- نشرت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية اليوم الاربعاء تقريراً عن الصراع في محافظة ابين اليمنية بين الجيش وميليشيا "انصار الشريعة" التي هي التسمية التي يتخذها تنظيم القاعدة في اليمن تقول فيه ان "انصار الشريعة" انسحبوا من جنوب اليمن قبل ايام ولكن ليس جميع الناس مسرورين برؤية قوات الجيش. وهنا نص التقرير: "كانت ذراعا صالح الجميلي، 28 عاما، ممتدتين، وقد ربط علق على أربعة خطاطيف معدنية صدئة، وتدلى جسمه من عمود معدني مثبت على عامود انارة في ملعب رياضي. وبينما تساقط دمه على التربة أسفل العمود وانسلت الحياة من جسمه، كان اطفال يلعبون كرة القدم في ظل جثته. في جعار، وهي بلدة يمنية جنوبية أعاد المقاتلون الإسلاميون الذين انسحبوا منها تسميتها بإمارة وقار، واحتفظوا بها منذ آذار (مارس) من العام الماضي. واعتبر صلبه يوم 12 شباط (فبراير) تنفيذا للعدالة. وكان أنصار الشريعة قد اتهموه قبل خمسة اشهر بأنه جاسوس للحكومة اليمنية وبتسهيل غارات الطائرات الأميركية من دون طيار. وكانت عقوبته قاسية. وبعد ثلاثة أيام دفع الإسلاميون ما يعادل 120 جنها استرلينيا لأحد السكان لإنزال الجثة. ونقلوها لمسافة 10 أميال جنوبا إلى زنجبار- وهي بلدة مهجورة بعد اشهر من القصف- والقوا بها في الشارع لتأكلها الكلاب. وما تزال الخطاطيف في ملعب جعار الرياضي معلقة من عمود معدني بجوار ملعب كرة السلة، وهي تذكار يبعث على القشعريرة لحكم "انصار الشريعة" الذي استمر 15 شهرا. وما تزال رايات الإسلاميين السوداء تخفق في الشارع الرئيسي، والدبابات التي استولوا عليها من الجيش متوقفة عند طرف المدينة، غير قادرة على التحرك بسبب عدم وجود وقود فيها. ولاكثر من سنة سيطر الإسلاميون على خمس بلدات في جنوبي اليمن. وعندما انتشرت الاحتجاجات على نظام علي عبد الله صالح في أرجاء اليمن زحف "أنصار الشريعة" على مدن محافظة أبين الساحلية في الجنوب من دون أن يواجهوا مقاومة تذكر. ويتهم المعارضون نظام الرئيس السابق بالسماح للإرهابيين بإقامة معقل لنشر المخاوف لدى رعاته الغربيين، وتحقيق نبوءته بأنه في غيابه عن السلطة سيجتاح الإسلاميون البلاد. وقال حديجي صبيحي إمام المسجد الرئيسي في جعار: "ألف في المائة أن صالح فعل ذلك عن عمد". وبعد أيام من تحرير المدينة عادت الحياة هناك إلى طبيعتها تقريبا. واستؤنفت مبيعات القات، المخدر الشعبي اليمني الخفيف، التي حظرها الإسلاميون. وبعد اتفاق توسطت فيه القبائل يوم أمس الاول ادعى الجيش اليمني أنه سيطر على آخر معاقل الإسلاميين، وهي بلدة عزان في محافظة شبوة المجاورة. وأفاد شهود عن رؤيتهم إسلاميين هاربين في الجبال. لكن زنجبار العاصمة الإقليمية لمحافظة أبين، وهي الآن تحت سيطرة المقاتلين القبليين المعروفين ب "اللجان الشعبية"، تظل مدينة اشباح. وهرب سكانها وعددهم 25 ألفا بعد تعرضها لقصف جوي سعودي ويمني، وغارات بطائرات أميركية غير مأهولة. ولقب الزوار المدينة ب "الفلوجة" على اسم المدينة التي دمرها الغزو الاميركي للعراق. ولا يوجد أي منزل غير مدمر. وكان عصام ربعوي، 42 عاما، واحدا من اواخر الذين غادروا البلدة بعد أربعة اشهر من القتال المستمر والغارات الجوية. وقال: "كان ذلك شبيها بفيلم عنف، فيلم من هوليوود". وكان يتجول بين أنقاض بيته. زوجته وأولاده الستة يعيشون في مدرسة استخدمت مأوى للاجئين في عدن على بعد 30 ميلا. ومثل كثيرين من سكان زنجبار، لا يستطيع ربعوي تحمل نفقات إعادة بناء بيته ولا يتوقع مساعدة من الحكومة. وأضاف: "لا يستطيعون دفع رواتب الجنود. وإذا عاد السكان يمكنني نصب خيمة والعيش هنا. ولكن لا يوجد طعام، ولا سوق، ولا ماء ولا كهرباء. هذا ليس مكانا تعيش فيه عائلتي". في جعار لا أحد يظهر حزنه على صالح الجميلي، لكن بعضهم يأسف على مغادرة الإسلاميين. وقال فؤاد زيد قاسم، وهو محام من جعار أعرب عن اسفه لرحيل الإسلاميين الأسبوع الماضي: "كان الجميلي جاسوسا. أنا لا أقول أنهم كانوا ملائكة لكنهم اهتموا بالناس وهو ما لم تفعله الحكومة مطلقا. أخذوا كل المتسولين وأعطوهم معاشات وزودوهم بالطعام. وكان الأمن كاملا وشاملا هنا للمرة الاولى".