النظر إلى ماحدث في اليمن من اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية وعسكرية بأنه عملية ثورية وظاهرة طبيعية مواجهة بين قوى الثورة والقوى المضادة للثورة ينكر الاعتراف بالآخر وبحقه في الحياة والحرية والتعدد والتنوع والتنافس والمشاركة بالسلطة والثروة وفيما يمكن أن نطلق عليه الشراكة الوطنية في المسئولية ومايترتب عن الربح والخسارة, ومعنى ذلك أن ماحدث من الاضطرابات عليها من الاقتناع بالربح وبالخسارة, والاستعداد لتقديم فضيلة الاعتراف بالآخر على رذيلة عدم الاعتراف بالآخر وبما يؤدي إلى عدم تكرار الأزمة السياسية للماضي لأن سلبياتها كانت أكثر من إيجابياتها إذا جاز لنا القول إن فيها بعض الإيجابيات. أقول ذلك وأقصد به أن عدم الاعتراف بالآخر وبحقه في الشراكة الوطنية هو علة ماحدث من الاضطرابات الصاخبة والغاضبة التي نغصت حياة الفقراء والأغنياء وخلقت هوة سحيقة وعميقة وفاصلة بين من هم في موقع ماتحت خط الغنى وبين من هم في الموقع غير الطبيعي لخط ماتحت الفقراء مخلفة انعدام الطبقة الوسطى وتحويلها إلى طبقة فقيرة عاجزة ومشلولة القدرة والفاعلية الديمقراطية ومايترتب عليها من الفاعلية الجدلية والثورية المحركة للتغيير والتطور في شتى المجالات. أعود فأقول إن ماحدث في الماضي من التصرفات الفوضوية والمجنونة التي تعكس الحقد الأعمى لمن كانوا في المعارضة على من كانوا في الحكم يمثلون الحكومة في وقت قد شهدت فيه الأزمة مبادرات أسفرت عن مقاربات وطنية وقومية ودولية تموضعت في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقراري مجلس الأمن رقم 2014 و2051 الملزمة، مهدت الطريق لتحقيق التسوية السياسية ومانتج عنها من تشكيل حكومة الوفاق الوطني وإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة وتشكيل اللجنة العسكرية واتخاذ سلسلة من التعيينات والقرارات السياسية والعسكرية الداعمة للتسوية السياسية مفسحة المجال للتعاون الذي يؤدي إلى تهدئة التوترات السياسية والأمنية والحصول على المساعدات ذات الصلة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية وصولاً إلى المرحلة الثانية ذات الصلة بمؤتمر الحوار الوطني الذي سيقف أمام مانحن بحاجة إليه من الإصلاحات السياسية والدستورية والقانونية والمصالحة الوطنية بما يؤدي إلى رفع الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات وإلى حل القضية الجنوبية والمشكلة الحوثية وإعادة الهيكلة العسكرية وصولاً إلى إزالة كافة الأسباب التي تؤدي إلى التوترات السياسية والأمنية وتكرار الأزمات الدورية وماتنذر به من الصراعات والنزاعات والحروب الأهلية. ومعنى ذلك أن المرحلة الانتقالية الثانية مثلها مثل المرحلة الأولى مزمنة بسلسلة من المنجزات والمهام العملية في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية المنصوص عليها في المبادرات والآليات والقرارات الدولية وحتى يتحقق الهدف من تلك المبادرات والآليات والقرارات الدولية لابد من حركة سريعة وطليقة تقوم على أساس التعاون والتكامل والتكافل والتفاعل بين الجميع بوحي من الاستعداد المطلق للاحتكام لفضيلة الاعتراف بالآخر وبحقه في المشاركة والمنافسة في إعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المواطنة المتساوية وقدسية النظام وسيادة القانون وقدر معقول ومقبول من المصداقية والموضوعية والثقة بين كافة القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة التي تمثل الأغلبية الساحقة من جماهير الشعب اليمني صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة والوحدة والديمقراطية وحرية الصحافة وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الدائمة والمستمرة والهادفة إلى ترسيخ الدعائم القوية للوحدة الوطنية وماتستوجبه التنمية من الأمن والاستقرار والسلام الاجتماعي والكفاية الاقتصادية. أخلص من ذلك إلى القول إنه لابديل عن فضيلة الاعتراف بالآخر والتعامل والتعاون معه بأي حال من الأحوال لأن الوطن ملك الجميع.