الباسط المشولي، إلى أن يتولّى المصرف المركزي اليمني في هذه المرحلة الحرجة إدارة السياسة المالية والنقدية. وأشار إلى أن الأزمة وصلت إلى حياة المواطنين، إذ زادت نسبة البطالة وبدأ كثير من الشركات بتسريح موظّفين. أما مستشار وزير الصناعة والتجارة، جميل الأديمي، فاعتبر أن مشكلة البلد تكمن في غياب دولة بالمعنى الحقيقي، وهذه مشكلة يعاني منها اليمن منذ عقود. وأشار رئيس «مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، مرزوق الصلوي، إلى الآثار السلبية للأزمة السياسية على الاقتصاد، لافتاً إلى مخاوف تراجع العملة اليمنية أمام الدولار، وحال الركود الاقتصادي وغيرها.