حذر خبراء اقتصاد سعوديون من تنامي مخاطر الأزمة السياسية بين المملكة ومصر، لأن ذلك من شأنه أن يلقى بظلال أكبر على الوضع الاقتصادي المصري من جهة، ووضع العمالة المصرية ووضع الاستثمارات السعودية في مصر من جهة أخرى، مؤكدين أهمية احتواء الأزمة، ورفض التصعيد الشعبي، وتدارك الآثار الكبيرة على الاقتصاد المصري، ومن ذلك بحث المستثمرين عن جهات أخرى لاستثماراتهم وتضرر العمالة المصرية من ذلك. وقال الخبير الاقتصادي د. فهد بن جمعة، فى تصريحات ل"العربية. نت"، إن حجم الاستثمارات بين البلدين، الذي لا يقل عن 15 مليار دولار، سيتأثر بشكل مباشر وغير مباشر، مضيفا أن "حوالي مليوني مصري يعملون في السعودية قد يتضررون أيضاً بشكل أو بآخر من تبعات الأزمة". وأشار جمعة إلى أنه من غير المستبعد أن يؤثر الأمر على التعامل بين العمالة المصرية داخل السعودية والشركات الوطنية التي تعمل بها، وربما يصل الأمر إلى توجه الشركات الوطنية ورجال الأعمال للتركيز على الاستفادة من خدمات عمالة غير مصرية، لافتاَ إلى أنه من غير المتوقع إيقاف التأشيرات لفترة طويلة، مشيرا إلى أنه "يتوقع احتواء الأزمة خلال أيام، وسيحدث امتصاص، وعلى الحكومة المصرية القيام بذلك، خصوصا فى ظل وجود قلة لا تمثل الشعب المصري تسعى لتوسيع نطاق الفوضى". وحذر د. جمعة، مجدداً، من احتمالية المزيد من الزهد من المستثمرين السعوديين والخليجيين والأجانب في مصر لما حدث، خصوصا عندما يرون أن مصالحهم مهددة فى ظل الفوضى والاضطرابات، وأنه لا يوجد من يضمن عدم تجدد ذلك". واعتبر جمعة أنه "حتى لو عادت العلاقات فأتوقع أن مستوى الاستثمار السعودي في مصر سيتقلص ولن تكون مثل السابق، سيكون هناك تفكير بين العائد على الاستثمار وبين معدل المخاطرة، وأيضا داخل السعودية سوف تكون هناك موازنة بين المنافع الاستثمارية داخل البلد وبين الاستقرار العمالي في سوق العمل". وأضاف، أن ما أخشاه أن الأبعاد قد تصل حتى للتأثير على دعم القروض لمصر بشكل غير مباشر، وحول وضع الاستثمارات السعودية في مصر، فيرى جمعة أن "إشكالية الاستثمارات السعودية في مصر أصلاً في دوامة منذ النظام السابق، مثل التقييم الذي أعيد النظر فيه حول وضع الأراضي، والقول بأنها أقيمت بشكل أقل مما تستحق، وعرضت تسويات لم يرتح لها المستثمرون، وستكون هناك تأثيرات حتما". أما الخبير فضل البوعينين، فيؤكد أن أهم التداعيات ستكون في تأثر تدفق العمالة المصرية إلى الأراضي السعودية، مؤكدا أنه "حتى لو فتحت السفارة والقنصليات قريبا فلن يخلو الأمر من تأثير سلبي، خصوصا على حجم العمالة مستقبلا"، مضيفا "أستبعد أية تأثيرات على وضع العمالة الموجودة حاليا في السعودية، والتي تصل لقرابة مليوني عامل، ولا حتى على علاقتهم بالكفيل، فطوال الأزمات المتعددة مع دول مختلفة لم تتغير العلاقة الإنسانية بين الكفيل السعودي والعمالة التي تخدم في أنشطته التجارية". واتفق البوعينين مع د. جمعة فى أن العقود الاستثمارية السعودية فى مصر تأثرت أصلاً قبل الأزمة مع النظام السابق، مع أنها وقعت معه وسرت عليها الاتفاقيات الدولية، وقال، "أعتقد منذ ذلك اليوم سحبت الكثير من الاستثمارات الخليجية من السوق المصرية، وتوقف المستثمرون عن ضخ أموال جديدة، فى ظل رؤيتهم للوضع والاضطرابات، خصوصا مع الثورة، ولأن الاستثمارات تتطلب الاستقرار السياسي والتشريعي والقانوني". ويرى البوعينين أن "المستثمر في النهاية يرتبط بفكرين، وطني واستثماري، وكلا الاثنين يؤثران في قراره"، مضيفا "في مصر تحديدا هناك عوامل أساسية هي: القطاع السياحي، وتحويلات العمالة في خارج مصر إليها، والمساعدات الدولية، والسعودية من الدول المؤثرة فى احتواء العمالة المصرية والمساعدات المباشرة، لذا يجب سرعة احتواء الأمر".